محللون: فوز اليمين ونتنياهو يهيئ لمزيد من التأزيم مع الأردن

محمد الكيالي

عمان- أكّد محللون سياسيون، على أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، والتي أفضت إلى فوز اليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لن تغير من موقف الأردن تجاه صفقة القرن المفترضة.اضافة اعلان
وشددوا، في أحاديث منفصلة مع "الغد"، على أن جلالة الملك أكد لأكثر من مرة أمام الأردنيين والعالم، أن فلسطين ستبقى فلسطين، وأنه لا تنازل عن القدس والأرض الفلسطينية لإسرائيل.
وتوقعوا أن تحمل المرحلة المقبلة "توترا وفتورا كبيرا وعميقا"، بين الأردن وبين إسرائيل، حيث أشاروا إلى أن القيادة الفلسطينية، هي التي عليها أن تبقى صامدة في وجه الضغوط، الأمر الذي يشكل دعما قويا للموقف الأردني الرافض لصفقة القرن.
يشار إلى نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي جرت اول من امس، أظهرت تساوي حزبي "الليكود" اليميني بزعامة نتنياهو، و"أزرق أبيض" الوسطي بزعامة بيني غانتس حيث حصل كل منهما على 35 مقعدا. لكن النتائج بينت تفوق كتلة اليمين بزعامة الليكود على كتلة الوسط - اليسار بزعامة "أزرق أبيض" بواقع 65-55 مقعدا حيث يظهر للآن أن نتنياهو هو الأقدر على تشكيل حكومة جديدة بالتحالف مع كتلة اليمين.
وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الخارجية الأسبق، د. كامل أبو جابر، أن السنوات العشر الأخيرة، أثبتت وجود أطراف إقليمية تتآمر على فلسطين وقضيتها، فيما ظهرت أطراف أخرى تقف على الحياد.
وبين أبو جابر، أن الأردن، حاليا، هو الدولة العربية الوحيدة، التي تمارس دفاعا مستميتا على أرض فلسطين والقدس والمقدسات المسيحية والإسلامية فيها.
ولفت إلى أن هناك أملا، لأن الأمة العربية تعثرت في وقت سابق أكثر من مرة، إلا أنها كانت تعود مجددا وتقف على أرجلها، مشيرا إلى أن الأمة تمر بأسوأ فترة في تاريخ العرب منذ ظهور الإسلام قبل نحو 1500 عام.
وشدد على أن على الأردن "أن يحافظ على صمود الفلسطينيين في أرضهم، لأنه لم يبق لدى العرب أي شيء للدفاع عن القدس إلا في تثبيت الفلسطينيين داخل فلسطين".
وتساءل أبو جابر: "هل يمكن للأردن أن يقف وحيدا في وجه العنترة الأميركية – الإسرائيلية، والدول العربية والإقليمية الأخرى تقف متفرجة؟"، مؤكدا أن الأردن "سيبقى على مواقفه التي شدد عليها جلالة الملك، بأنه لا للتوطين ولا للوطن البديل ولا للقدس عاصمة لإسرائيل".
بدوره، قال رئيس جمعية العلوم السياسية، الدكتور محمد مصالحة، إن العوامل المؤثرة في إدارة الصراع العربي – الإسرائيلي ومساره، عديدة، أولها الانتخابات الإسرائيلية، وذلك بعد أن وصل إلى سدة رئاسة الوزراء، كل من حزب الليكود ممثلا برئيسه بنيامين نتنياهو، والأحزاب اليمينية المتطرفة مدعومة بأحزاب صغيرة يقودها جنرالات عسكريون.
وأضاف مصالحة، أن المجتمع الإسرائيلي، يعد عاملاً مهماً آخر، حيث برزت ميوله القوية نحو اليمين المتطرف، وأن الطبقة الحاكمة في إسرائيل على مدى السنوات الماضية، تخيفه عملية السلام بوجود حماس وحزب الله وغيرها.
وبين أن الموقف العربي، أصبح يدفع تجاه مغالاة النخبة الحاكمة الإسرائيلية في مواقفها المتصلبة، والأردن يواجه القضية الفلسطينية وتأثرها بصفقة القرن، بموقف قوي.
وأكد مصالحة أن الصفقة المزعومة، وعملية تنفيذها، تم طرحها منذ عام ونصف، وهي بحاجة إلى شركاء في المنطقة لتنفيذها، وأن استمرار اليمين في حكم اسرائيل، لا يعني سهولة تنفيذها، لأن إسرائيل طرف واحد، والطرف العربي الفلسطيني لا يبدي رغبة في تنفيذ الصفقة.
ونوه إلى أن اليمين الإسرائيلي، هو صاحب الفرصة بتشكيل الحكومة، ولذلك، فإن الجانب العربي غير مهيأ لا شعبيا ولا رسميا، لتنفيذ هذه الصفقة بالصيغة الأميركية.
وبالنسبة للأردن، شدد مصالحة على أنه يقف في وجه هذه الصفقة، كما عبر عن ذلك جلالة الملك لأكثر من مرة، إذا ما احتوت على مشاريع التوطين أو عدم حل قضية اللاجئين أو تغيير وضع المدينة المقدسة والوصاية الهاشمية عليها.
وأضاف أن هناك "تباطؤا وتعتيما في الكشف عن تفاصيل الصفقة، وأن ما يتم نشره هي مجرد تسريبات لجس النبض حول الصفقة وما يمكن التعديل على بنودها، بدليل أن ترامب في آخر ما تم تسريبه، أشار لسعيه لإقامة دولة فلسطينية في سيناء المصرية، ومنح مساحات شاسعة تضاف لقطاع غزة ونقل سكانها إليها".
واعتبر مصالحة، أن الأردن ينتظر ليرى كيف ستكون تشكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، بقيادة نتنياهو، وهو "يملك أوراقا عدة يمكن أن يلعبها في وجه هذه الصفقة وتنفيذها".
وشدد على أن الإسرائيليين "لا يملكون القدرة على التغيير لأن اليمين المتطرف هو المسيطر حاليا على السلطة هناك، إضافة إلى أن الجانب العربي غير قادر على إحداث تغيير لا في الدبلوماسية ولا القدرة الاقتصادية ولا العسكرية".
واعتبر ان التغيير، يحدث فقط عبر صلابة الموقف الفلسطيني في وجه الصفقة، وقدرته على تبني مواقف فيها مقاومة لكل الأطراف التي تروج لسياسة التهويد مكانا وزمانا.
إلا أن الكاتب والباحث السياسي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، كان أكثر تشاؤما، حيث اعتبر أنه لا يوجد بين الأردن ونتنياهو وائتلاف اليمين المتطرف الإسرائيلي، أي كيمياء من أي نوع، وأن القيادة اليمينية الإسرائيلية لا تحتفظ بأي ود أو احترام للحقوق والمصالح الأردنية، سواء التي نصت عليها معاهدة وادي عربة كما في الوصاية الهاشمية على المقدسات، أو تلك المندرجة في ملفات الوضع النهائي للقضية الفلسطينية من القدس واللاجئين والحدود والمياه وغيرها.
وأضاف الرنتاوي، أن الأردن لديه مصالح واشتباك عميق مع كل ملف من هذه الملفات، "لكن حكومة إسرائيل لا تقيم وزنا لهذا الأمر، ولذلك، فإن المملكة ستكون أمام نفس الائتلاف الذي حكم إسرائيل خلال السنوات الماضية وربما أكثر تطرفا".
وتوقع الرنتاوي أن تشهد العلاقة الأردنية الإسرائيلية، في السنوات المقبلة، المزيد من موجات متلاحقة من التوتر والتأزم والفتور، سواء على خلفية العلاقات الثنائية او على خلفية الانهيار المتسارع لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
ويرى الرنتاوي أن على الأردن، أن يتهيأ للأسوأ خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن المملكة لديها استحقاقات مقبلة قد تشكل بداية الاشتباك مع الكيان الصهيوني.
وأوضح أن الاستحقاق الأول الجدي أمام الأردن، هو "أراضي الباقورة والغمر، وهل من الممكن أن تفي إسرائيل بما جاء في اتفاقية وادي عربة وتقوم بتسليم هذه الأراضي للسيادة الأردنية أم لا؟".
وقال الرنتاوي، إن الاستحقاق الثاني، "يدور حول ممارسة الوصاية الهاشمية، والتي ستستمر، إلا أن الأردن سيكون أمام كتل وأحزاب صغيرة متطرفة ستقوم بتنفيذ إجراءات تشكل إزعاجا للأردن، على الرغم من عدم مشاركتها في الحكومة الإسرائيلية".
وأوضح أن الاختبار الأهم للحكومة الأردنية، هو حول مستقبل القضية الفلسطينية، حيث بدأ الائتلاف الحاكم في إسرائيل قبل الانتخابات وأثنائها، بالحديث حول ضم الضفة الغربية ومساحات واسعة أخرى، و"هذا الأمر هو ساحة اشتباك مهمة بين الأردن وإسرائيل".
وبين الرنتاوي أن "الأردن، يقود المواجهة ضد صفقة القرن، وظهره مكشوف، خاصة وأن التهديد الأكبر الذي يتم توجيهه للأردن، يأتي من قبل الحليف الأكبر لعمّان، وهي واشنطن".
وقال: "هل سيتمكن الأردن من المقامرة بعلاقاته مع الولايات المتحدة ويتخذ موقفا أشد صرامة أو سيكتفي بما أعلن عنه من مواقف؟"، مبينا أن كل هذا "يعد تحديا يواجه السياسة الخارجية الأردنية في المرحلة المقبلة".
وينبه الرنتاوي، الى أن الأردن "يجد نفسه حاليا أمام ائتلاف وضع مسبقا، أولوية التوسع الاستيطاني والتهويد وضم الأراضي على أي أولوية أخرى حتى وإن كانت على حساب المصالح الأردنية".
وشدد على أن الأردن "مقبل على سنوات توتر ومواجهة مع دولة الاحتلال، وقد لا تكون لأربع سنوات قادمة فقط، وإنما ستطول، لأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، تعكس نمطا في اتجاهات تطور المجتمع الاسرائيلي، الذي أصبح ينجرف نحو التطرف الديني وأن الاستيطان التوراتي الإيديولوجي أصبح يحتل مكانة كبيرة في التكوين السياسي في إسرائيل".