مصدر سياسي إسرائيلي كبير: الرئيس أوباما ساذج والعرب لن يقدموا شيئا

معاريف - مايا بنغل

سادت في القدس أمس (الخميس) حالة من التخوف في الساعات التي سبقت الخطاب التاريخي للرئيس الأميركي في القاهرة. وقد خشي المسؤولون الإسرائيليون من ان يفاجئنا سلبا فيدير ظهر المجن لإسرائيل. لم يحدث ذلك، ولكن القلق الذي سبق الخطاب أخلى مكانه للشكوك بعده.

اضافة اعلان

رئيس الوزراء نتنياهو شاهد خطاب اوباما في مكتبه في القدس، الى جانب مستشاره السياسي ورئيس مجلس الامن القومي البروفيسور عوزي اراد. وسمع نتنياهو كل كلمة على لسان الرئيس. وفور ذلك استدعى رئيس الوزراء الوزراء دان مريدور، بيني بيغن وموشيه يعلون لصياغة الرد الإسرائيلي. وفي رده الرسمي حذر رئيس الوزراء من مناكفة أوباما والروح الجديدة التي يحاول ان يبثها. وكان الرد متواضعا وفاترا: "حكومة إسرائيل تعرب عن الأمل في أن يؤدي الخطاب الهام للرئيس أوباما في القاهرة بالفعل الى فترة جديدة من المصالحة بين العالم العربي والاسلامي وبين دولة إسرائيل"، كما جاء من مكتب رئيس الوزراء. "نحن شركاء في أمل الرئيس أوباما في أن يبشر الجهد الأميركي ببدء عهد جديد يؤدي الى انهاء النزاع واعتراف عربي شامل بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي، تعيش بأمان وسلام في الشرق الأوسط. إسرائيل ملتزمة بالسلام وستساعد قدر استطاعتها في توسيع دائرة السلام مع مراعاة مصالحها الوطنية وعلى رأسها الأمن". ولكن خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة في أروقة ديوان رئيس الوزراء كان الموقف من مضمون الخطاب أقل دبلوماسية واكثر شكا. فقد قضت مصادر سياسية رفيعة المستوى بان "اوباما ساذج"، وانه "مليء بالنوايا الطيبة ولكن بانتظاره خيبة أمل إذ أن الدول العربية لن تقدم البضاعة".

كما ظهرت في مكتب رئيس الوزراء خيبة امل من النبرة الهزيلة التي اتخذها اوباما تجاه إيران وخطر التسلح النووي.

نعود الى الردود الرسمية: وزير الحرب ايهود باراك، رحب بالخطاب، وقال إن "فيه تعزيز وتشجيع للمحافل المعتدلة والمحبة للسلام، مثلما فيه ايضا تحد للارهاب والأسس العنيفة المتطرفة التي تهدد الاستقرار في منطقتنا والسلام العالمي بأسره"، وأضاف: "نحن نرحب بالتزام الرئيس بوجود وأمن دولة إسرائيل". وانضم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان هو الآخر الى المرحبين فقال: "خطاب الرئيس أوباما كان هاما. فقد أعرب عن الارادة لخلق عالم أفضل تسوده العدالة والديمقراطية".

لا ريب أن الفترة القريبة القادمة ستكون عاصفة بل وربما دراماتيكية في علاقات إسرائيل والولايات المتحدة. في المرحلة المقبلة، بعد نحو شهر حسب مصادر سياسية في القدس، سينهي الرئيس أوباما بلورة مبادرة السلام الاقليمي الشامل حسب الجدول الزمني. وقبل ذلك، يتعين على إسرائيل ايضا ان ترسم لنفسها خطة سياسية مفصلة.

حلم وسيط

قالت وثيقة داخلية لوزارة الخارجية ارسلت فور خطاب الرئيس باراك أوباما في القاهرة الى وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ونائبه داني ايالون إن هذا الخطاب "متسرع للغاية".

ويمكث ليبرمان هذه الأيام في مينسك في روسيا البيضاء اما ايالون فيزور واشنطن. وقد وضع الوثيقة مسؤولون في وزارة الخارجية وهي تحلل خطاب الرئيس أوباما وتستخلص استنتاجات. وورد في الوثيقة أن "الرئيس لم يجلب مفاجآت. وكما كان متوقعا، لم يتضمن خطابه خطة عمل لحل النزاع الإسرائيلي – العربي/الفلسطيني". 

وترى وزارة الخارجية خطاب اوباما كخطاب متصالح تجاه الدول العربية من جهة ولكنه متصلب تجاه اسرائيل من الجهة الاخرى.  وتقول الوثيقة إن الرئيس أوباما " اتخذ الرئيس نهجا متصالحا (ان لم يكن اعتذاريا) تجاه الاسلام"، اما تجاه إسرائيل: "فيبرز حزم عملي وتصميم ظاهر من جانب الولايات المتحدة... وكذلك ايضا الالتزام الشخصي للرئيس بالحل".

ويحلل المسؤولون في وزارة الخارجية لوزير الخارجية ونائبه الفصل الإيراني في خطاب اوباما ويشيرون الى أن الموقف من إيران متوازن. "بالنسبة لإيران، لم يربط الرئيس هذا الموضوع بالمسألة الاسرائيلية – الفلسطينية، واستخدم لغة غير حماسية ولكنه أوضح خطر سباق التسلح الاقليمي". ويتعارض موقف وزارة الخارجية مع موقف مكتب رئيس الوزراء حيث اعرب عن القلق لأن أوباما لم يكن حازما بما فيه الكفاية في تناوله لخطر النووي الايراني.

وقالت وثيقة وزارة الخارجية أن الخطاب هو ذروة في سلسلة البادرات الطيبة من الادارة الأميركية نحو العالم الاسلامي.

وتلخص الوثيقة الخطاب كالتالي: تطرق اوباما إلى "7 مناطق توتر" مع الاسلام يجب التغلب عليها: 1. الصراع ضد التطرف العنيف – افغانستان، الباكستان والعراق؛ 2. إسرائيل – فلسطين؛ 3. السلاح النووي – مصدر توتر بين الولايات المتحدة وإيران. "وصلنا الى نقطة الحسم: فهذه ليست مصلحة أميركية بل يدور الحديث عن منع سباق تسلح نووي في الشرق الاوسط؛ 4. الديمقراطية – لا حق لأحد في ان يفرض نظاما معينا، ولكن سيكون هناك دعم للدول التي تتقدم في الديمقراطية؛ 5. حرية الدين؛ 6. حقوق النساء؛ 7. التنمية الاقتصادية والتكنولوجية.

ملاحظات على خطاب المصالحة

• الكارثة. سعى اوباما الى الربط بين كارثة اليهود والمعاناة التي لحقت بالشعب الفلسطيني – وهو ربط عسير على الاذان الاسرائيلية. فقد قال انه ينبغي فهم حاجة اليهود الى دولة انطلاقا من الصدمة والمعاناة التاريخيتين على نحو يشبه الحاجة الفلسطينية الى دولة، ولكنه هدأ روع اسرائيل حين وقف ضد نكران الكارثة.

• الحرب ضد الارهاب. لفت الرئيس أوباما الانتباه الى افغانستان والباكستان، حيث تخوض الولايات المتحدة الحرب الحقيقية. وسعى الى تهدئة روع جمهوره والتوضيح بانه خلافا للعراق، فان الحرب هناك مؤقتة فقط، وتتم بدعم دولي واسع بهدف تصفية اعشاش الارهاب للقاعدة –  وإنهاء المسؤولين عن عمليات 11 ايلول (سبتمبر).

•خريطة الطريق. تطرق اوباما الى المرحلة الأولى من خريطة الطريق وهي المرحلة التي علقت فيها المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وبزعمه، لا يمكن لإسرائيل من الان فصاعدان ان تقول انه على الفلسطينيين أولا أن يفككوا البنى التحتية للارهاب ويوقفوا العنف والتحريض، لكي تخلي البؤر الاستيطانية وتجمد البناء في المستوطنات. فهو يريد نشاطا متوازيا.

• الدولتان. كان الرئيس الأميركي صريحا وقاطعا: حل النزاع باقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل، ولا يوجد حل غيره. وفي الايام القريبة المقبلة سيضطر بنيامين نتنياهو ايضا الى الاعتراف بذلك او أن يستعين نتنياهو عندها بالسلم الذي اعده مسبقا كي ينزل من هذه الشجرة، فيطلب اعترافا من جانب الدول العربية بإسرائيل.

• المسألة الإيرانية. في إسرائيل خيبة امل من التناول اللين من جانب اوباما للنووي الإيراني، والذي يعرض عمليا استعدادا لقبول نووي إيراني لاغراض مدنية – في خلاف تام مع موقف إسرائيل. وفي الاسبوع المقبل، عند زيارة جورج ميتشيل الى المنطقة، ستطلب إسرائيل الا يكون لإيران نووي – لا لاهداف مدنية ولا لأي شيء على الاطلاق.

• المسألة النووية. أوباما أعلن بانه يتطلع الى عالم بلا نووي، وألمح بان إسرائيل سيتعين عليها أن تعطي الرأي في ذلك. وهو عمليا، يلمح بان الغموض النووي الإسرائيلي لن يستمر الى الابد. وبالمقابل أخذ نتنياهو الانطباع في واشنطن بان الإميركيين لن يجبروا إسرائيل على الانضمام الى ميثاق منع نشر السلاح النووي.

• حماس. اعترف أوباما أن هناك تأييد لحماس في اوساط فلسطينية معينة، ولكنه ايضا اشار الى أن هناك ثمنا لهذا التأييد: المسؤولية عن السكان. بتعبير آخر، لم يضع اوباما تلقائيا، مثلما تفعل إسرائيل، حماس على محور الشر. عمليا، يعطي أوباما شرعية لحماس ويجعلها لاعبا محتملا في المسيرة الشاملة.

• المستوطنات. تحدث أوباما عن تجميد المستوطنات واخلاء البؤر الاستيطانية وبالتوازي عن القضاء على العنف والارهاب في الجانب الفلسطيني. ومن ناحيته، ابو مازن يفعل كل ما في وسعه ولكنه يجد صعوبة في منع المخرب المنفرد الذي تبعثه حماس وإيران. وبالتوازي، إسرائيل تستغل ذلك وتوسع المستوطنات.