مراجعة الخطة الوطنية لحقوق الإنسان

المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء نذير العواملة- (أرشيفية)
المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء نذير العواملة- (أرشيفية)
هديل غبّون عمّان - كشف المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، نذير العواملة، عن وضع اللمسات الأخيرة على تقرير مناهضة التعذيب، المزمع رفعه إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف، خلال أقل من شهر، قائلًا إن هناك قرارًا بمراجعة الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، واعتبار ما ورد فيها مقياسًا لمؤشرات الأداء لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل (UPR). ولم يعد العواملة، في مقابلة مع "الغد"، أن المراجعة التي أجراها مركز الحياة "راصد" للخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان (2016 - 2025)، هي مراجعة، بل هي "تقييم"، مؤكدًا أن مشروع نافذة شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان عبر منصة "بخدمتكم"، سيدخل مرحلة تدريب ضباط الارتباط وسيصار إلى إطلاقها قبل منتصف العام الحالي. وحول حالة حقوق الإنسان التي شهدتها المملكة، العام الماضي، قال العواملة إن مكتب التنسيق الحكومي كان له دور كبير في توضيح بعض الوقائع والأحداث، والرد على عدة تقارير دولية وردت إلى الحكومة بهذا الشأن، كقضايا التوقيفات وأزمة المعلمين. وفي حين انتقد التقارير الصادرة عن بعض "جهات الرصد دون أن يسميها"، اعتبر أن هناك جهات لها "أغراض" من وراء تقديم تقارير عن الواقع "بأسوأ ما يمكن". وبين العواملة أن مكتب التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان، يولي توصيات تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان جل اهتمامه، وأن "الحديث عن تكرار التوصيات في تقاريره، مردّه إلى بقاء بعض الجزئيات الفرعية في بعض التوصيات دون تنفيذ". وفيما يلي نص الحوار: * منذ توليكم موقع المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، بتاريخ 19 تموز (يوليو) الماضي، ماذا أنجزتم حتى الآن في ملفات حقوق الإنسان؟ - قمنا بمراجعة الإنجازات السابقة للبناء عليها مؤسسيًا، كاستمرارية لعمل المنسق الحكومي لحقوق الإنسان. وحققنا إنجازات كبيرة في الفترة الماضية، من أهمها التقييم الذي أطلق في شباط (فبراير) الماضي للخطة الوطنية، وكان الحديث منذ ذلك الوقت عن مراجعتها، لكنها تأخرت بسبب وباء فيروس كورونا المستجد من شهر آذار (مارس) وحتى حزيران (يونيو) الماضيين. ومنذ تسلمي هذا الموقع، طلبنا من رئيس الوزراء إعادة تشكيل اللجنة الوزارية لمراجعة الخطة، التي تكتسب مراجعتها أولوية. كما قطعنا شوطًا كبيرًا في منصة الشكاوى الحكومية "بخدمتكم"، ضمن الالتزام الرابع من مبادرة الحكومات الشفافة، والمرحلة الحالية تشهد التحضير لتدريب ضباط الارتباط مع الجهة التي قدمت المشروع، وهي "منظمة محامون بلاحدود"، إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي. ويشمل التدريب تصنيف الشكاوى ليكون لدى ضابط الارتباط إلمام بالقانون وبآلية التصنيف، سواء الشكاوى الخدمية أو الانتهاكات الحقوقية، والتعامل معها ومعالجتها ومتابعتها وآلية الرد على صاحب الشكوى. وأجرينا عدة لقاءات مع ممثلي السفارات الأميركية والبريطانية والأسترالية والنرويجية وبعثة الاتحاد الاوروبي ومنظمات أخرى، وعدة اجتماعات مع المركز الوطني لحقوق الإنسان، والتنسيق على أعلى مستوى لجهة تعزيز التشاركية فيما يخص الشكاوى تحديدًا، ورصد التقارير الأولية قبل التقرير السنوي. واتفقنا على أن يكون حل الشكوى هو المسار المعمول به بالتنسيق بيننا وبين هذه الجهات بدلًا من الاكتفاء ببذل العناية فيها دون نتيجة. كما تم الاتفاق مؤخرا مع وزارة التنمية الاجتماعية، بعد الحصول على تمويل مالي، لإنشاء مراكز إيواء في الجنوب للمعنّفات، والعمل جار على إنجاز قانوني الأحداث وحقوق الطفل الذي يمر بمراحله الأخيرة في ديوان الرأي والتشريع، تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب قريبًا. * متى سيرفع تقرير مناهضة التعذيب؟ - الآن تم الانتهاء من إعداد المسوّدة الأخيرة للتقرير، وستجرى عليه بعض التعديلات قبل رفعه رسميًا خلال أقل من شهر. والآن نعمل أيضا في اللجنة الدائمة بوزارة الخارجية على إعداد تقرير "سيداو" (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) ورفعه إلى اللجنة الأممية، وسيتم إنجازه ضمن المدة المحددة، فلدينا مهلة حتى شهر آذار (مارس) المقبل. وقد باشرنا فيه بالتعاون مع لجان المرأة المختلفة. * بالعودة إلى نافذة الشكاوى الحكومية "بخدمتكم"، ما الذي يميزها، ومتى ستطلق، لأن الحديث عنها بدأ منذ عهد المنسقة السابقة الدكتورة عبير الدبابنة؟ - كما قلت سابقًا المرحلة الحالية، هي مرحلة البدء بتدريب ضباط الارتباط القائمين على المنصة، حيث سيتم تحديد مدة التدريب على أن تنتهي العملية قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل. وسيكون هناك إشهار رسمي لها، وستتضمن مراحل استقبال الشكاوى وحلّها وإبلاغ صاحب الشكوى بحيثياتها، فضلًا عن أنها تتضمن إجراءات لحل الشكوى أو توضيح حيثياتها، وخاصة إذا صاحب الشكوى لديه نقص في المعلومات أو الجهة التي تورد الشكوى. * بعد مرور عامين على الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الثالث نهاية 2018، أظهر تقرير لمركز حماية وحرية الصحفيين أن ما تم إنجازه من توصيات هي 3 فقط من أصل 149 توصية قبلها الأردن، وبما نسبته 2 %، أين وصلت خطة الإنفاذ اليوم لهذه التوصيات، ولماذا لا تعلن تقارير حكومية تبين حجم الإنفاذ، خاصة أن المنسقة السابقة بدأت بعمل مصفوفة لإنفاذ التوصيات مع وحدة حقوق الانسان في الرئاسة؟ - متابعة التوصيات عملية مستمرة بشكل يومي. وكل الجهات الرسمية معنية، ليس كمنسق حكومي فقط، بإنفاذ التوصيات. اليوم عندما نتحدث عن إنجازات المؤسسات فهو إنفاذ لهذه التوصيات، وعملية مراجعة الخطة الوطنية بتشريعاتها وسياساتها وإجراءتها ومؤشرات الأداء فيها، هي جزء من خطة إنفاذ هذه التوصيات، وهي التي ستعطينا المؤشر الحقيقي الدقيق للإنفاذ، وهذا سيظهر عند المراجعة. * لكن إلى حد هذه اللحظة، لا يوجد تقرير رسمي يبيّن حجم التوصيات التي تم إنفاذها، وعددها 149، وبعد مرور عامين من الاستعراض السابق، هل أخذتم تقييم "تغيير" بعين الاعتبار؟ - التقرير المقبل سيرفع منتصف العام 2023 للاستعراض الدوري الشامل، ولنكون أكثر دقة قبل 2023، وهذا سيكون مرهونا بمراجعة الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان. بالتأكيد سنأخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار ومراجعة الخطة. * ماذا عن إعادة ترتيب أولويات حقوق الإنسان ضمن هذه المراجعات؟ - بالتأكيد، كانت جائحة كورونا هي ما لفتت الانتباه أكثر إلى هذه القضية. الآن نقول إن ذلك دفعنا لأن نمنح أولوية للحقوق الاقتصادية والصحية والاجتماعية، وهو ما جرى في كل العالم. وفي حال بقيت هذه الظروف والوباء لا بد من إعادة التكيّف وترتيب الأولويات. * ما تقييمكم لحالة حقوق الإنسان، للعام الماضي في البلاد، خاصة أن هناك أحداثًا عديدة سجلت كالتوقيفات وأزمة المعلمين؟ - من خلال بعض التقارير الدولية التي رصدت هذه الحالات وأرسلت لنا، تمت دراستها والرد عليها من خلال الحكومة. لنقل بشكل عام وعلى مستوى العالم كله، بعض الحقوق طرأ عليها تعطيل ولن أقول إقصاء أو إلغاء، بحيث تقدمت حقوق الصحة والحياة مع مراعاة أن لا يتم إقصاء باقي الحقوق بل تعطيل جزء منها وتأخير جزء آخر. لكن الحكومة حرصت قدر الإمكان على أن لا يكون هناك إقصاء أو انتهاك لباقي الحقوق. وتمت معالجة أوضاع حقوق الفئات الضعيفة والمتوسطة التي تضررت جراء جائحة كورنا. كانت تجربة جديدة لكل العالم، وبالتأكيد كان هناك أخطاء وبعض الهفوات، لكن كانت تحظى بالمراجعة. * هل كان لكم دور في ما شهده العام 2020 من توقيفات مثلًا، وأزمة للمعلمين؟ - بالتأكيد كان لنا دور فيها، وكنا نتابع ونبين الحقائق، فدورنا كان الدفاع عن الصورة الواقعية. أحيانًا بعض التقارير كانت تعدّ من وسائل إعلام خاصة أو من خلال جهات لها أهداف أو أغراض تبين الصورة بأسوأ ما يمكن. * هل تقصد منظمات المجتمع المدني؟ - لا، ليس المجتمع المدني، جهات تقدم تقارير رصد غير دقيقة، وحتى المجتمع المدني من الممكن أن لا يكون لديه المعلومة الدقيقة 100 %. من الممكن أن تكون الصورة مضخّمة. فكان دور الحكومة توضيح ذلك بشكل واقعي وحقيقي. * ما رؤيتكم في العلاقة مع المجتمع المدني، ومأسسة هذه العلاقة؟ - نحن في خندق واحد. وأكدنا استعدادنا للتعاون مع كل الجهات والتحالفات. وبابنا مفتوح دائمًا للجميع، من أجل الحوار، واستقبال الملاحظات والتوصيات والاقتراحات والنصائح. فمثلًا عند إعداد تقرير مناهضة التعذيب، عقدنا لقاء موسعًا مع الجهات المعنية، ولأول مرة كان يعقد مثل هذا اللقاء، بُغية أخذ المقترحات والتوصيات بعين الاعتبار. وفي مراجعة الخطة الوطنية الشاملة سيكون هناك اجتماعات ولقاءات عصف ذهني وورشات عمل مع مؤسسات مجتمع مدني. * تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان لعام 2019، لم تردوا عليه، ما تعليقكم؟ - عادة عندما يتم تسليم التقرير ابتداء إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، ثم إلى رئيس الوزاء، ورئيسي مجلسي الأعيان والنواب، يتم تحويل التقرير من رئيس الوزراء للرد على التوصيات، أو التعميم على المؤسسات الرسمية لتنفيذها. وعادة إذا قدّم التقرير في موعد صدوره تتم دراستها والرد عليها، لكن إذا كان متأخرًا، كما التقرير الأخير، فيقوم رئيس الوزراء بتعميم التوصيات. * ماذا عن التوصيات المكررة في التقرير، هل هذا مؤشر إلى أن التعاميم ليست كافية، وأن هناك حاجة لآليات أخرى لتفعيل التوصيات؟ خاصة أن آخر 3 تقارير سنوية للمركز أشرت إلى تصاعد إحصاءات عديدة كالتوقيف الإداري والقضائي؟ - عندما تمت مناقشة المركز الوطني لحقوق الإنسان، بشأن تكرار التوصيات. كانت ملاحظتنا أن جزءا كبيرا من بعض التوصيات تم إنجازه، إلا أن المركز يبقي على التوصية في حال لم تُنجز بالكامل. * اللجنة الوزارية لمواءمة التشريعات الوطنية بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، أين وصلت في عملها؟ - الآن العمل جار على مراجعة قانون العقوبات، ونحن في اللجنة الوزارية باعتباري عضوا فيها، بانتظار توصيات اللجنة الفنية لرفع توصياتها.اضافة اعلان