مصير مجهول

كان من المفترض المباشرة بتنفيذ مشروع أنبوب النفط العراقي الذي يربط مدينة البصرة العراقية بميناء العقبة، نهاية العام الماضي، لكن ذلك لم يتحقق بالطبع.اضافة اعلان
نحن الآن في نهاية الربع الأول من العام 2018، وليس لدينا سوى اتفاقية إطار بين البلدين وقعت قبل ست سنوات لا يترتب عليها أي التزامات.
من الجانب الأردني، قطعت الحكومة شوطا كبيرا في الاستعداد لمد الأنبوب النفطي من الحدود مع العراق إلى العقبة، وتم بالفعل إحالة العطاء كما أعلن سابقا على شركة متخصصة وفق صيغة البناء والتشغيل المعروفة عالميا والمجربة أردنيا في مشاريع عدة.
لكن على الطرف العراقي، لم نشهد خطوات عملية لغاية الآن، وفي آخر متابعات "الغد" للموضوع تصريحات منسوبة لمصدر مسؤول، تفيد بأن القرار العراقي مؤجل لما بعد الانتخابات التشريعية التي يشهدها الشهر المقبل.
لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالأوضاع في العراق بعد الانتخابات، لكن المؤكد أن الانتخابات ستحمل معها متغيرات كثيرة، ولن يكون سهلا على القوى السياسية التوافق على تشكيل حكومة في وقت سريع، وتقاسم المناصب العليا في الدولة. العملية ستستمر أشهرا عدة في أحسن تقدير، ومن بعدها علينا أن ننتظر لنعرف توجهات الحكومة الجديدة تجاه جيرانها.
هذا يعني أن المشروع لن يرى النور في العام الحالي، وسيرحل في انتظار التطورات المقبلة.
أعتقد أن الحكومة قامت بما يتوجب عليها على الجانب الأردني لتسريع تنفيذ المشروع، لكنها لم تتبن الاستراتيجية الصحيحة مع الجانب العراقي.
الموضوع، كما تأكد مع مرور الوقت، ليس شأنا فنيا تحسمه الطواقم المتخصصة، بل سياسي بامتياز، لكن بعض المسؤولين لم يرغبوا برؤية هذا الجانب.
كان أمامنا من الوقت ما يكفي لمقاربة المسألة بما يخدم المصالح الأردنية، فقد شهدت العلاقات الأردنية العراقية في عهد حكومة حيدر العبادي تحسنا كبيرا، وتبادل كبار المسؤولين الزيارات، ونسجت المؤسسات العسكرية والأمنية في البلدين علاقات تعاون ممتازة، كان لها أثر إيجابي في هزيمة الإرهاب بالعراق وتحرير المدن العراقية من سيطرة التنظيمات الإرهابية.
وفي الأشهر الأخيرة، حصل اختراق مهم في العلاقة تمثل بإعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين وتحريك ملف التبادل التجاري الذي تعطل لسنوات بسبب الظروف الأمنية في العراق.
كل هذه التطورات كان يمكن البناء عليها لتوقيع اتفاق تنفيذ الأنبوب النفطي، إلا أن ذلك لم يتحقق للأسف، بفعل حسابات مترددة من جانبنا، وسوء تقدير للعوامل المؤثرة في صناعة القرار السياسي في العراق، وتجاهل مقصود للمعادلة التي تحكم علاقات الدول.
من الصعب حاليا تدارك الموقف، فحكومة العبادي تحولت لتصريف الأعمال مع اقتراب موعد الانتخابات. أما عن احتمالات المستقبل، فلا تبعث كلها على التفاؤل، فقد تحمل نتائج الانتخابات إلى صدارة المشهد السياسي تيارات لا تكن الود للأردن، وعندها سنخسر "الأنبوب" إلى الأبد.