مستقبل العمل يعتمد على تمكين الأطفال والنساء

تقدر دراسة للبنك الدولي عدد الأطفال الذين هم في سن الدراسة ولا يتقنون القراءة والكتابة بـ617 مليون طفل، والمحزن أن أكثر ثلثي هؤلاء الأطفال يذهبون بالفعل إلى المدرسة لكنهم لا يحصلون على المهارات المعرفية الأساسية، وربما تكون حصتنا في الأردن من هؤلاء الأطفال حوالي ربع مليون طفل،.. كيف يمكن الحديث عن المهارات والمتطلبات المتقدمة لتنشئة جيل قادر على استيعاب تكنولوجيا وأعمال أكثر تعقيدا من مهارات معرفية أساسية.اضافة اعلان
وهناك الكثير من النساء المتعلمات والمؤهلات للمشاركة في سوق العمل لكنهن يفضلن أو يضطررن للمكوث في البيت لأجل العناية بالأطفال، وبالطبع فإن توفير تعليم مبكر للأطفال سيوسع فرص هؤلاء النساء للمشاركة في العمل بحرية أكثر.
وإضافة إلى تمكين المرأة من المشاركة في العمل من خلال البدء بتعليم الأطفال منذ مرحلة مبكرة فإن العناية الصحية والتعليمية بالأطفال وخاصة الفقراء المتوقع ألا يجدوا عناية بنفس المستوى مع أسرهم سوف يعزز فرص الأجيال القادمة في المشاركة الفاعلة، ويلاحظ البنك الدولي أن برامج التغذية في الطفولة المبكرة ساهمت في زيادة أجور هؤلاء الأطفال في سن البلوغ لأنهم ببساطة كانوا أكثر كفاءة وقدرة على العمل، وفي جامايكا قدرت الزيادة في الدخل والادخار للشباب الذين تلقوا في طفولتهم عناية صحية وتعليمية بنسبة 25 في المائة، وكانت هي النسبة نفسها التي أتيحت للأطفال الأغنياء، ما يعني أن التعليم المبكر ساهم بفعالية في تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
يعاني حوالي 250 مليون طفل دون سن الخامسة في الدول النامية من الحرمان المعرفي والصحي بسبب الفقر وسوء التغذية، وهناك مخاطر أشد تعرض لها 87 مليون طفل بسبب النزاع، وعلى المستوى العالمي فإن نصف الأطفال بين الثالثة والسادسة يحصلون على التعليم قبل الابتدائي، وفي مقابل نسبة 8.8 في المائة من ميزانية التعليم في أوروبا وأميركا الشمالية تخصص للتعليم ما قبل الابتدائي فإن الدول الفقيرة والنامية تنخفض فيها النسبة إلى 0.3 في المائة.
وبرغم فرص التعليم الواسعة التي أتيحت للإناث في المدارس والجامعات في الأردن فمازالت النساء مستبعدات من سوق العمل وبخاصة في القطاع الخاص، كما أن العمل المتسع في الزراعة والاقتصاد غير الرسمي والذي تشكل النساء نسبة غالبة فيه يجعل الدخل غير منتظم للعاملين والعاملات في هذه المجالات، ويحرمهم من الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي! ومؤكد أن شمول جميع العاملين في كل القطاعات أو كل أشكال العمل بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي سوف يساعد كثيرا في تطوير قطاع الزراعة والعمل غير الرسمي، لكن لا توجد مؤسسات أو أرباب عمل في هذه القطاعات يمكن أن يتحملوا مشاركة العاملين في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وبالطبع فإن أغلب العاملين لا يستطيعون المشاركة، أو لا يدركون أهمية هذه المشاركة، ولا يبدو ثمة خيار سوى أن تقوم الحكومة من خلال الميزانية العامة وصندوق المعونة الوطنية بترتيب اشتراكات شاملة في الضمان الاجتماعي لجميع ربات المنازل اللواتي لا يعملن في قطاع منتظم وكذلك العاملين في الزراعة والبناء والاقتصاد غير الرسمي وجميع العاملين على نحو غير منتظم.
نتحدث عن متطلبات أساسية كان يجب تجاوزها قبل أكثر من خمسين سنة، واليوم نواجه تحديات جديدة في نوعية ومستوى التعليم والعمل، وليس فقط الأساسيات والبديهيات.. وبالطبع فلا يمكن الحديث عن نهضة وتنمية سواء في التعليم أو سائر المجالات من غير مخصصات في الإنفاق والموازنات لهذه الأفكار، وبغير ذلك فإنها تظل مجرد تغريدة جميلة لرئيس الوزراء في تويتر!