آخر الأخبار-العرب-والعالمالسلايدر الرئيسيالعرب والعالم

مخاوف الفلسطينيين تزداد من تآكل “حل الدولتين”

نادية سعد الدين

عمان– تزداد مخاوف الفلسطينيين من تآكل خيار “حل الدولتين” وتبدد آمالهم بإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة، وفق حدود العام 1967 المعترف بها دولياً، بسبب السياسة، التهويدية والاستيطانية، الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، المقوضة لجهود إحياء عملية السلام.


خرج الفلسطينيون من عام ماضٍ مثقل بندوب داخلية وخارجية غير محمودة، في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة، غير أن “حل الدولتين” يظل ديدن التحرك الفلسطيني العربي والدولي لاستئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، بوصفه خياراً استراتيجياً وحيداً لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.


ولكن الفلسطينيين، ونظراءهم العرب، يدركون قتامة الصورة الحالية؛ التي تجعل “حل الدولتين” غير ممكن اليوم، مثلما تغزو الضبابية الأفق السياسي القابل للتنفيذ في ظل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة اليميني “نفتالي بينيت” أحد مناصري الاستيطان وأكثرهم دفاعاً عنه بشراسة.


فالاحتلال قضم نحو 80 % من مساحة الضفة الغربية، وترك نحو 20 % فقط منها، وأقل من 13 % من القدس المحتلة، بيد الفلسطينيين، ممتدة ضمن ثمانية “كانتونات” غير متصلة جغرافياً، وإذا أضفنا لذلك أن 23 % من الضفة الغربية تُعد مناطق عسكرية مقفلة أو محميات طبيعية، وأن 44 % منها داخل منطقة “ج” غير مسموح بالبناء فيها للفلسطينيين، لأدركنا قتامة الصورة.


ويحكم الاحتلال السيطرة على مناطق “ج”، التي تشكل 62 % من مساحة الضفة الغربية، والغنية بالموارد الاستثمارية والطبيعية والاقتصادية، يقع 90 % من غور الأردن ضمنها، وتضم أقل من 150 ألف فلسطيني مقابل 310 آلاف مستوطن ضمن 124 مستوطنة و100 موقع استيطاني.


فيما بات عدد المستوطنين يصل إلى مليون مستوطن في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ضمن 164 مستوطنة و124 بؤرة استيطانية، بحسب معهد أريج للدراسات التطبيقية في القدس.


وبالرغم من التمسك الفلسطيني الثابت بخيار “الدولتين” كأساس لأية عملية سلام مستقبلية، ولكنهم غير واثقين من تحققه في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية التي أعلنت أكثر من مرة رفضها لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود 1967، مقابل قبولها بكيان فلسطيني محدود منزوع السلاح والسيادة الموكولين للاحتلال.


أولويات إسرائيلية بعيدة عن السلام


تسير حكومة الاحتلال نحو دولة “أبرتهايد” أمام الأسرة الدولية، بعيداً عن العملية السياسية، التي أكد وزير الخارجية الإسرائيلي “يئير لبيد” عدم الخوض فيها في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، حيث تتقدم يومياً صوب “الوضعية ثنائية القومية” وليس “حل الدولتين”.


تدرك حكومة الاحتلال بأن غياب الأفق السياسي يهدد القدرة الإسرائيلية على بقاء الرؤية الصهيونية كدولة قومية ديمقراطية للشعب اليهودي، كما تزعم الترويج لنفسها أمام العالم، مثلما يهدد إمكانية مواصلة السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال.


ومع ذلك؛ فإن مفهوم “تقليص النزاع” أخذ يتغلغل داخل المنظور الإسرائيلي لتحسين الحياة المعيشية للفلسطينيين عبر “تسهيلات اقتصادية” محفزة، بديلاً عن التسوية السلمية، ولكنه لن يثبت نجاعته على الميين المتوسط والبعيد.


وطبقاً لصحيفة “معاريف” ألإسرائيلية، فإن غياب الأفق السياسي مع الفلسطينيين يهدد مستقبل “الحلم الصهيوني” وركائز مشروعه، وذلك عند الاكتفاء الإسرائيلي بالجانب الأمني فقط في العلاقة مع السلطة الفلسطينية من أجل ضمان الاستقرار بالضفة الغربية وقطاع غزة.


ويقع في مقدمة أولويات الاحتلال راهناً، ما كشف عند “بينيت” عند استبعاده حدوث التقدم السياسي في عهده، مقابل تحقيق المصلحة الإسرائيلية التي تكمن في الحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنع حركة “حماس” من ترميم قوتها العسكرية من جديد بالإضافة إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها.


يرى عضو المجلس الوطني الفلسطيني، اللواء الدكتور خالد مسمار في حديثه لـ”الغد”، أنه في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة بقيادة مستوطنين متطرفين، فلايوجد أي أفق للسلام أو إحداث تغيير في الأمور بالمنطقة.


وأضاف مسمار، لـ”الغد”، “إن هناك تنسيقا فلسطينيا أردنيا مصريا مستمرا، بانتظار عقد القمة العربية، في آذار (مارس) المقبل، للخروج بموقف عربي موحد للتأكيد على ما تم طرحه في قمة بيروت، عام 2002، حول المبادرة العربية للسلام””.


وأكد أهمية الوقوف العربي والدولي إلى جانب الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في التحرير وتقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة المستقلة وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.


الخطوات الفلسطينية المقبلة


أمام انسداد الأفق السياسي الراهن؛ فإن المجلس المركزي الفلسطيني، بصفته حلقة الوصل بين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمجلس الوطني والبديل عنه في حال تعذر انعقاده، سيجتمع، كما هو متوقع في بداية شهر شباط (فبراير) من أجل تدارس كافة الخيارات من بينها تصعيد المواجهة الشعبية المباشرة على الأرض وصولا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.


ولوح مسؤولون فلسطينيون في الفترة الأخيرة بإمكانية توجه القيادة الفلسطينية لإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل تنكرها للحقوق الفلسطينية وتكريس الإجراءات التي تمنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة جغرافياً.


وقد سبق أن أعلن الرئيس محمود عباس خلال كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول (سبتمبر) الماضي، طرح مبادرة لانسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس خلال عام واحد، مهدداً بسحب الاعتراف الفلسطيني بها في حال عدم قيامها بذلك ومنع تحقيق حل الدولتين.


وبالنسبة لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، فإن إمكانية استبدال خيار “حل الدولتين” الذي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، بحل الدولة الواحدة، هو أمر مستبعد كونه يواجه صعوبات كبيرة من بينها “سلب” الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة.


ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع العربي- الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أميركية.

إقرأ المزيد :

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock