معان: كورونا تفرض تغيرات جذرية بموروث الأعراس

Untitled-1
Untitled-1

حسين كريشان

معان – فرضت تداعيات جائحة كورونا وأوامر الدفاع الصادرة عن الحكومة على سكان مدينة معان تغييرات جذرية في الموروث الاجتماعي في طقوس الأعراس، من حيث اختفاء ما يسمى بـ”عشاء العريس”، واستبداله بحلويات الكنافة أو ما يعرف بـ" الصحون الطائرة"، ما أضر بأصحاب قطاع "الطباخين" الذين يعتمدون في ارزاقهم على هذه المناسبات.اضافة اعلان
واختفت مشاهد الولائم الكبيرة من ذبح المواشي ونحر الإبل واقامة ”الأكلات الشعبية التقليدية”، التي تسيدت في الاعوام السابقة موائد الأعراس ، مثل: “ الأرز الحامض”، و“المجللة المعانية”، والرشاش “الأوزي”، واستبدالها بالحلويات مثل “الكنافة” والعصائر، ما افقدها النكهة والابتهاج.
واعتبر سكان المدينة أن الظروف الحالية مناسبة تدفع السكان للتقليل من أعباء طقوس “الأعراس‘‘، خاصة العائلات التي تواجه أعباء الحياة المعيشية، سيما ان ما يسمى بـ”عشاء العريس‘‘ تقدر كلفته المالية بـ7-15 ألف دينار، وفق تقديرات أهالي المدينة.
الى ذلك، يواجه قطاع "الطباخين" في مدينة معان وضعا صعبا، وتتفاقم مخاوفهم من تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية على محالهم التي باتت مهددة بالإغلاق التام وتعرضهم الى خسائر فادحة، نتيجة توقف الطلب على قطاع "الطباخين" لإقامة ولائم الافراح والمناسبات المعتادة، بعد أن فرض تفشي فيروس "كورونا" عادات وتقاليد جديدة في الأفراح كالاعتماد على الحلويات.
وقالوا ان قطاعهم تأثر بشكل كامل، وتعرض إلى خسائر فادحة نتيجة التزامات مالية وأجور محال منذ بداية الجائحة، الى جانب توقف عشرات العمال عن العمل وفقدان وظائفهم، محذرين من زيادة تراكم الاثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على توقف عمل القطاع، بعد أن خسروا جميع مواسم المناسبات العامة، بسبب جائحة "كورونا".
ويقول أحد أصحاب المطابخ في المدينة عمار السعودي، ان تداعيات فيروس كورونا طالت جميع الطهاة الذين فقد بعضهم مصدر رزقه، في ظل تراجع أصحاب الاعراس والغاء الحجوزات على الطباخين واختفاء أصناف الطعام في ولائم الافراح، التي كانت عادة متبعة للجميع، ما سرق لقمة العيش من أفواه الطباخين.
واشار الى أن الجائحة ألقت بظلالها الثقيلة على قطاع الطباخين في توفير لقمة العيش لأبنائهم، وهذا كله بدأ ينعكس سلبا عليهم ويشعرهم بالقهر والخوف والضيق.
وقال السعودي، ان صعوبة الوضع الراهن والقرارات الأخيرة للحكومة بفرض تقييد على حرية الحركة للحد من التجمعات، خاصة بمناسبات الافراح، دفع الى ظهور نمط جديد انطلق في المدينة بالاعتماد على الحلويات، بعد أن كانت غالبية الأفراح والأعراس لا تقام إلا بوجود "طباخ" يتولى مهمة التحضير وإطعام المدعوين، ما أفقدهم الإحساس بالأمان وجعل الحياة أكثر قسوة على أناس سلبهم فيروس كورونا أبسط مظاهر العيش الكريم، وتسبب بخسائر موجعه لهم.
ومع دخول فصل الشتاء تنخفض أعداد المقبلين على الزواج، وتختتم الاسابيع المقبله مواسم الأعراس في المدينة، في الوقت الذي طغى عليها حضور لافت هذا العام من تغيير بالموروث الثقافي الشعبي القديم، اضافة الى غياب التكلفة الكرنفالية في العادات والطقوس المتعلقة بمراسم الأعراس، باعتبارها إحدى أهم المناسبات الاجتماعية التي تمارس فيها هذه الطقوس الجملية.
ويشير أبو محمد كريشان إلى أن المدينة شهدت تغيرا ملحوظا منذ ما يقارب بداية العام الحالي في أسلوب إحياء مظاهر الزواج، عما كان متعارفا عليه قبل تفشي فيروس كورونا، إذ اختفت مظاهر الفرح فيها، والتي كان من أبرزها ما يسمى بـ”عشاء العريس”، الذي استبدل تحول الى كنافة للمدعوين، ما جعل الكلفة المالية لزواج ابنه الثاني تنخفض إلى نحو الف دينار، مقارنة مع تكلفة زواج ابنه الاول التي قدرت بـ" 8 الآف دينار، اذ تم توفير أجرة ‘‘الصيوان‘‘ البالغة الف دينار، بعد أن أقام مناسبة فرح ابنه في منزله.
وبين سليمان الخطيب، أن الظروف الاقتصادية وغلاء الأسعار وتفشي وباء كورونا، أسهمت في العودة مجددا إلى اتباع حفلات الأعراس التقليدية التي تقام في المدينة، عبر التخلص من المظاهر المبالغ فيها والتي توحي بالتبذير والمغالاة، لافتا الى أنه في تسعينيات القرن الماضي، انتشرت القاعات الخاصة بالمناسبات، سيما قاعات حفلات الأعراس في المدينة.
وقال انه ومع بداية الألفية الثالثة بدأت الأعراس في المدينة تخرج على طابعها المألوف والمحافظ على الأعراف والتقاليد الضاربة في الأعماق، التي تستمد جذورها من الحياة البسيطة البعيدة عن الكلف والإرهاق المادي، مبينا أن بعضهم انساق وراء التركيز على المظاهر المادية التي عصفت بجوهر مراسيم الأعراس.
ويؤكد عبدالله البزايعة، أن “نقوط العريس” ظل حاضرا بقوة في المشهد، كونه يعد جزءا أساسيا من تقاليد الأعراس، ويجسد فكرة التكافل الاجتماعي، رغم أن عادة النقوط أصبحت أشبه بأسلوب “القرضة والدين”، فضلا عن كونها تشكل إرهاقا ماديا كبيرا للكثيرين.