معادلة صعبة

  معادلة صعبة تقف فيها الحكومة والناس والقوى الشعبية في قضية رفع المشتقات النفطية, فليس هناك في الاردن من يؤيد رفع الاسعار سواء في الحكومة او خارجها, والفرق بين الطرفين ان الناس تتحدث بهمومها واعبائها وفقرها, وهذا منطق من حق الناس ان يتحدثوا به وعنه, والحكومة ومن حولها يبررون هذه القرارات بمعطيات اقتصادية واوضاع خارجة عن ارادتها, وهذا جزء من واجب اي حكومة, لكنّ كلا الطرفين مجبران على القرار واثاره, فالحكومة الحالية اشبه بطبيب بين يديه مريض لا علاج منظورا له الا جراحة صعبة, واهل المريض - وهم الناس- لهم الحق في الخوف على مريضهم, ويرون انه لو تم علاجه جيداً في مراحل سابقة لما احتاج لهذه الجراحة, لكن الطبيب واهل المريض لا يتحملون مسؤولية اخطاء طبية سابقة وعلاج غير مفيد.

اضافة اعلان

   واذا كان من واجبنا ان نقف الى جانب معاناة الناس وفقرهم, فإن هناك قاسم مشترك في كل ما يجري وهو الاردن ومصالحه واستقراره, ولا نتحدث هنا بلغة الانشاء, او بطريقة الاغنيات, وانما بالبحث عن معادلة صعبة محصلتها المطلوبة الاردن الدولة, التي من المفترض انها الغاية الكبرى لنا كمواطنين وللحكومات.

  والاردن الغاية تعني اولاً حاجة مواطنيه الى كل جهد يؤمن لهم حق الحياة الكريمة وبأقل قدر ممكن من العنت والمعاناة المعيشية, لهذا فإن واجب الحكومات ان تقدر صبر الاردنيين وتفهمهم لظروف بلادهم, وان تقابل هذا بسياسات حقيقية لمعالجة المشكلات بعيداً عن الحلول الشكلية او الجزئية, وان تحاول الانتهاء من الحلول الاعلامية التي لم تقدم شيئاً في بعض المجالات, وكانت تعبيراً عن غياب الرؤية الاستراتيجية.

   ومعادلة الحفاظ على مصالح الاردن تقتضي ان يسكن عقل وقلب كل مسؤول حرص حقيقي على المال العام عبر (حياة) ترشيد غير خاضعة للاختراق, ولهذا فالتحدي امام كل مسؤول ان يشهد الناس ترشيداً حقيقياً, او بشكل مختصر ان يتعامل كل مسؤول مع المال العام مثلما يتعامل مع ماله الخاص.

  وحتى نكون اكثر تجانساً مع المعادلة الصعبة لمعاناة الحكومة والناس، فإن على الجميع ان يدرك اننا امام ثلاث محطات صعبة في اذار وايلول القادمين واذار من عام 2007، وان دوافع ما يجري الان ومبرراته هي ذاتها للمحطات القادمة, وان ما تطلبه الحكومة الان من الناس والقوى النيابية والسياسية من تفهم لموقفها هو ما ستتحدث به في كل مرحلة قادمة, والتفهم الذي تطلبه ليس القبول بالقرارات بقدر ما هو ادراك مبرراتها، وان الحكومة لا يمكنها ان تفعل الا ما تفعل لمواجهة المشكلة.

الاردن دولة بلا موارد طبيعية ولا اموالا مخزونة, وتعتمد في نسبة من اقتصادها على المساعدات والمنح, ولهذا من الطبيعي ان تتأثر بأى تحولات او طفرات اقتصادية دولية, لكن دولة بهذه الموارد المحدودة تحتاج الى ادارة كفؤة وعلمية للمتاح من الموارد والامكانات, وتحتاج ايضاً الى حصار حقيقي لخطرين كبيرين: الفساد وسوء الادارة من جهة، والتبذير والبذخ من جهة اخرى. وهذا ما يجب على الحكومات ان تمارسه لحماية مصالح الدولة.

معادلة صعبة بين الحكومة والاردنيين لكن مفتاح حل المعادلة اننا جميعاً في قارب واحد, وان الاردن للجميع, وان الحرص الحقيقي غير الانشائي على مصالحه يكون عبر التفهم والتوافق.

[email protected]