محاولة مقاومة الضغط النفسي تسبب التوتر

عمان - من المعروف بأن القيام بمحاولة تحريك جسم ما، سيجعل هذا الجسم يقاوم الحركة. ينطبق هذا القانون على أي جسم مادي يتم تحريكه، وينطبق هذا الأمر أيضا على الهواء الذي يملك نسبة من المقاومة. يمكننا تطبيق القاعدة نفسها على الأفكار والآراء، فعلى الرغم من أن الأفكار والآراء لا تعد أجساما مادية، إلا أنها في كثير من الأحيان قد تكون درجة صلابتها تفوق الجدار الإسمنتي، وهذا ما يظهر جليا عند الاستماع لجدال يدور بين شخصين متمسكين بآرائهما.اضافة اعلان
ذكر موقع Self Growth أنه في الجامعة على سبيل المثال قد تجد نفسك تتعرض لضغوط سببها أنه ينبغي عليك التحضير لتقديم عدد من الامتحانات خلال فترة زمنية قصيرة، الأمر نفسه ينطبق على العمل حيث إن مديرك قد يكلفك ببعض المهام التي عليك إنجازها في وقتها المحدد. ويحدث الشيء ذاته عند الاشتراك بمسابقات الجري التي تتطلب من المتسابقين الوصول لخط النهاية في أسرع وقت، لكن الضغوطات التي نتعرض لها عند الاشتراك بالسباقات تكون ذات طبيعة مختلفة.
وعلى الرغم من اننا نتجنب قدر الإمكان الضغوطات التي نتعرض لها في الجامعة والعمل، إلا أننا نتبرع فرحين بالمشاركة في السباقات والمنافسات على الرغم من الضغوط التي تشكلها. والسبب بهذا يعود إلى أن ضغوط الجامعة والعمل تؤدي إلى الإصابة بالتوتر والضيق، بينما نجد بأن الضغط الناتج عن المشاركة بالمسابقات المختلفة يتحول إلى طاقة ومتعة داخل المرء. وهذا هو مفتاح التغلب على مشاعر التوتر، حيث إن تعاملنا مع ضغوطات الحياة عن طريق المقاومة سيؤدي إلى التوتر، بينما نجد بأن التعامل مع ضغوطات الحياة عن طريق القبول سيؤدي إلى نتائج بعيدة تماما عن أشكال التوتر.
وبحسب قانون الجاذبية فإن لكل جسم درجة من الضغط. والضغط يكون نتيجة للقوة الموجهة من جسم إلى آخر. وهذا الأمر ينطبق على كل الأجسام سواء السيارات أو الطائرات أو حتى الحشرات الصغيرة كلها تقوم بدفع الجسم الذي يقابلها الأمر الذي يؤدي إلى تحرك أحدهما. وكلما زادت مقاومة الجسم يتطلب الأمر المزيد من القوة لتحريكه.
عند حدوث موقف مسبب للضغط فإن النتيجة تكون أحد أمرين؛ إما أن يحدث نوع من الطاقة لدى الجسم المستقبل كردة فعل تفوق طاقة الجسم الضاغط أو يتم تحريك الجسم المتلقي.
ويختلف الأمر عندما نتحدث عن الضغط والتوتر من منظور نفسي. فالضغط النفسي ينشأ عندما تكون هناك مهمة ما يجب إنجازها في وقت محدد، والتوتر ينشأ عند محاولة المرء مقاومة الضغط النفسي، وكما ذكرت منذ قليل أن الضغط الناتج عن العمل يولد التوتر النفسي بينما نجد الضغط الناتج عن الاشتراك بمسابقة ما يولد الطاقة والبهجة لدى المرء وهذا يدل على أن الأمر يعتمد على الكيفية التي تنظر من خلالها للمواقف التي تتعرض لها.
يحدث الضغط النفسي بسبب مقاومة موقف معين، فعلى سبيل المثال لو تطلب عملك أن تقوم بمهام إضافية لا ترغب بالقيام بها لأي سبب من الأسباب فإنك ستقاوم حدوث هذا الأمر. بينما لو تم منحك مكافأة إضافية بسبب القيام بتلك المهام فإنك قد تقوم بها بكل رحابة صدر. يتبين لنا من خلال ما سبق أنك لو قمت بتقبل الظروف والأحداث التي تتعرض لها فإنك ستكون بعيدا عن الإصابة بالتوتر والضغوطات النفسية، طبعا لا يقصد من خلال هذا الكلام التنازل عن الحقوق وتقبل الأمر الواقع وإنما لتوضيح أهم أسباب الإصابة بالتوتر النفسي.
والضغط هو القوة الموجهة من جسم لآخر، والتوتر هو مقاومة ذلك الضغط، أي أن التوتر لا يحدث إلا من خلال مقاومة حدث معين وبالتالي فإن حدوث مشادة كلامية بين شخصين فإن الشخص المعتدي يحتاج لنوع من المقاومة من الشخص الآخر كي يتمكن أن يمارس اعتداءه. وعلى الجانب الآخر نجد بأن المتلقي يجب عليه أن يبدي نوعا من المقاومة حتى يشعر بالتوتر الناتج عن اعتداء الشخص المقابل له، لكن لو تعاملنا مع الأمر بطريقة هادئة فإننا سنتجنب مشاعر التوتر تلك.
يتبين لنا مما سبق الجانب السلبي للضغوطات الحياتية وعرفنا أنها تسبب التوتر، لكن أليس هناك جوانب إيجابية لتلك الضغوطات؟ ومعظم الأشياء التي تمر بحياتنا لها جوانب إيجابية وسلبية والأمر يتوقف على طريقة تعاملنا نحن معها، ولتدليل على هذا الأمر يمكننا أخذ الناموس كمثال. فهذه الحشرة الصغيرة والمزعجة نقوم في بعض الأحيان بمحاولة ضربها بعنف بكلتا يدينا للتخلص منها. لكن مقاومة الهواء لحركة اليدين تولد موجة من الهواء المضغوط تستسلم لها الناموسة لتسمح لها بتفادي الضربة. وهذا ما يفسر وجود الكثير من الثقوب على مضرب الناموس، حيث تقوم هذه الثقوب بمنع حدوث مقاومة للهواء أثناء ضرب الناموسة. وبالتالي يتبين لنا كيف أن الناموسة قد استخدمت الضغط بطريقة إيجابية عادت عليها بالفائدة. ومن هنا نستطيع أن نتعلم أن تقبل الأحداث قدر الإمكان من شأنه أن يفتح لنا باب النجاح لتجاوز مشاعر التوتر التي تصيبنا.

علاء علي عبد
[email protected]