مرحلة جديدة وقوائم انتخابية بلا برامج

دخلت الانتخابات النيابية للمجلس النيابي الثامن عشر، بفتح باب الترشيح رسميا أول من أمس، مرحلة جديدة ومهمة، ستضفي على الحراك الانتخابي طعما آخر، بعد تبلور القوائم الانتخابية المتنافسة وبدء دعاياتها الانتخابية وحراكها بين الناس، وذلك بعد أن بقي الحراك الانتخابي حتى بدء الترشيح محصورا في أضيق الحدود، ولم يكد يخرج عن أوساط الراغبين بالترشح والقوى السياسية.اضافة اعلان
كان لافتا حجم التزاحم في اليوم الاول على التسجيل للانتخابات، عبر تسجيل 147 قائمة انتخابية ضمت نحو 783 مرشحا في طول البلاد وعرضها، وذلك رغم توقع عدم تسجيل أعداد كبيرة شبيهة من القوائم في اليومين الثاني والثالث (الاربعاء والخميس)، لكن مع ذلك أعتقد أن العدد سيكون مناسبا.
وأعتقد ان الانطباع تشكل بوجود زخم في التسجيل باليوم الاول للترشيح جاء من التوقعات المسبقة بصعوبة تشكل القوائم على مستوى أغلب الدوائر الانتخابية، لطبيعة القانون الجديد ونظامه الانتخابي، واستمرار عمليات "السحب والإضافة" في الكثير من مشاريع القوائم حتى آخر لحظة.
ومع ذلك، فإن من الواضح للمراقب أن العديد من القوائم بدت بعد تسجيلها ونشر أسماء أعضائها قد ركّبت في بعض مفاصلها تركيبا سريعا، أو "سلقا"، إما لاستكمال العدد المطلوب للتسجيل، أو لضم مرشحين لرفع حصة القائمة من اصوات الناخبين قدر الإمكان. فيما لم تتضح بعد المعالم الكاملة لبعض القوائم المحسوبة على قوى سياسية وائتلافات حزبية، لاسباب عديدة، قد يكون أبرزها التعثر والصعوبة في تشكيل تلك القوائم، ومنحها الصبغة السياسية المطلوبة.
وحسب معلومات وتسريبات عديدة فإن اللجوء الى "سلق" العديد من القوائم والتسريع في الانتهاء من تشكيلها، تمثل في طرح اسماء كثيرة، لم تكن تفكر اصلا بالترشح للانتخابات، ضمن بعض القوائم، او القبول احيانا "بمن حضر" أو من رغب.     
هذا ناهيك طبعا عن المرشحين "التكميليين" أو من سماهم البعض بـ"الحشوة"، الذين حرص مرشحون "كبار" على ضمهم لقوائمهم لإكمال العدد المطلوب، أو لضمان نوع من التنوع بالتمثيل للناخبين بالدائرة.
الحاصل، انه بحلول مساء اليوم الخميس، يتوقع ان يرتفع عدد القوائم المترشحة للانتخابات النيابية الى ما بين 200-250 قائمة، تغطي الـ23 دائرة انتخابية بمختلف مناطق المملكة. وبانتهاء التسجيل اليوم للترشح، ستبدأ مرحلة اخرى، هي مرحلة الدعاية الانتخابية والحراك الحقيقي، تحضيرا لحصاد الاصوات، وضمان الحضور بين الناخبين، واستعدادا لمعركة 20 أيلول (سبتمبر) المقبل.
في الطريق الى يوم الاقتراع للانتخابات النيابية في 20 من الشهر المقبل، يتوقع ان تسقط اسماء عديدة من قوائم انتخابية وينسحب اصحابها قبل اكتمال السباق، فيما لن يكون مستبعدا صدور التصريحات والاتهامات من هذه القائمة او تلك، او هذا الحزب او ذاك، لمرشحين بمحاولة الاساءة للقائمة او الحزب او ضربهما بالانسحاب والانقلاب على القائمة، او تنفيذ المنسحب لاجندة هذه الجهة او القائمة او تلك!
كل ذلك وغيره سيكون متوقعا في معركة الانتخابات النيابية، وتزاحم الطامحين بكرسي النيابة، خاصة في ظل ما ظهر من اشكالات وقصور في النظام الانتخابي الجديد بمرحلة تشكيل القوائم الانتخابية.
لكن قد يكون الأبرز الذي نتوقف عنده اليوم ليس قضية عدد القوائم الانتخابية المتنافسة، كبيرا او قليلا، بل نتوقف اليوم عند غياب البرامج الانتخابية الحقيقية عن أغلب القوائم، حيث طغى على جهود القائمين على القوائم هاجس تركيب وتشكيل هذه القوائم، واستقطاب الأعضاء المناسبين لها، على حساب التوافق على برامج انتخابية جامعة وواضحة، تخاض على أساسها الانتخابات، وتتقدم القوائم عبرها للناس.
اعتقد ان المشكلة ستكون في توفر عشرات القوائم الانتخابية التي لا تحمل الواحدة منها سوى هيكل القائمة، لا محتواها، والمتمثل ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي متوافق عليه!