مستقبل مشرق للتعليم

تمكن الدكتور عمر الرزاز من إخراج الثانوية العامة من ثوبها البالي. عقود مرهقة وضعت التعليم في صندوق القلق والتوتر والخوف. اليوم، وبعد تحديات مرهقة، تمكن الرزاز من وضع التعليم الاردني برمته على أول السكة، ليكون موازيا للتعليم في الدول المتقدمة والتي تتقدم.اضافة اعلان
ما نراه عبر نتائج العملية التي تبلورت هذا العام، يكشف عن رؤية مستقبلية ناضجة، استطاع الوزير المثقف، التقاطها، والمضي بها دون التفات للخلف. صحيح ان عقبة تغيير المناهج ما تزال واقفة في الحلق، ولم تؤت ما نأمل به من تغيير جذري في سياق عملية كاملة، تنهض برؤية التعليم الوطني ليغدو تعليميا حديثا 100 %، لكن الخطوات التي أنجزت الى اليوم مهمة، وتبشر بانتاج تعليم مستقبلي، يحمل على عاتقه تغيير مستقبل البلاد نحو الافضل، وحماية الاجيال من السقوط في بئر انتظار الدور على الوظيفة "الميري" وتغيير نمط التفكير بالعمل والعلم والتعليم.
النجاح الذي حققته وزارة التربية والتعليم يجب ان ينعكس على بنيتها المركزية كمؤسسة، وذلك بتغيير الانماط القائمة عليها كمؤسسة، ما تزال تعمل في نطاق عقول شهدت الحقب الماضية، ولا تؤمن بالتغيير، فلولا الارادة الصلبة للرزاز، لما شهدنا اليوم هذا الحفل البهيج بالنتائج، ولا أعني نتائج التوجيهي حسب، بل نتائج الخطوة الاولى نحو تغيير سياسات التعليم كليا.
ما يحتاجه مستقبل التعليم في الاردن، هو الذهاب الى أنسنة مادته، وجعلها ابنة الواقع، تلامس الحاجات الوطنية في البناء والتحديث والتمدين، وإخراجها من بوتقة الدروس الخصوصية واقتصار التعليم على المنهاج، يجب ان يذهب التعليم الى مناطق أكثر ذكاء وأكثر الماما بالتطور العلمي والمعرفي في العالم، وايقاف أي شوائب تجعله مجردا من قيمته كمهمة وطنية تنموية حضارية.
نعم هذه هي الخطوة الاولى، ولا اقل من ان نلمح قوة فاعليتها في مقبل الايام، حين نرى فعليا أن التعليم لم يعد مقرونا بـ"البصم" والتلقين، وما قدمته نتائج التوجيهي اليوم، يكشف عن سلبيات التأخير الذي وقعت فيه مؤسسة التعليم الوطنية بما فيه إرهاق للبلاد والمواطنين.
في الأوقات الصعبة التي تعيشها الاردن، ثمة شمعة تشعل اليوم، نتمنى أن تبقى مشتعلة، والا تحرم البلاد من نهضة مقبلة، تكمن في تعليم معاصر يلبي حاجات المجتمع اولا بجيل واع، وحاجات البلاد بمتعلمين يلبون نهضته ونموه، وبتعليم لجميع ابنائه دون مواضعات كالتي نعيشها اليوم، وجعلته تعليما مسكونا بقيم الربح والخسارة، كل ما نأمله ان تكون الخطوة التالية تعليما حيويا، مجانيا وحرا.