محافظة: حل مشاكل الجامعات المالية برفع الرسوم أو زيادة الدعم

رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عزمي محافظة يتحدث لـ"الغد" في مكتبه الاسبوع الماضي -(تصوير: ساهر قدارة)
رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عزمي محافظة يتحدث لـ"الغد" في مكتبه الاسبوع الماضي -(تصوير: ساهر قدارة)

حاوره: تيسير النعيمات

عمان- دعا رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عزمي محافظة، إلى ان يصبح القبول في الجامعات الرسمية على الحقول او الكليات، بدلا من التخصصات، مؤكدا ان "لا علاقة بين القبول المباشر ورفع الرسوم على البرنامج العادي"، مع إقراره بصعوبة وضع الجامعات المالي.
وأقر محافظة في حوار مع "الغد"، ان التعليم السائد في الجامعات الأردنية، يعتمد على التلقين، مشيرا الى ان الجامعة اعادت النظر في خططها وبرامجها، لتطوير اساليب التعلم واشراك الطلبة وتطوير مهاراتهم وقدراتهم الشخصية والمهنية.
واشار الى الضعف الكبير في الجانب التطبيقي عند خريجي الجامعات، موضحا ان الجامعة تراجع تعليمات التدريب الميداني والاساليب الدراسية والخطط، لتزويد الخريجين بمهارات عملية وتنمية الجانب الشخصي والمعرفي لديهم.
وكشف ان هناك تفكيرا في الجامعة الاردنية باعتماد "سنة تحضيري للطلبة المقبولين، تتضمن علوما اساسية، تدرس متطلبات الجامعة للعلوم الانسانية والاجتماعية للطلبة ممن يدخلون هذه الكليات، اما الطلبة الذين يدخلون الكليات العلمية، فيدرسون مواد علمية مطلوبة ومتطلبات الجامعة".
 واكد محافظة ان خيارات معالجة الاوضاع المالية الصعبة للجامعات الرسمية محدودة "فإما زيادة الدعم الحكومي واما رفع الرسوم"، مشيرا إلى معاناة الجامعة الاردنية من الاعباء المالية لفرعها في العقبة، اذ تبلغ ايرادات الفرع 1.2 مليون دينار، بينما تبلغ كلفة الرواتب 2.5 مليون دينار، مبينا قبول 139 طالبا فقط في 5 كليات في الفرع العام الماضي.
واشار الى العجز الكبير في موازنات الجامعات الرسمية العام الماضي، اذ زاد على 180 مليون دينار، معتبرا بان نتائج امتحان الكفاءة الجامعية، لا تعكس الواقع الحقيقي لمخرجات الجامعات، وتتناقض مع نتائج التصنيفات الدولية.
وفيما يتعلق بأعداد الطلبة المقبولين في التخصصات الراكدة والمشبعة، أوضح محافظة "أن زيادة العدد أو نقصانه، ليست خيارا للجامعة، بل هي الحاجة للرسوم من أجل ديمومتها"، مقرا بأن ضبط امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) أسهم بتحسين نوعية الطلبة الملتحقين بالجامعات.

اضافة اعلان

وتاليا نص الحوار..

* حصلت الجامعة على نتائج متميزة في التصنيف الدولي (كيو اس) و"جوجل سكولر"، ماذا يعني لكم ذلك؟ وما هو سبب اختلاف هذه النتائج عن نتائج امتحان الكفاءة الجامعية، الذي حققت فيه الجامعة المرتبة الثامنة على المستوى العام؟.
- تصنيف "كيو اس ستارز" يعتمد على معايير عالمية ومدروسة، وحصلنا على اربع نجوم من اصل خمس، ما يشكل حافزا لنا لمزيد من العطاء والجهد حتى تتميز الجامعة لتصبح في مصاف الجامعات العالمية.
ومعايير هذا التصنيف تعتمد على التعليم الذي يأخذ بالاعتبار نسبة الطلبة الى الاساتذة، واتمام التعليم وعدد الاساتذة الحاصلين على درجة الدكتوراة والاستاذية، وعدد الطلبة الذين يكملون تعليمهم، ودرجة توظيف الخريجين، وهذا يعتمد ايضا على معايير فردية، منها سمعة خريجي الجامعة في سوق العمل، ونسبة توظيفهم والتطور المهني لهم.
إلى جانب البحث العلمي الذي يجب ان نعترف بضعفه، بسبب العدد الكبير من الابحاث لاعضاء هيئة التدريس المنشورة باللغة العربية وليس بالانجليزية المعتمدة في التصنيف الدولي، نلنا في هذا الجانب نجمتين، بينما نلنا في التوظيف والتعليم خمس نجوم من خمس.
اما في العالمية، فيحسب عدد الطلبة والاساتذة الاجانب، ففي التعاون في التعليم مع المؤسسات العالمية وعدد طلبة الجامعة الذين يدرسون مؤقتا في جامعات عالمية وعدد الطلبة من الجامعات العالمية الذين يدرسون في الجامعة، ينظر للتنوع العالمي، اذ لدينا 5100 طالب تقريبا من 84 جنسية مختلفة، تقدم لمختلف الطلبة من مختلف الاديان التسهيلات الدينية، وقد نلنا اربع نجوم، ونسعى للتحسن في هذا المجال، وفي المجالات التي حصلنا فيها على اقل من خمس نجوم، والحفاظ على مستوانا في التصنيفات التي حصلنا فيها على خمس نجوم.
وفيما يتعلق بالتجهيزات والمرافق المساندة، حصلت الجامعة على ثلاث نجوم، وفي الابتكار نالت خمس نجوم، وبدأنا بتأسيس مركز ابتكار وريادة، وحصلنا على خمس نجوم في الشمولية كالبعثات والمنح والتسهيلات للمعاقين والتوازن بين الجنسين.
ومن ثماني مجالات، نلنا في اربعة على خمسة نجوم، وفي التصنيف العام نلنا اربعة نجوم من خمس.
وتقدمت الجامعة للمرتبتين: 803 عالميا والسادسة عربيا في التصنيف الذي اطلقه المجلس الاسباني للبحث العلمي، اعتمادا على تأثير وقيمة البحوث العلمية في جوجل سكولر.
وفي التصنيف الذي اطلق مؤخرا، والذي اعتمد على عدد الاستشهادات التي حصلت عليها البحوث العلمية للجامعات، تقدمت الاردنية 210 مواقع على قائمة الجامعات، مقارنة بتصنيفها العام الماضي، بحيث كانت في الترتيب 1013 عالميا وستة مواقع على قائمة الجامعات العربية، بحيث كانت تحتل الترتيب الثاني عشر.
اما بالنسبة للتناقض بين المقياس العالمي الموضوع ونتائج امتحان الكفاءة، فاعتقد بان هناك مشكلة في الامتحان، اذ انه تحدد كشرط للتخرج لطلبة في جامعات مختلفة لا يدرسون المواد نفسها، برغم التشابه في المجال او التخصص، وهناك مآخذ كثيرة على الامتحان، اذ لا يوجد اتفاق بين الجامعات على نتاجات التعلم لكل مادة او تخصص، وبالتالي يدرس الطلبة مواد مختلفة وبطرق ومحتوى مختلفين، والامتحان لا يأخذه الطلبة بجدية، فهم يعرفون بأن نتيجته لا تؤثر على مستقبلهم، وهناك طلبة يتركون الامتحان بعد فترة قصيرة من بدايته، ولا يجيبون بجدية، والمراقبة على الامتحان ليست جدية او دقيقة، كما ان الاسئلة نفسها فيها مشكلة، فلا توضع من جهة مختصة.
ولا ابرر نتائج الجامعة، فجميع الجامعات ادعت انها الاول في تخصصات. ما يهمنا ان النتيجة اظهرت على المستوى الدقيق انه لا اتقان في 140 تخصصا من 208 تخصصات، برغم تخفيض علامة القطع الى 30 % في بعض التخصصات، والامتحان لا يبين المستوى الحقيقي لنتاجات التعلم ومستوى الطلبة.

*يجري العمل في هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي على وضع تصنيف محلي للجامعات. ما هو تصوركم والدور المطلوب لضمان الجودة؟.
- الاهم هو ضمان الجودة، والهيئة مقتنعة بذلك، وقد اكدت على لسان رئيسها انها ستركز على ذلك، فالاعتماد متحقق وما يجري هو استمراريته، وتحقيق معايير الاعتماد العام، يكون ضمن شروط الهيئة، أما بشأن الاعتماد الخاص، حصلنا ايضا على الاعتماد الدولي، فالعديد من كليات الجامعة لم تحصل فقط على الاعتماد الخاص من الهيئة بل على الاعتماد الدولي من مؤسسات دولية، مثل  كليات الصيدلة الطب والزراعة.
اما بالنسبة للتصنيف، فالاردن يضم 30 جامعة رسمية وخاصة، اذ اشترطت الهيئة ان يكون التقدم للتصنيف اجباريا، ولا اظن بان جامعات غير اردنية، ستتقدم لهذا التصنيف مع وجود هيئات دولية لا تتبع لحكومة او جهة، تجري عمليات تصنيف موضوعية.
وعلى الرغم من اهمية دور الهيئة، فارى ضرورة التركيز على ضمان الجودة، بعيدا عن امتحان الكفاءة والتصنيف المحلي، وهذا امر بحاجة لمزيد من الدراسة بما يخدم التقييم والجامعات.

* اظهرت نتائج امتحان الكفاءة ضعف المستوى العام، خصوصا في مجالات التفكير الناقد والمنطقي والبحث العلمي والتواصل، وقد اجرت الجامعة مؤخرا تعديلا على خططها ومساقاتها، لا سيما متطلبات الجامعة، فهل راعيتم هذه القضايا فضلا عن قضايا الحوار والتعددية في هذه التعديلات؟.
- اخذناها بالاعتبار، ولنعترف بداية ان التعليم السائد في جامعاتنا وفي معظم التخصصات، يعتمد على اسلوب التلقين القائم على المحاضرة التي يلقيها الاستاذ، ودور الطالب هنا محدود جدا، اذ يتمثل بحفظ ما يقوله الاستاذ، بينما في العالم ومنذ عقود، طورت اساليب التدريس والمناهج، بحيث اصبح الدور الاساس يعتمد على الطالب، محور العملية بدلا من الاستاذ، واصبح دور الطالب كما في البحث عن الحلول للمشاكل، واساليب التعلم اصبحت متعددة عبر حلقات النقاش واساليب لمعرفة المشاكل وعرضها، وايجاد حلول لها، ودراسة حالات، بحيث يبحث الطالب ويعود للمصادر والمراجع في المكتبة أو عبر الشبكة العنكبوتية، وهذا ليس مقتصرا على القاعة الصفية، فهناك اساليب للخلط (التعليم المدمج) ما بين استخدام التكنلوجيا مثل الحاسوب في التعلم.
لقاء الاستاذ مع الطالب، يقتصر على مرة واحدة في الاسبوع على سبيل المثال بدلا من ثلاث، وباقي الوقت يتم عبر الشبكة العنكبوتية، وهنا للطالب دور، اذ أنه مجبر على ايجاد المشكلة والبحث عن حل، وبهذه الطريقة تطور مهاراته وقدراته.
توصلنا مع مجمع اللغة العربية لتطوير قدرة الطلبة لغويا، اذ طوروا امتحانا للكفاءة في اللغة العربية، ليدرس الطالب مادة او مادتين، اذا لم يجتز الامتحان، إلى جانب الانجليزية، وهناك امتحانات عالمية كالتوفل او كامبريج، فإما ان يجتاز الطالب الامتحان او يدرس مادة او مادتين، ثم امتحان الحاسوب. ومن يتقن هذه المهارات العربية والانجليزية والحاسوب، يتوجه لدراسة المواد بطريقة ابداعية، تعتمد على مهارات التفكير الناقد وحل المشكلة، وان يكون له دور في التعلم، بحيث نخلق جيلا متعلما. نريد ان نصل للتعلم وليس التدريس، فما يجري الآن تدريس، لكننا نريده أن يكون فاعلا لا مجرد متلق للمعلومات.
اما من حيث قيم التسامح والحوار وقبول الآخر والانفتاح على الاختلاف، ادخلنا مواد مثل مهارات التواصل والفلسفة والحضارة الانسانية، فضلا عن مواد اخرى تطور شخصية الطالب وتعزز ثقافة الطلبة الذين يعانون في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام المجتمعي، من عدم امتلاكهم  للحد الادنى من مهارات التواصل او اصوله، ما يوقعهم في مشاكل.

* هل تساعد مدخلات الجامعة الطلبة على تطوير هذه المهارات والمعارف، ام ان هناك خللا في هذه المدخلات؟
- هناك ضعف في التعليم العام، يجري التعامل معه على مستوى المدرسة، لكننا في الجامعة لا ننتظر اصلاح التعليم، فللجامعة دور في هذا المجال، عبر الأخذ بيد الطلبة وتقديم تعليم متميز لهم، عن طريق مناهج الجامعة التي اعدت وتعد، ونحن نفكر في الجامعة وفي الاردن، بان تصبح اسس القبول من صلاحيات مجالس الامناء، ما يعني القبول المباشر. نحن تقدمنا لمجلس التعليم العالي منذ اكثر من عام بطلب لقبول طلبتنا مباشرة.
هناك تفكير بان تضع مجالس امناء الجامعات اسس القبول، وان يقتصر دور مجلس التعليم العالي على وضع السياسات، ما ينسجم مع استقلالية الجامعات، وهناك تفكير في الجامعة، بسنة تحضيري للطلبة المقبولين، تتضمن علوما اساسية، تدرس متطلبات الجامعة للعلوم الانسانية والاجتماعية للطلبة ممن يدخلون هذه الكليات، اما الطلبة الذين يدخلون الكليات العلمية، فيدرسون مواد علمية مطلوبة ومتطلبات الجامعة، وربما يكون من الافضل القبول على اساس الكلية، وليس التخصص، وبناء على ادائه في السنة الاولى او في عدد من الساعات يلحق في تخصص معين.

* نظام القبول على اساس الكلية، كان مطبقا سابقا في الجامعة، ثم اصبح القبول بناء على التخصص، لماذا العودة للقبول في الكلية؟.
- نظام القبول على اساس الكلية معمول به في كثير من الجامعات الاميركية، وهناك تخصص رئيس وآخر فرعي، او الدمج بين الاثنين، بحيث يكون الطالب لديه القدرة على السير في احدهما.
حاليا الطالب يقبل في تخصص لا يعرف عنه شيئا، لا سيما عندما يكون القبول في القسم لا في الكلية. لماذا لا يدخل الطالب في الكلية خلال السنة الاولى ويدرس مواد من مختلف الاقسام، حتى تصبح لديه القدرة على الاختيار، ما يناسبه او ان يكون القبول على مستوى الحقول او المجالات، كأن يكون القبول في الكليات الصحية او الهندسية، ثم يختار تخصصا بناء على ادائه، او امتحان، لا بأس ان يكون وطنيا لازالة المخاوف من الواسطة، مع اني مع اعطاء الجامعات الثقة التي عليها ان تطور انظمة تضمن النزاهة والعدالة بحيث يختار الطالب التخصص الذي يرغب فيها الطالب، ويثبت قدرته في هذا الخيار. حاليا الجامعة تخرج في تخصصا، طلبة وكأنهم سيصبحون علماء فيها، لكن في النهاية يصبحون معلمين لا يملكون مهارات التدريس.
هناك مشروع في وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الجامعة، بان يدخل الطالب للجامعة ليتخرج ويعمل معلما في الفيزياء او الكيمياء، ويدرس متطلبات الجامعة والكلية ومواد التخصص والمواد التربوية، بحيث يتخرج ولديه القدرة على ممارسة مهنة التدريس في تخصصه، وفكرة اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، تقوم على هذا الاساس، وبدأت هذا العام بتنفيذها.

* هناك مشكلة في عدم تلبية خريجي الجامعات لمتطلبات سوق العمل، فهم يملكون العلوم النظرية لكن واقع العمل مختلف، وهناك جامعات تتميز بأن خريجيها قادرون على التوجه لسوق العمل مباشرة، فهم مطلوبون لان برامج جامعاتهم تركز على الجانب التطبيقي لا الاكاديمي فقط. ماذا تفعل الجامعة ليلبي خريجوها حاجة سوق العمل؟.
- هذا صحيح 100 %، والجامعة الآن تراجع مناهجها وخططها الدراسية في هذا المجال، لان كثيرا من الجهات التي توظف خريجيها وخريجي غيرها من الجامعات، تشكو ضعف الجانب التطبيقي والعملي لهم، ما يضطرها لعقد دورات لهم ليتمكنوا من الالتحاق على نحو فعال في العمل.
نحن نتعاون في هذا المجال مع اكثر من جهة وشركة، اذ نعمل على انشاء مركز تدريب لطلبة الهندسة والتعاون مع شركة زين وغيرها. نحاول الحاق الطلبة بالتدريب اثناء دراستهم، والتركيز اكثر على الجانب العملي، ومراجعة تعليمات التدريب الميداني لاعطائهم دورا اكبر، واشرت سابقا الى ان تعزيز اللقاء الصفي ساعة اسبوعيا، للتركيز على الجانب العملي لدى الكليات كافة، لكن يركز عليه اكثر في الكليات الصحية لوجود سنوات من التدريب، فمعظم دراسة طلبة هذه الكليات  تدريبية.
علينا تعزيز التدريب، لا سيما في التخصصات الهندسية وزيادة المختبرات والمشاغل، وهنا نأتي الى صعوبة الوضع المالي، ومحاولة جعل الامور افضل باعادة النظر في الرسوم، وتعزيز الاستثمار او زيادة الدعم الحكومي، لنتمكن من تهيئة بيئة مناسبة للتدريب العملي، وتلبية احتياجات سوق العمل، واعادة النظر في التخصصات المشبعة والراكدة، وفتح تخصصات جديدة مطلوبة.

* هل تعتزمون تخفيض اعداد المقبولين في التخصصات الراكدة والمشبعة؟
- لنكن صريحين، كلما قل العدد تحسنت النوعية، لكن زيادة العدد ليس خيارا للجامعة بل للحاجة الى الرسوم لديمومة الجامعة.

* هناك توجه نحو القبول المباشر في الجامعات، لكن هناك أيضا جامعات لا تمتلك القدرة على تحقيق ذلك، فما هي ضمانات العدالة والشفافية في حال اصبح القبول خارج اطار القبول الموحد؟.
- القبول الموحد خدم اهدافا كثيرة في المرحلة السابقة، والنظام المستخدم فيه اخذ من الجامعة، وبالتالي من السهل على جامعات مثل الاردنية واليرموك والعلوم والتكنولوجيا تنفيذ القبول المباشر، وقد تجد الجامعات الطرفية صعوبة في ذلك، فضلا عن عدم رغبة الطلبة في الالتحاق بها، ولا ادري هل سينفذ هذا القبول في كل الجامعات ام في جامعات محددة، اذ يجب دراسة الامر والتحقق من قدرة الجامعات على تنفيذه، وادعو لمراجعة التخصصات في الجامعات الطرفية، لتكون فريدة وجاذبة وليست تخصصاتها تكرارا لما في الجامعات الاخرى.
على الجامعات دور في مراجعة خططها وبرامجها، فهناك جامعات تحمل اسم تقنية ولا علاقة لها بالاسم، او ان تقدم تخصصات تخدم المنطقة ولم تقم، بذلك نحتاج لمراجعة شاملة لاصلاح التعليم العالي.
ويجب تحقيق العدالة في قبول الطلبة عبر عدم الاعتماد على معيار واحد في القبول، كأن يخصص وزن لعلامة الثانوية العامة (التوجيهي) ولمعدله في الجامعة خلال السنة التحضيرية، واجراء امتحان قبول وطني، تنفذه جهة حيادية من خارج الجامعة لضمان العدالة والنزاهة والشفافية، وهذا متبع في جامعات كثيرة في العالم، ومن الانصاف، ذكر ان التجاوزات حدثت في حالات محدودة جدا في عمليات قبول الطلبة، لذلك يتذكرها الناس بالاسم، وما يثبت النزاهة ان هناك نحو 13 الف طالب منذ تأسيس الجامعة فصلوا فصلا اكاديميا.

* هل يمكن ان يكون القبول المباشر مقدمة لرفع الرسوم؟
- لا علاقة بين القبول المباشر ورفع الرسوم، فصلاحية تحديد الرسوم تعود لمجلس امناء الجامعة، أكان القبول مباشرا من الجامعة او تحت مظلة القبول الموحد.
لنكن صريحين، فوضع الجامعات المالي والاردنية منها، صعب جدا، اذ تعاني الجامعات الرسمية العشر من عجز في موازناتها وصل الى نحو 180 مليون دينار. هناك اعتماد شبه كامل في الايرادات على الرسوم.
بالنسبة للنفقات، قمنا بضبطها ولا يوجد عجز في موازنتي عامي 2015 و2016 وانما العجز من سنوات سابقة، وهناك محاولات للاستثمار، وتبقى الرسوم الجامعية هي المورد الاساس، لكنها ليست كافية لتطوير وتحديث الجامعات، خصوصا القديمة التي تحتاج بنيتها التحتية للتحديث وللصيانة، فعلى سبيل المثال، فان المختبرات في كلية الهندسة لم تحدث منذ 30 عاما، والعديد من الابنية بحاجة للصيانة، وهذا يحتاج لاموال، والدعم الحكومي محدود، فاذا لم يرتفع فما هو الخيار؟

* الدعم الحكومي للجامعات بقي في موازنة العام الحالي كالسابق، ويتوقع في العام المقبل أن يكون نفس الحالي اي 72 مليون دينار؟
- نعم، وفي ظل اوضاع الموازنة الصعبة، لن تتمكن الحكومة من دعم الجامعات والرسوم الجامعية بوضعها الحالي، وفي بعض التخصصات لا تغطي ربع الكلفة ورسوم التخصصات الحديثة والموازي والدولي تغطي الكلفة، ولكن لانستطيع اخذ اعداد اكبر من المقرر في البرنامج الموازي، وهو 30 % من مجموع المقبولين، وثلثا ايرادات الرسوم من البرنامج الموازي، المعادلة مختلة على نحو واضح، رفعت الجامعة رسوم الموازي والدراسات العليا في خطة لخمس سنوات، لتغطية الاحتياجات المالية، لكننا اضطررنا للتراجع عن الزيادة، ووضعت الجامعة امام مأزق مالي حقيقي، فالنقص بسبب التراجع عن رسوم الموازي والدراسات العليا للعام الماضي وصل الى 9.5 مليون دينار.

* هل عوضتكم الحكومة عن هذا النقص؟
- دفعت 3 ملايين دينار ومجموع ما دفعته الحكومة للجامعة في عمان 9 ملايين ولفرع العقبة 450 الف دينار.
لدينا مشكلة وعبء آخر، وهو فرع العقبة الذي لا يحظى باقبال من الطلبة مثله مثل  الجامعات الطرفية، فالفرع يضم 1200 طالب وايراداته 1.2 مليون، بينما تبلغ كلفة الرواتب 2.5 مليون دينار، وقبل فيه العام الماضي 139 طالبا فقط. هناك 5 كليات في الفرع، ولا اقبال عليه. نحاول مع وزارة التعليم العالي فتح تخصصات جديدة، لكن وضعه الجامعة الام المالي لا يسمح بالاستثمار في هذا الفرع.
لذلك فان رفع الرسوم بنسبة بسيطة على مدار سنوات، ضمن خطة مدروسة، الخيار الوحيد لنا، والا لن تتمكن الجامعة من الاستمرار، فلدينا التزامات مثل مكافأة نهاية الخدمة والتأمين الصحي  والتطوير والصيانة، في ظل ان مجالات الاستثمار للجامعة والدخل المتحقق منهما محدود. الامر معقد ويحتاج لمصارحة. اتمنى ان يكون التعليم مجانيا لكن في ظل الظروف الحالية، صعب تحقيقه.

* يجري فرض رسوم ورفع اسعار ويقبل المواطن ولو على مضض، ألن يقبل المواطن فرض نسبة بسيطة من الرسوم او الضرائب مقابل حصوله على تعليم مجاني لابنائه؟
- هذا خيار طرح في اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وبديل نوقش، كان سابقا ما يسمى بضريبة الجامعات. انا مع فرض ضريبة وللجامعات دور وطني عليه ان تؤديه.
اظن ان مبلغ الـ 72 مليون دينار المخصص للجامعات في الموازنة، بالاضافة الى مبلغ الـ10 ملايين دينار المخصصة لصندوق دعم الطالب الجامعي، اذا ما خصصت لتدريس الطلبة الفقراء، وسمح للجامعات باستيفاء الرسوم الحقيقية من المقتدرين، فمن الممكن حل المشكلة لو فرضنا بان دراسة الطالب تكلف سنويا 3 آلاف دينار، وهذا مبلغ جيد يكفي لتدريس نحو 30 الف طالب، اي 7 آلاف طالب سنويا من غير المقتدرين والمتفوقين ومن غير المشمولين بالمكرمات الملكية السامية، على ان يسمح باستيفاء الرسوم الحقيقية من الطلبة المقتدرين، وهذا خيار ممكن تطبيقه، ويضمن ان لا يمس الطلبة الفقراء.
اضافة الى ضرورة حل مسألة التعليم التقني، اذ يجب الا يدخل الجامعات كل من انهى التوجيهي. هناك طلبة يجب توجيههم للتعليم التقني أو المهني، ما يخفف الاعباء على الجامعات، ويشكل حلا لمشكلة التعليم العالي ومن ينهون التوجيهي، لم تكن اعدادهم العامين الماضيين مرتفعة. كان نحو 27 الف طالب، واذا خصص مبلغ لتعليم 10 آلاف منهم، فهذا ممكن، ويترك المجال للجامعات لاستيفاء الرسوم الحقيقية من المقتدرين. انا مع مجانية التعليم للاردنيين اذا كانت الامكانية متوافرة، ولكن بما انها غير متوافرة حاليا وفي المدى المنظور، ولم يسن تشريع لضريبة خاصة للتعليم العالي، وبما ان نحو 30 % من الطلبة يدرسون على حساب المكرمات الملكية السامية، والمبالغ المخصصة للجامعات يمكن ان تدرس ايضا 30 %، فيبقى نحو 40 % من المقتدرين يدفعون القيمة الحقيقية للرسوم، وهكذا يمكن حل مشكلة الجامعات. هذا الواقع لا يمكن انكاره ولا يمكن للجامعات الاستمرار بهذا الوضع، خصوصا مع مشاكل البرنامج الموازي، والشكوك في مدى دستوريته، لكن عوائده المنقذ الوحيد للجامعات، ولا يمكن للجامعات الاستمرار باداء رسالتها من دونه.

* اذا وافق مجلس التعليم العالي على طلب الجامعة بالقبول المباشر، فهل سيستمر البرنامج الموازي؟
- قد يستمر مؤقتا وقد يستبدل تدريجيا بالبرنامج التنافسي اذا سمح باعادة النظر في الرسوم للبرنامج العادي، لكن اذا بقيت الرسوم كما هي لا نستطيع التخلي عن الموازي، ويجب ان يترافق ذلك مع اعادة هيكلة رسوم البرنامج العادي، مع الغاء تدريجي للبرنامج الموازي، وهذا ممكن. او تقديم دعم حكومي يكفي الجامعات لاداء مهامها. انا اعلم ان هذا كلام غير شعبي، لكنه الواقع، ولا حلول سحرية، فإما دعم حكومي للجامعات يغطي الكلفة او رفع الرسوم، اما الدعم فعبر فرض ضريبة لصالح الجامعات او دعم الطلبة غير المقتدرين والمتفوقين، أو اعادة النظر في الرسوم، فجميع الجامعات اوضاعها صعبة .

* بعد ضبط امتحان التوجيهي هل شعرتم بتحسن في نوعية الطلبة؟
- نعم هناك انطباع لدى اعضاء هيئة التدريس بتحسن نوعية الطلبة العامين الماضيين، وانهم افضل اداء من السنوات السابقة، ومختلفون. هذا يحتاج الى دراسة علمية، لكن هذا هو الانطباع السائد.

* في ظل ضبط النفقات في الجامعة، فهل تحسنت اوضاعها المالية؟
- لا نحن هذا العام لم ننفق، وضبطنا النفقات باقصى درجة ممكنة. لم نجدد لنحو 94 ممن كانوا معينين على بند شراء الخدمات، ومددنا لاعداد بسيطة جدا ممن بلغ الستين عاما. سددنا نحو 5 ملايين للتأمين الصحي، ونحن مدينون لصندوق نهاية الخدمة ايضا بـ13 مليونا. كل عام ندفع نحو 8 ملايين نهاية خدمة.
العجز في موازنة الجامعة المتراكم في الاعوام السابقة 27 مليون دينار، ويتوقع وصوله العام المقبل الى 80 مليون دينار، اذا نفذنا المشاريع. هذا هو العجز المقدر، ولا تحسن في الايرادات التي وصلت العام الماضي الى 90 مليون دينار، اذ انخفضت الى 85 مليونا جراء تخفيض رسوم الموازي. اننا نحاول انتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وقد وفر هذا علينا 8 ملايين دينار، بحيث يتوقع طرح عطاء انتاج الكهرباء قريبا. كما لا نعين بدل من يتقاعد او يستقيل.