مراقبون: هوة واسعة ما بين دراسات مراكز الأبحاث وصناع القرار

مقر مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية - (أرشيفية)
مقر مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية - (أرشيفية)

محمود خطاطبة وتيسير النعيمات

عمان - احتل مركز الدراسات الاستراتيجية - الجامعة الأردنية، المرتبة الثالثة عربياً، والموقع السادس بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والأول أردنيا، ضمن تصنيف مراكز البحوث العالمية والذي تنفذه جامعة بنسلفانيا.اضافة اعلان
وبذلك يكون المركز أحرز تقدماً بتصنيفه 4 نقاط إقليمياً، حيث كان ترتيبه العاشر العام 2014.
جاء ذلك خلال حفل إطلاق تقرير وتقييم مراكز البحوث العالمية لعام 2015، بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا، والذي عقده المركز بمقره أمس، كما عقدت على هامش الحفل حلقة نقاشية حول دور مراكز البحوث في السياسات العامة.
وقال مدير المركز الدكتور موسى شتيوي، بعد أن استعرض واقع التقرير والتجرية المؤسسية لمركزه، إنه "ليس لمراكز الأبحاث أي سلطة على صانعي القرار للعمل أو بأخذ منتوجها"، لكنه أكد "يجب على المركز نفسه العمل على إقناع صانع القرار بمنتجه والعمل به".
وفيما أشار شتيوي إلى المعيقات التي تواجه المراكز وأهمها ضعف الموارد المالية، أكد أهمية دور مراكز البحوث والدراسات في تقوية السياسة العامة بالمعرفة الحديثة وبدائل السياسات، خصصوصاً أنه يتطلب على صانع السياسة اتخاذ القرارات بناء على أسس معرفية موضوعية.
وأوضح شتيوي، خلال الحلقة التي ترأسها رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة، أن مركزه يعنى بالقضايا ذات الأولوية الوطنية، ويرفد المجتمع وصاحب القرار بالعديد من الدراسات وأوراق السياسات في قضايا مهمة للمجتمع والدولة، فضلاً عن عقد جلسات عصف ذهني بهدف الوصول لفهم مشترك وبناء التفاهمات بين كل الأطراف.
وخضع لهذا التصنيف العالمي، الذي تقوم به "بنسلفانيا" وتستند فيه لـ4 مؤشرات رئيسة تضم أكثر من 28 مؤشراً فرعياً، 6846 مركزاً من كل دول العالم، من بينها 405 مركزاً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون العربية والدولية والمغتربين بمجلس الأعيان عبدالإلة الخطيب إن مراكز الأبحاث بشكل عام بحاجة إلى باحثين متخصصين وذوي كفاءات، مؤكداً "وجود هوة واسعة ما بين الأبحاث التي تنتجها المراكز داخل المملكة وواضعي وصانعي القرار، بحاجة إلى جهد كبير للقضاء عليها".
وشدد على أهيمة محاولة "إدماج صانعي السياسة والقرارات في الحوارات والنشاطات التي ينفذها المركز"، لافتاً إلى أن مراكز الدراسات هي مراكز محفزة للتفكير وتعطي توصيات مبنية على الموضوعية، وبذلك تكون أكثر إقناعاً لصانع القرار والجمهور.
كما أشار الخطيب، وزير الخارجية الأسبق، إلى ضرورة عمل "تشبيك مؤسساتي مع المراكز المهمة والقوية بالعالم، وبحيث يكون ذلك التشبيك متنوع ومع مختلف دول العالم سواء الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا أو آسيا وخصوصاً الصين".
ورحب شتيوي بفكرة "التشبيك" مع مراكز أبحاث عالمية.
بدوره، اقترح مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة الدكتور محمد فرغل "تشكيل شبكة مراكز أبحاث للعمل على قضايا تهم الوطن والمواطن لمنفعتهما، والتأثير على صانع القرار وأفراد المجتمع على حد سواء، فضلاً عن رفد صانع القرار بأشياء وأفكار إيجابية وتنبيهه إلى أمور قد تكون خطيرة في مرحلة معينة".
وفيما أشار إلى "فقر العالم العربي بمراكز الأبحاث فلا يوجد سواء الأهرام بمصر والجزيرة بالدوحة ومركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية"، أكد ضرورة العمل على "إجبار صانع القرار بأخذ منتج مراكز الأبحاث شريطة أن يكون ذو قيمة علمية وله علاقة بهموم الوطن والمواطن".
واعتبر أن المؤسسات والمراكز التي تعنى بالفكر والدراسات "مؤثرة ومهمة، ولكن لا يوجد وعي عام بها"، مؤكداً أهمية "تعزير الثقة بين المراكز وصانع القرار، فالأخير بحاجة إلى معلومة مبنية على الدراسة".
من جهته، قال مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية الكاتب الزميل عريب الرنتاوي إن حال مراكز الأبحاث في الأردن "لا يسر صديق ولا يغيض عدواً"، مضيفاً رغم أنه يوجد أكثر من 120 مركز أبحاث بالمملكة إلا أن القليل منها فقط "النشط".
ولفت إلى أن "مراكز الأبحاث لا تؤسس لنفسها موقع مهم عند صانعي السياسة والقرارات"، ناهيك عن نظرات "الارتياب والشك والاتهام تجاه المراكز، لاسيما إذا ما حاولت الاقتراب من محاولة اشتباك إيجابي مع صانع القرار".
وأكد الرنتاوي أن المراكز "أخفقت في خلق الطلب على منتوجها، إما لضعف فيها أو بسبب الدولة وصناع قرارها"، مشدداً على أهمية "بذل جهد كثيف لخلق طلب حقيقي على منتوج مراكز الأبحاث".
وأشار إلى التحديات والعقبات أمام تلك المراكز، والتي من أهمها: ضعف الموارد البشرية والمادية ما يجعل مهمة خلق متخصصين صعبة، الحاجة إلى مناخات بيئية وتشريعية مريحة إذ أنها مقيدة بالأردن، قوة وتقدم المراكز الإقليمية والعالمية، فضلاً عن أن العلاقة بين مراكز الأبحاث نفسها ليس على ما يرام، حيث لا تستطيع تنظيم مؤتمر يعالج قضية وطينة أو هم وطني، ووجود فجوة واسعة ما بين المراكز وصناع القرار".
وجاءت النتائج بالنسبة لمركز الدراسات الاستراتيجية للعام 2015 كما يلي: فقد احتل الموقع السادس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمرتبة الثالثة على المستوى العربي، وبهذا يكون قد تقدم بنقطة واحدة، حيث كان ترتيبه الرابع العام 2014.
وجاء ترتيب مراكز: الأهرام للدراسات والسياسات (مصر) أولا، الجزيرة للدراسات (قطر) ثانيا، والدراسات الاستراتيجية (الأردن) ثالثا.
واستمر المركز بالاحتفاظ بالموقع الأول أردنياً. أما دوليا فقد احتل الموقع 60 على المستوى العالمي كأحد أهم مركز من مراكز البحوث في فئة الدفاع والأمن الوطني، وكان في هذا المجال الثالث عربيا، والخامس إقليميا.
كما احتل الموقع 49 كأحد أهم مراكز البحث في مجال السياسة الخارجية والشؤون الدولية،
وكان في المرتبة الثالثة إقليميا، والثانية عربياً.
وكان الطراونة أكد، خلال مداخلات له، أن ثقافة البحث العلمي "منقوصة" لدى أفراد المجتمع الأردني، مشيراً إلى أن قيمة الموازنة المخصصة للتعليم العالي "لا تتجاوز الـ1 %"، متسائلاً "كيف يمكن من خلال هذا الرقم تعزيز البحث العلمي؟".
ودعا إلى "إيجاد وسيلة ضغط معينة على صانع القرار للأخذ بمنتوج مراكز الأبحاث وبهدف خدمة الوطن والمواطن".
وحضر حفل إطلاق التقييم والحلقة النقاشية رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة ، ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال مازن المعايطة، وعدد من الباحثين والمختصين. - (بترا)

mahmoud.khatatbeh
[email protected]