آخر الأخبار-العرب-والعالمالسلايدر الرئيسيالعرب والعالم

“مستوطنات الضفة” في قبضة الغضب الفلسطيني

نادية سعد الدين

لم تعد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بمأمن من الغضب الفلسطيني العارم ضد عدوان الاحتلال، ومستوطنيه، بحق الفلسطينيين والمقدسات الدينية، بخاصة المسجد الأقصى المبارك، ما دفع ما يسمى “مجلس المستوطنات” لمطالبة حكومة الاحتلال بمزيد من الحماية الأمنية والعسكرية الكثيفة، والمفقودة بالنسبة لهم.


وقد عززت عملية مستوطنة “بيت إيل” الإسرائيلية، قرب رام الله، على يد الشهيد الفلسطيني قيس شجاعية (23 عاماً)، أجواء الإرباك والقلق الشديدين بين صفوف زهاء 700 ألف مستوطن، ضمن 145 مستوطنة و140 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، بالرغم من امتلاك معظمهم السلاح، وذلك في ظل تصاعد العمليات الفلسطينية الناجحة مؤخراً.


ولم يمنع امتلاك معظم المستوطنين للسلاح من تسلل عناصر الخوف والقلق والريبة إلى صفوفهم، فيما لم تتوقف دعوات “مجلس المستوطنات”، الأكثر تطرفاً مقارنة بالأذرع الاستيطانية الإسرائيلية، للمزيد من التسلح ولنشر عناصر إضافية من قوات الاحتلال داخل المستوطنات وبمحيطها، لتوفير الحماية الأمنية والعسكرية لهم من قبضة الغضب الفلسطيني العارم.


ولا تملك حكومة الاحتلال، التي تضم مستوطنين بين أعضائها، إلا الانصياع لمطالب المستوطنين وتلبية احتياجاتهم، ليس فقط لامتلاكهم سطوة القرار الإسرائيلي، وإنما لما يشكله الاستيطان من عصبٍ عضيد لبقاء الحكومات الإسرائيلية المتوالية، ومن ركيزة أساسية للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة.


فيما شكل ارتفاع عدد العمليات الفلسطينية، مؤخراً، وبروز قوى نضالية فلسطينية موحدة من اندماج مقاتلي الفصائل القائمة حالياً، موضع قلق وإرباك كبيرين بالنسبة لحكومة الاحتلال، المتوجسة من مصير أجواء التصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية، والتي تسعى لتغذيتها في مصاف تعزيز وضعها بالمعركة الانتخابية القادمة.


ففي غضون الأسبوع الأخير فقط؛ طال عدد غير قليل من المستوطنات عمليات فلسطينية نافذة أدت لوقوع إصابات بليغة بين صفوف المستوطنين، من إجمالي 106 عمليات فلسطينية، بين إطلاق نار وإلقاء عبوات ناسفة وزجاجات حارقة، أدت إلى استشهاد ثمانية فلسطينيين ومقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 32 جندياً ومستوطناً آخرين، خلال مواجهات مع الاحتلال في أنحاء الضفة الغربية.


في حين شهدت الضفة الغربية، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، تنفيذ 7 عمليات إطلاق نار من قبل الشبان الفلسطينيين أدت لإصابة 7 مستوطنين إسرائيليين، وفق مركز المعلومات الفلسطيني “معطى”، الذي أفاد بتحطيم مركبتين للمستوطنين ومحاولات متواترة للتصدي لعدوانهم ضد الشعب الفلسطيني.


ومنذ بداية عام 2022 حتى اللحظة؛ نفذت القوى والفصائل الفلسطينية 472 اشتباكاً وعملية إطلاق نار، ونحو 29 عملية إطلاق نار في عام 2020، مقابل 191 عملية في عام 2021، مما يشكل هاجساً وازناً للاحتلال ومستوطنيه.


وتأخذ مدينة القدس المحتلة، التي تضم وحدها نحو 230 ألف مستوطن، النصيب الأوفر من المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، ومستوطنيه، في ظل تصاعد اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى، أسوة باستباحة باحاته أمس وتنفيذ الجولات الاستفزازية والطقوس التلمودية المزعومة بحماية قوات الاحتلال، عدا قيام مجموعات كبيرة من المستوطنين بمواصلة اقتحام لحي الشيخ جراح لليوم الثاني على التوالي، بمشاركة المتطرف “بن غفير”.


ولطالما شكلت القدس المحراب الأكثر عنوة في معركة التهويد الإسرائيلي، بينما يشكل المستوطنون الذراع الأكثر تطرفاً في مساعي الاحتلال الدؤوبة لطمس هوية المدينة وتغيير معالمها، من دون أن تفلح محاولاته في تحقيق أهدافه العدوانية أمام صلابة صمود المقدسيين وثبات الفلسطينيين في وطنهم وأرضهم والتصدي لانتهاكات الاحتلال المتواصلة بحقهم.


وما تزال قضية مخيم شعفاط وبلدة عناتا ماثلة في واجهة مشهد العدوان والحصار الإسرائيلي، في ظل محاولات المستوطنين البائسة لاستغلال الأجواء المتواترة في أفق مدينة القدس من أجل تكثيف الاقتحامات والمواجهات، كما حدث أمس في أحياء مختلفة بالقدس المحتلة، حيث تصدى الفلسطينيون للمستوطنين في الشيخ جراح، مما أدى لإصابة اثنين مستوطنين خلال المواجهات.


وأمام تصاعد انتهاكات المستوطنين بحق “الأقصى” وضد الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية، فإن المواجهات قد ارتفعت وتيرتها أيضاً، إذ شهدت بلدة جرير، شرق رام الله، اشتباكات عنيفة على وقع اقتحام قوات الاحتلال للبلدة التي أعلنت إضراباً شاملاً حداداً على روح الشهيد شجاعية، منفذ عملية مستوطنة “بيت إيل”، الإسرائيلية، والتي أسفرت عن إصابة مستوطن.


وقد أكدت عملية “بيت إيل” المخاوف الإسرائيلية من خطورة “زحف العمليات الفلسطينية من شمال الضفة الغربية إلى الوسط والجنوب”، على الرغم من جهود الاحتلال الحثيثة لمنع تمددها وعزل شمال الضفة الغربية عن محيطها الفلسطيني، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.


بينما تواصلت دعوات الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية إلى “تصعيد الغضب والاستمرار في الرد على العدوان الإسرائيلي الهمجي على القدس والمقدسات.”


كما أكدت كل من حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، استمرار المواجهة ضد الاحتلال رداً على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وانتهاك حرمة المقدسات.


واعتبرت “الجهاد الإسلامي” إن “استهداف جنود الاحتلال في رام الله، وما سبقها في نابلس وشعفاط، تؤكد ديمومة المواجهة وقدرة المقاومين على الانتقام لدماء الشهداء، حتى لا ينعم العدو المجرم بالأمن والأمان على حساب الدم الفلسطيني”.


ودعت الحركة جماهير الشعب الفلسطيني لضرورة الالتفاف حول أهالي القدس وشعفاط ونابلس وجنين وعموم الضفة الغربية، وتصعيد المواجهات على نقاط التماس، وتشكيل جبهة داعمة وحاضنة في لصمود الفلسطينيين في الضفة الغربية.

اقرأ المزيد :

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock