"مسيرة الأعلام".. حرب معلنة عنوانها القدس

القدس المحتلة - تأخذ "مسيرة الأعلام" التي يفترض أن تنظم في القدس يوم بعد غد الأحد صخبا واهتماما استثنائيا هذا العام، إذ يخطط المستوطنون المتطرفون لإحياء يوم "توحيد القدس" باقتحام كبير للمسجد الأقصى وبمسيرة أعلام إسرائيلية ضخمة يعوضون من خلالها إخفاق مسيرة العام الماضي التي فرقتها صواريخ المقاومة القادمة من غزة.اضافة اعلان
في المقابل جدد الفلسطينيون تحذيراتهم للاحتلال الإسرائيلي من مغبة السماح للجماعات اليهودية المتطرفة بتنظيم ما تسمى مسيرة الأعلام عبر البلدة القديمة في القدس، في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أحدث توصيات المؤسسة الأمنية بشأن المسيرة ومسارها.
وحذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاحتلال الإسرائيلي بأنه يخاطر باندلاع حرب جديدة، إذا سمح لمسيرة الأعلام بالمرور بقلب البلدة القديمة في القدس.
وقال باسم نعيم رئيس دائرة السياسة والعلاقات الخارجية في حركة حماس بقطاع غزة، في تصريحات لوكالة رويترز "أتوقع أن حماس والفصائل الأخرى مستعدة لبذل كل ما في وسعها لمنع هذا الحدث بغض النظر عن التكلفة".
ودعا نعيم حكومات العالم للضغط على إسرائيل حتى تغير مسار المسيرة، وأضاف "القرار بيد الإسرائيليين والمجتمع الدولي. يمكنهم تجنب الحرب والتصعيد إذا أوقفوا هذه المسيرة المجنونة".
في غضون ذلك، أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مسؤولين أميركيين طلبوا من نظرائهم الإسرائيليين إعادة النظر في مسار مسيرة الأعلام المزمعة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنها تحذر من استمرار "التحشيد الممزوج بخطاب الكراهية والعنصرية الذي تقوم به الجماعات اليهودية المتطرفة لتجميع أكبر عدد ممكن من المتطرفين اليهود للمشاركة في مسيرة الاحتلال".
وأوضحت أنها تنظر للمسيرة الأعلام وتلك الحشود العسكرية على أنها اعتراف إسرائيلي رسمي بأن القدس محتلة، كما وصفت المسيرة بأنها "محاولة لتصدير أزمات هذه الحكومة إلى الجانب الفلسطيني وعلى حساب الحقوق الفلسطينية".
وفي وقت سابق، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان إن الفلسطينيين قادرون على حماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية كما فعلوا في قضية البوابات وصفقة القرن.
وحمّلت الرئاسة الفلسطينية حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التصعيد عبر مسيرة الأعلام المرتقبة، محذرة من أنها ستؤدي إلى تفجير الأوضاع.
وتعد "مسيرة رقصة الأعلام" الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، وتنطلق سنويا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بعد تجمع المشاركين الذين قد يبلغ عددهم نحو 30 ألف مشارك، وتمر من بابين من أبواب البلدة القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العامود، حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيطه.
ولتعويض ما لم يتحقق العام الماضي خلال هذه المناسبة صعدت جماعات الهيكل والمنظمات المتطرفة منذ أيام من تصريحاتها العدوانية تجاه المسجد الأقصى، وما زالت تحشد مزيدا من المؤيدين للمشاركة في تنفيذ اقتحامات بأعداد كبيرة للمسجد يتم خلالها رفع العلم الإسرائيلي وغناء النشيد القومي وأداء الصلوات الجماعية العلنية ثم المشاركة في مسيرة الأعلام عصرا.
ومن أكثر الدعوات تطرفا حتى الآن صدرت عن زعيم منظمة "لاهافا" المتطرفة بنتسي غوبشتاين الذي دعا لاعتبار اقتحام الأقصى بمناسبة "توحيد القدس" هو يوم البدء بهدم قبة الصخرة المشرفة، وأُرفقت دعوته هذه بتصميم يضم جرافة تنهش قبة المصلى الذهبية.
وتأتي الاحتفالات بيوم "توحيد القدس" هذا العام بعد أسابيع من احتدام معركة الأعلام في المدينة؛ خاصة بعد تكرر رفع العلم الفلسطيني مؤخرا سواء داخل المسجد الأقصى أو في جنازة الراحلة شيرين أبو عاقلة والشهيد وليد الشريف قبل أيام، في مشاهد دفعت بكثيرين للقول إن إسرائيل فقدت السيطرة على المدينة التي تدّعي أنها عاصمتها الموحدة.
صراع وسيادة
وقال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، إن العنوان العريض للأحداث التي تجري في مدينة القدس مؤخرا هو "الصراع على السيادة" والأعلام أحد أهم رموز السيادة.
وكان من اللافت وفقا للهدمي بقاء العلم الفلسطيني مرفوعا أعلى قبة الصخرة المشرفة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان وعدم تجرؤ شرطة الاحتلال على إزالته لما في ذلك من مجازفة في الاقتحام والمواجهة.
كما أن حرص الشرطة على منع المستوطنين من رفع العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد لاحقا شكّل وفق الهدمي نقطة ضعف وإهانة لسلطات الاحتلال التي دفعتها لاستهداف الأعلام الفلسطينية في الجنازات الأخيرة بالمدينة، كما دفعت بالمتطرفين لحشد أكبر عدد من المستوطنين المعروفين بتطرفهم لمسيرة الأعلام الإسرائيلية القادمة.
وكلما اقترب العلم الفلسطيني من المسجد الأقصى ومحيطه ومن مداخل البلدة القديمة يشعر الاحتلال بأنه فقد سيادته الوهمية على المدينة. وفي حال شعر أن الانفجار سيكون حتميا وكبيرا إذا مرّت مسيرة الأعلام من باب العامود والحي الإسلامي فإنه سيتراجع خاصة إذا اتسعت دائرة المواجهة كما العام الماضي، لتشمل الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني".
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن المسيرة تأتي في توقيت مشحون جدا فلسطينيا وإسرائيليا، واليمين يريد إثبات نفسه بطريقة مختلفة فتعمد أتباعه خلال الساعات الأخيرة حرق العلم الفلسطيني في عدة تجمعات.
وأضاف بشارات في حديثه للجزيرة نت أن المستوطنين يعلمون أن الجو الفلسطيني العام يتحدث حاليا عن قرب زوال إسرائيل، ويُشحن هؤلاء بالمقابل من حاخاماتهم لاستهداف أقدس أماكن العبادة لدى المسلمين في القدس.
وحول السيناريوهات المتوقعة خلال مسيرة الأعلام هذا العام رجّح بشارات أن تكون أكثر عنفا ضد المقدسيين وممتلكاتهم في البلدة القديمة، مقارنة بالأعوام السابقة خاصة أن منظمة "لاهافا الإجرامية" التي تربي أتباعها على كره العرب والمسلمين هي من تتصدر الدعوات والتنظيم.
ووفق بشارات فإن السيناريوهات الأكثر قتامة تتمثل في أن "المتطرفين وضعوا سيناريو خياليا يتوقعون أن يتحقق يوما خلال مسيرة الأعلام وهو أن المشاركين سيندفعون بشكل جماعي عند أحد أبواب الأقصى ويقتحمونه بعد فقدان الشرطة السيطرة عليهم، وهناك ستنشب حربا دينية دامية سيتدخل بها قائد أركان الجيش".
و"لاهافا" وتعني بالعربية اللهب تعد وفقا لما نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" إحدى أبرز المنظمات الصهيونية اليمينية المتطرفة التي تعمل وفقا لأجندات استيطانية قومية عنصرية ضد العرب.
وقد أسس المنظمة المتطرّف بنتسي غوفشتاين عام 1999 بهدف منع ظاهرة "زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود" ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل، إلى جانب "محاربة انصهار اليهود في الديار المقدّسة"، وتعد إحدى أهم المنظمات اليمينية العنصرية التي تتبنّى خطاب الكراهية ضد العرب في المناطق المختلفة وبالتحديد في مدينة القدس.
يذكر أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رأت أن "دعوة رئيس منظمة لاهافا الصهيونية لقطعان المستوطنين بهدم قبة الصخرة المشرفة وبناء هيكلهم المزعوم، في ما يُسمى توحيد القدس تعد استفزازا مباشرا لمشاعر شعبنا وأمتنا، وتصعيدا خطيرا ضد هويتنا وقيمنا ومقدساتنا".-(وكالات)