محادثات تونس تجلب الأمل بإنهاء الصراع في ليبيا

تقرير خاص - (أحوال تركية) 10/11/2020

تونس - جمعت محادثات الحوار الليبي التي بدأت في تونس خمسة وسبعين مشاركاً بين ممثلين عن البرلمانين وشخصيات سياسية، والذين يجتمعون بهدف الوصول الى حلول توحد المؤسسات السياسية في البلاد، وتقر إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن لإنهاء الانقسامات والصراع المسلح الدائر منذ نحو عقد.اضافة اعلان
لماذا هذه المحادثات؟
يتنازع على السلطة في ليبيا طرفان، هما حكومة الوفاق الوطني في الغرب والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمدعومة من تركيا، وفي الطرف المقابل في الشرق هناك الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يحظى بدعم روسي.
وفي أعقاب فشل الهجوم الذي شنه حفتر في نيسان (أبريل) 2019 لانتزاع السلطة والسيطرة على العاصمة طرابلس، توقفت المعارك منذ حزيران (يونيو). وبذلك، لم تتمكن محاولات الحل العسكري بين طرفي النزاع من تحقيق نصر ميداني واضح لأحدهما، ولذلك كان من الضروري العودة الى طاولة المفاوضات السياسية بدعم من الأمم المتحدة.
وعلى هذه الخلفية، كان توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي تمهيداً لعودة إنتاج النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد البلد بشكل كامل.
يرى المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا، غسان سلامة، أنه "لم تكن الظروف مناسبة بهذا الشكل" للتوصل إلى تفاهم في أي وقت في السابق. بينما يرى الباحث في الشأن الليبي، جلال حرشاوي، أن "الهدوء" الملحوظ على الأرض، "والناجم في جزء كبير منه عن الثنائي الروسي والتركي، يمثل أرضية عمل مهمّة للدبلوماسيين".
كيف سيتم تقسيم السلطة؟
قدمت الأمم المتحدة خلال محادثات تونس مسودة لخريطة طريق، والتي تقوم على أساس العمل على تشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أعضاء يكونون ممثلين عن مناطق الشرق والغرب والجنوب.
وأفاد مصدر من داخل المحادثات بأنه إذا كان رئيس المجلس الرئاسي من الشرق الليبي، فإن رئيس الحكومة سيكون من الغرب، والعكس صحيح أيضاً. ولتفادي فرضية رفض تصويت البرلمان على الحكومة خلال مدة زمنية محددة، فإن المفاوضين الخمسة والسبعين الذين حضروا في تونس يمكن أن يمنحوا الثقة للسلطة التنفيذية.
وبذلك، يكون الهدف من المفاوضات هو إقرار خريطة الطريق واختيار الشخصيات الأربع التي ستتولى الجهاز التنفيذي.
حسب أي أجندة؟
يعمل الوسطاء في المحادثات على تشكيل سلطة تنفيذية موحدة مع بداية العام 2021 ثم المرور إلى انتخابات بعد 18 شهرا كأقصى تقدير للوصول إلى إرساء مؤسسات سياسية بحلول 2022. ويمكن تمديد هذه الآجال في حال قرّر المجتمعون إقرار الدستور الجديد الذي بدأت صياغته منذ العام 2014، قبل الانتخابات.
وفي هذه الوضعية، سيكون التمديد مضبوطاً بفترة محددة كذلك.
ما الصعوبات في المحادثات؟
كان هناك تخوف من أن يسعى بعض المشاركين -وخاصة الممثلين عن البرلمانين- إلى حماية هذا الاستقرار النسبي بهدف الحفاظ على مقاعدهم. ويقول حرشاوي إن النواب "تم تعيينهم وفقاً لمسار عشوائي وغير شفاف وضعته الأمم المتحدة".
وكانت هناك مخاوف أيضاً من أن تصبح الحكومة الانتقالية دائمة، مثلما حصل في أعقاب مؤتمر الصخيرات والاتفاقات المنبثقة عنه في العام 2015. وكانت أفرزت لقاءات الصخيرات هي حكومة الوفاق الوطني التي لم يمنحها البرلمان الثقة، وهو ما نتج عنه انقسامات في السلطة.
وكان من المفترض أن تكون حكومة الوفاق مؤقتة، لكنها استمرت في نهاية المطاف "خمسة أعوام تقريباً" وفقا للباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا غرازيني.
شروط النجاح
سوف يبقى نجاح المحادثات رهناً بالدعم الذي يعبر عنه عرّابو الأطراف المتنازعة الخارجية؛ مصر والإمارات وروسيا بالنسبة لحفتر، وقطر وتركيا في الجانب الآخر مع حكومة الوفاق. ويرى الوسطاء في المحادثات أن القادة الحاليين والرافضين للتغيير قد يجبرون على ترك مناصبهم أمام الضغط الشعبي. لكن كل ذلك يبقى رهناً للدعم الخارجي.
تؤشر المشاركة المهمة للمثلين عن القوى البارزة في المشهد السياسي الليبي في تونس عن أهمية المحادثات وجديتها -والأهم من ذلك هو معرفة مواقف هذه الأطراف من الحلول المقترحة. وقال حرشاوي: "حالياً، تفكر أنقرة بالتأكيد في الحفاظ على موالين لتركيا على رأس وزارتي الدفاع والداخلية، وينطبق الشيء نفسه على المعسكر الآخر".
ومن جهته، قال سلامة إن روسيا وتركيا ترغبان في تجديد عقود مشاريع البنية التحتية التي وقعتاها مع القذافي، والتي تقدر بملايين الدولارات، بينما تحرص مصر على متابعة الوضع من أجل عمالتها.
ما التداعيات المحتملة للفشل؟
ساد انطباع بأن فرضية العودة الى النزاع المسلح في ليبيا ضعيفة، حسب الباحثة غرازيني، التي أكدت أن كل الليبيين من شتى المناطق والانتماءات "لا يرغبون البتة في العودة الى الحرب".
ونبه البعض الى أن الفشل سيضع البلاد في حالة من الفوضى الحقيقية، مع تعميق الانقسامات وانهيار المؤسسات التي بالكاد تقدم شيئاً للمواطنين من خدمات الحالة المدنية وإنتاج الكهرباء والماء.
ونبه الرئيس التونسي قيس سعيّد في افتتاح المحادثات، الاثنين، إلى ضرورة "أن تكون ليبيا موحدة"، لأن "التقسيم خطر على المنطقة وسيكون مقدمة مقنعة لتقسيم دول مجاورة أخرى". واستبعد سلامة التقسيم داخل البلاد بين منطقتي الشرق والغرب، لكنّ "أسوأ سيناريو ممكن هو أن نصل إلى صراع مجمّد"، حسب تعبيره.