مجموعة السبع: الحد الأدنى لضرائب الشركات

بالقدر الذي يشكل فيه إعلان وزراء مالية دول مجموعة السبع الكبرى قبل أيام عن التزام دولهم بفرض ضرائب على أرباح الشركات الكبرى بحدها الأدنى 15 بالمائة خطوة إيجابية، إلا أن هذا المستوى من الضرائب ما يزال أقل من المأمول لإصلاح النظم الضريبية العالمية. يأتي ذلك في سياق مطالبات ممتدة من قبل العديد من الجهات المدنية والنقابية والمعنيين بمكافحة التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية ومحاربة الفقر، بفرض ضرائب عادلة على أرباح الشركات الكبرى والمتعددة الجنسية، وإعادة توزيعها على مختلف أشكال الحمايات الاجتماعية. تتشكل مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان وإيطاليا وكندا، وأنشئت في العام 1976، ويجتمع وزراء ماليتها بشكل مستمر لمناقشة السياسات الاقتصادية العالمية التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي. ورغم أن الدول المكونة لهذه المجموعة لا تعبر عن الواقع الحالي للدول الصناعية الكبرى في العالم، إلا أنها تشكل قوة اقتصادية كبرى لا يستهان بها في تشكيل السياسات الاقتصادية العالمية، حيث تكونت من الدول الرأسمالية مقابل الدول الاشتراكية في خضم الحرب الباردة بين المعسكرين الكبيرين آنذاك. وبالرغم من أن هذه الخطوة تشكل خطوة تقدمية نحو وضع حد للمنافسة غير العادلة بين الدول لتخفيض الضرائب على أرباح الشركات الكبرى والمتعددة الجنسية، وعلى وجه الخصوص شركات تكنولوجيا المعلومات، إلا أن المأمول لتحقيق المزيد من العدالة الضريبية، يتطلب رفع هذه النسبة أكثر من ذلك، وكانت هنالك مطالبات من قبل العديد من الأطراف الحقوقية والتنموية المدنية بفرض نسبة حدها الأدنى 25 %. تأتي هذه المطالبات كون مستويات التفاوت الاجتماعي في العالم وصلت الى مستويات كبيرة وخطيرة جدا، حيث تتركز الثروات بيد أشخاص محدودين جدا على حساب الغالبية الكبيرة من ثروة البشرية جمعاء. إذ إنه مطلوب المزيد من الضرائب على أرباح هذه الشركات لتجسير الفجوة في حالة اللامساواة الاقتصادية داخل الدول ذاتها من جانب، وبين الدول الكبيرة من جانب والصغيرة من جانب آخر. وليس غريبا أن تعلن شركة عملاقة مثل (فيسبوك) عن ارتياحها لهذه الصفقة، فهي بالنهاية تخدم مصالح، ففي الوقت الذي تحقق فيه أرباحا طائلة، مطلوب منها أن تدفع فقط 15 بالمائة منها الى حكومات الدول التي تعمل فيها، وهذا ينطبق على مئات الشركات الكبرى الأخرى. لن تسهم الصفقة التي تم إبرامها قبل أيام في اجتماع وزراء مالية هذه المجموعة في تقليص حقيقي في مستويات التفاوت واللامساواة الاقتصادية، الى جانب أنها ما تزال تعطي مساحة للمنافسة على ملاذات ضريبية بين الدول وإنشاء المزيد من هذه الملاذات. المطلوب استمرار العمل والجهود من قبل الدول الفقيرة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية من أجل رفع هذه النسبة الى مستويات أعلى، لتضييق الخناق على الملاذات الضريبية من جهة، ولتمكين الدول من الحصول على المزيد من الإيرادات الضريبية لإنفاقها بشكل عادل على الحمايات الاجتماعية المختلفة مثل التعليم والرعاية الصحية وغيرها والتي تشكل جوهر وظائف الدول.اضافة اعلان