مصاعب التعليم الوجاهي: هل يحتاج الطلبة لإعادة تأهيل؟

طلبة خلال الطابور في مدرسة صافوط الثانوية - (تصوير: ساهر قدارة)
طلبة خلال الطابور في مدرسة صافوط الثانوية - (تصوير: ساهر قدارة)

دانا الشلول

عمان- بعد غياب دام نحو عامين متتالين، عاد الطلبة إلى مدارسهم ليتلقوا تعليمهم وجاهيا، غير أن بعض الطلبة وذويهم يشتكون من جملة صعوبات تواجههم، منها عدم وضوح البروتوكولات الصحية المقترنة بالعودة، إضافة إلى صعوبة التأقلم مع الحالة الجديدة قياسًا إلى نظيرتها القديمة عندما كان التعليم عن بعد.اضافة اعلان
وفي هذا الصدد يقول ذوو طلبة إنهم "لا يفهمون كامل البروتوكولات الصحية والنفسية لتكييف أنفسهم وأبنائهم مع العودة إلى المدارس بشكلٍ آمن"، فيما يؤكد خبراء في مجال الصحة والأوبئة ضرورة تحفيز الأهل لأبنائهم بعدم مخالفة إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
كما يؤكد خبراء نفسيون ضرورة استيعاب الأبناء والحوار معهم وتهيئتهم لهذه العودة، كما ينبغي على الأهل تعليم أبنائهم العادات الصحية السليمة.
وبشأن ما يجب اتخاذه من إجراءات وبروتوكولات صحية وقائية لضمان عودة آمنة للمدارس، قال استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير الأوبئة، الدكتور محمد الطراونة إن "قرار العودة للتعليم الوجاهي في ظل استقرار الظروف الوبائية يعد قراراً حذراً، إذ يجب المحافظة على الاستقرار الوبائي الذي وصل إليه الأردن، للحفاظ على سلامة الطلبة من نقل العدوى إليهم من المدرسة، أو نقلها من الطلبة إلى ذويهم".
وشدد الطراونة في تصريح لـ"الغد"، على ضرورة تهوية الغرف الصفيّة جيدا وترك مجرى للهواء، حيث أثبتت الدراسات بأنَّ "تهوية المكان تقلل من خطر العدوى بنسبة 80 %"، مؤكدا ضرورة توعية الطلبة بشكل دوري ومكثف بأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية. كما أكد الطراونة أهمية اتباع التعليمات الصحية؛ كالتباعد الجسدي، وتقليل الازدحام في الغرف الصفية، واستخدام الكمامة وعدم نزعها، وتجنب تبادل الكمامات بين الطلبة.
وشدد على دور المعلمين في مراقبة الحالة الصحيّة العامة للطلبة، وتحويل الطالب الذي تظهر عليه الأعراض إلى طبيب المدرسة أو إبلاغ الأهل لأخذ الإجراءات اللازمة، مبيّنا أن الوصول إلى ثقة الناس يكون "بالتوعية والتثقيف لا بالتخويف والترهيب".
كما على وزارتي الصحة والتربية والتعليم التعاون مع بعضهما البعض لإجراء فحوصات (pcr) دورية للطلبة والمعلمين للحفاظ على الأوضاع الوبائية المستقرة، خصوصا وأنه في مثل هذا الوقت من السنة يبدأ انتشار الفيروسات التنفسية التي تتشابه أعراضها مع فيروس كورونا، ما يؤدي إلى الخلط بين الأمراض الموسمية وكوفيد- 19.
أما على الصعيد النفسي، فتعتبر العودة إلى المدارس في الوقت الراهن "صعبة ومليئة بالتحديّات التي قد يواجهها الطلبة والأهل معا"، بحسب أخصائي الطب النفسي باسل الحمد.
يقول الحمد في هذا الشأن: "يواجه الطفل تحدي الانتقال المكاني من البيت إلى المدرسة، إضافة إلى التحدي الزماني؛ فالطلبة سيقضون وقتاً طويلاً في المدرسة ما يجعلهم يفتقدون الأهل، بالإضافة إلى التحدي في طريقة التعلم، فقد تعلّم الطلبة لفترة طويلة جداً عن بعد من خلال الإنترنت".
ويضيف: "ينبغي الاعتراف أنه كانت هناك ممارسات خاطئة وتساهل في الفترة الماضية، فكانت المعلومات تُعطى أحياناً بطريقة سريعة، بالإضافة للتنجيح التلقائي، كما استخدم الطلبة أساليب تُسهّل عليهم العملية التعليمية ولجأ بعضهم للغش".
وأكد الحمد ضرورة الاعتراف بهذه المشكلات حتى نستطيع حلها والتعامل معها في التعليم الوجاهي.
وقال إنَّه مع عودة الطلبة للمدارس ستنشأ لديهم اضطرابات في أنماط النوم والطعام، بالإضافة إلى إدمان بعضهم خلال الحظر على الألعاب الإلكترونية، وكل هذا له تأثير كبير على الأطفال.
وأضاف: "اعتاد الطلبة على سياقات محددة في التفاعل، كما اعتادوا على الحرية في الحركة والاختلاط مع الأقران في محيط العائلة والجيران، ثم جاءت العودة المفاجئة لتظهر بعض المظاهر العدوانية في المدرسة، لكن هذا السلوك ربما تضبطه قلة أعداد الطلبة في الغرف الصفيّة".
ونصح الحمد أهالي الطلبة بتهيئة أبنائهم للعودة للمدارس، ومحاولة خلق بيئة صفية تشبه البيت بالتعاون مع المدرسة، والحديث مع الأبناء عن التحديات التي قد تواجههم عند عودتهم، كما أكد ضرورة استمرار قنوات الحوار والتواصل بين الأهل والطفل والمدرسة خاصة خلال الفترة الأولى، ورصد السلوكيات السلبية لحل المشاكل أولاً بأول قبل تفاقمها.
ويستدرك بالقول: "مطلوب أن لا يحاول الأهل حل جميع المشاكل التي يواجهها الطفل بمفردهم، ويحبذ أن يراجعوا أخصائيين نفسيين إذا لاحظوا تراجعا كبيرا في التحصيل الدراسي لأبنائهم". ويضيف: "يجب علينا التركيز على الصحة العامة للطفل، من خلال استنشاق الهواء النظيف، وممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي ومعتدل، والابتعاد عن السكريات والوجبات السريعة، بالإضافة للتعرض للشمس لمدة تتراوح بين 5-10 دقائق، والإبقاء على شبكة اجتماعية داعمة".
وبشأن تكييف الطلبة مع العملية التعليمية والعودة للمدارس من دون إرهاقهم نفسياً، يرى أخصائي الطب النفسي الدكتور موسى مطارنة أن الأطفال خلال الجائحة مروا بفترة طويلة من الجمود وعدم التفاعل على جهاز الحاسوب بين أربعة جدران.
وبين المطارنة أن معظم الطلبة فقدوا التجربة والتفاعل المدرسي، إضافة إلى الخبرات التي قد يأخذها الطلبة من خلال الأنشطة الاجتماعية والحركية.
وأضاف: "يجب على الأهل تكييف الأبناء وتهيئتهم للعودة للمدارس بشكل تدريجي؛ من خلال إعادتهم للحياة الصحية والاستيقاظ باكراً، وحل الواجبات من خلال تمارين تنشيط الذاكرة السريعة".
كما أكد ضرورة تفهم الأهل لأبنائهم وتشجيعهم على الذهاب للمدرسة، وعدم اللجوء للضغط للتعامل مع الأبناء وإجبارهم على الالتزام بالقوة، فضلا عن أهمية الحوار معهم وإرشادهم للبروتوكولات الصحية السليمة، منوّها إلى أن عملية التهيئة قد تستغرق شهراً أو أكثر بعد الذهاب للمدرسة.
وشدد على ضرورة تحفيز الأهل لأبنائهم يومياً، وتذكيرهم بمزايا المدرسة؛ كلقاء المعلمين والأصدقاء واللعب معهم في الملاعب الواسعة، بالإضافة إلى تعلم المهارات الجديدة.