مخلّفات البلاستيك الزراعي تهدد الأراضي والبيئة بوادي الأردن

حابس العدوان الأغوار الوسطى – في حين ما تزال مخلفات البلاستيك الزراعي (الملش) او ما يعرف "بالغربان السوداء" تشكل تحديا للقطاع الزراعي في وادي الأردن، فضلا عن آثارها السلبية على البيئة والإنسان، يطالب مزارعون بضرورة تنظيم حملة وطنية لمساعدتهم على جمع البلاستيك بطرق سليمة وايجاد آلية معينة لإعادة تدويره. فمع انتهاء الموسم الزراعي يقوم المزارعون بلملمة معداتهم وانابيب الري وما يستطيعون الاحتفاظ به للموسم الجديد تمهيدا لحراثة الأرض وتركها للتعقيم الشمسي قبيل البدء بتجهيزها، وغالبا ما يتم ترك مخلفات الملش في الأرض لصعوبة ازالتها اذ يقومون بجمع ما امكن والتخلص منها عن طريق حرقها او طمرها. والملش"Mulch" هي كلمة انجليزية تعني "المهاد أو الغطاء"، ويعرف الملش الزراعي، بأنه ذلك الغطاء الذي يغطي سطح التربة ولا يسمح بظهور أي نموات منها الا النباتات المرغوب بزراعتها فقط، وهو أحد التقنيات الزراعية الحديثة التي تهدف إلى المحافظة على رطوبة التربة إذ انه يقلل معدلات التبخر بنسبة تصل إلى 35 ٪، إضافة إلى توفير طبقة عازلة لحماية الجذور من تقلبات الطقس ويمنع نمو الأعشاب الضارة ويحد من المنافسة على المواد الغذائية والماء. ويبين الخبير الزراعي المهندس مجدي العدوان، ان بقاء آلاف الأطنان من هذه المواد في التربة يعد أحد أهم العقبات التي تواجه المزارعين مع بدء تجهيز الأراضي للموسم الزراعي الجديد إذ ان انتشارها داخل التربة يقلل من انتاجيتها، موضحا ان المخلفات البلاستيكية تحتاج إلى جهد وتكلفة ليست بالقليلة لإزالتها، خاصة ما يسمى "الملش الاسود" الذي يتقطع مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أجزاء يجعل من الصعب جمعها. ويضيف ضرورة البحث عن بدائل فعالة ومجدية للحد من استخدام الملش بالدرجة الأولى، ومن ثم مساعدة المزارع على جمع المخلفات الموجودة في ارضه، لافتا إلى وجود عدة بدائل كاستخدام الملش الطبيعي او "الكمبوست" وهو عبارة عن حشائش واعشاب يتم وضعها حول الاشتال. ويرى العدوان ان تزايد استخدام المزارعين لمئات الآلاف من الأطنان من البلاستيك الزراعي سنويا، يزيد من مخاطرها على البيئة والصحة والسلامة العامة، إذ ان خطورة هذه المخلفات تكمن في انها تحتاج إلى مئات السنين كي تتحلل، بينما لا يزيد عمر استخدامها في الأرض أكثر من سنتين، مشددا على ضرورة تكاتف جهود جميع المعنيين للعمل على جمع هذه النفايات وإعادة تدويرها بدلا من حرقها أو طمرها. ويبين مربي المواشي احمد موسى ان انتشار هذه المخلفات يلحق اضرارا بالغة بالثروة الحيوانية، اذ تتسبب بنفوق العديد من المواشي كل عام، مطالبا وزارة الزراعة ايجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة. ويوضح موسى ان غالبية المراعي في وادي الاردن هي اراضي زراعية ومعظم مربوا الماشية يستاجرون المحاصيل المنتهية لرعي مواشيهم ولكن للاسف غالبيتها تكون مزروعة بالملش، مضيفا "حتى الاراضي المحاذية للاراضي الزراعية ايضا مليئة بقطع الملش المنتشرة والتي تشكل خطرا على مواشيهم". ورغم خطورة النفايات الزراعية البلاستيكية على التربة والمياه والثروة الحيوانية والصحة العامة، إلا أنه لم تتخذ لغاية الآن أية إجراءات من قبل الجهات الرسمية المعنية (وزارتي الزراعة والبيئة) لمواجهة التلوث الناجم عن عدم معالجة أو تدوير النفايات الزراعية البلاستيكية , كما لم تتم بلورة أنظمة ملزمة للمزارعين تفرض عليهم فرز البلاستيك الزراعي عن سائر النفايات الزراعية، بهدف نقله إلى منشآت تدوير خاصة، علما بأن آلاف أطنان بلاستيك الدفيئات وأغطية حماية المحاصيل وأنابيب الري بالتنقيط تستخدم سنويا في وادي الأردن. يؤكد مدير زراعة وادي الأردن المهندس بكر البلاونة، أن المخلفات البلاستيكية وخاصة "الملش الأسود" المستخدم في الزراعة على نطاق واسع، يشكل ضررا كبيرا على القطاع الزراعي، كونه يؤثر بشكل سلبي على خواص التربة وطبيعة تكوينها ويقلل من إنتاجيتها، موضحا ان المخلفات البلاستيكية تعمل على حجز المياه، وبالتالي تمنع وصول المياه للتربة ،وكذلك تعيق نمو الجذور، ما يحد من عملية الإنبات، إضافة إلى صعوبة تحللها والذي يستغرق مئات السنين. ورغم عدم وجود ارقام دقيقة لكميات البلاستيك المستخدمة في القطاع الزراعي الا ان تقديرات مديرية الزراعة تشير إلى ان عدد البيوت البلاستيكية تزيد على 70 الف بيت، استخدمت ما يقارب 100 ألف طن من البلاستيك ثلثها من الملش الاسود، إضافة إلى مئات الآلاف من أطنان الملش الاسود المستخدمة في الزراعات المكشوفة او كأغطية للأنفاق أو أغطية التعقيم. ويلفت البلاونة إلى أن مربي الثروة الحيوانية وخاصة الماشية تعرضوا لخسائر ليست بالقليلة خلال السنوات الماضية، جراء نفوق أعداد كبيرة من مواشيهم نتيجة لابتلاعها هذه المخلفات، سواء المنتشرة على جوانب الطرق أو في الأراضي الزراعية، موضحا أن تناول الماشية لهذه المخلفات يؤثر على انتاجيتها، لأن بعض هذه المخلفات تمكث سنوات في معدتها ما يسبب خللا في قدرة الماشية على الإنتاج بشكل أفضل، وفي كثير من الحالات يسبب نفوق المواشي. ويشدد البلاونة على ضرورة توعية المزارعين بجمع هذه المواد ونقلها خارج المزرعة، والتخلص منها بالطرق السليمة، والعمل على إنشاء مصنع لإعادة تدوير هذه المخلفات، الأمر الذي يساهم في حماية التربة والمنظر الجمالي والمحافظة على البيئة والصحة والسلامة العامة. من جانبه أكد مدير مكتب بيئة وادي الأردن المهندس شحادة الديات أن وزارة البيئة تقوم بتوعية المواطنين بخطورة المخلفات البلاستيكية، وخاصة على التربة والمياه وتشويه المنظر العام للمنطقة، مشيرا إلى أن المسؤولية مشتركة بين المواطن والمزارع والجهات ذات العلاقة في القضاء على هذه الظاهرة. وأوضح الشحادات أن المديرية تقوم بعمل الندوات والمحاضرات التوعوية للتوعية من اخطار ترك المخلفات البلاستيكية وضرورة تنظيف المزارع من "الملش الأسود" وإعادة تدويره مرة أخرى، مبينا أن الموظفين يقومون بجولات على المزارع لتوعيتهم بطرق التخلص من هذه النفايات والتأكيد على عدم حرق هذه المواد لأضرارها على البيئة والصحة.اضافة اعلان