معدلات قبول!

هنالك قضايا في سياسة التعليم العالي تحمل تناقضات وتشير احيانا الى مخرجات غير مفهومة، فظاهر القرارات سليم، لكن تكاملها مع قرارات اخرى يجعلها غير ذلك.

اضافة اعلان

منذ سنوات طويلة اتخذ مجلس التعليم العالي قرارات منها عدم قبول الطلبة الاردنيين في كليات الهندسة لمن تقل معدلاتهم عن 80% وفي كلية الطب عن 85%، وهذه القرارات تحافظ على مستويات محترمة لهذه التخصصات. لكن نقيض هذه القرارات ان اي طالب اردني لا يمكنه دراسة الهندسة في اي جامعة اردنية يمكنه دراسة الهندسة في اي جامعة معترف بها في العالم، مهما كان معدله في التوجيهي، فإذا ذهب الى اوكرانيا او روسيا او مصر او سورية بمعدل 65% ودرس وعاد الى الاردن يتم اعتماد شهادته، وهذا ينطبق على كل الشهادات الاخرى التي تشترط حدا ادنى للمعدل.

هذا التناقض يجعلنا نسأل: هل المطلوب وضع حد لمعدلات القبول لبعض التخصصات في الجامعات الرسمية او الحفاظ على مخرجات التعليم ومستواها واداء المهن التي يمارسها الخريجون؟! فاذا كان الاول هو المطلوب فهذا لا يحقق الا حدودا دنيا لمعدلات القبول، اما من يملك المال فيمكنه ان يكون مهندسا او طبيبا باي معدل في التوجيهي، ويعود الى الاردن ولا ندري بعد ذلك ان كان مؤهلا في هذا المجال ام لا!

انه التناقض الذي لا يحمي المهن والتخصصات المشار اليها، لكنه يعاقب صاحب المعدل القليل، اذا كان لا يملك مالا وفرصة للسفر، اما ان كان يملك هذا فيمكنه بمعدل (60) ان يعود مهندسا او طبيبا يعمل الى جانب صاحب معدل (90) او (95). فلم نحقق من القرار حفاظا على مستويات مخرجات التعليم.

بعض اولياء الامور من الذين حصل ابناؤهم على 75% مثلا، يريدون تدريس ابنائهم الهندسة، لكنهم لا يريدون لابنائهم الغربة ومشكلاتها، ولا يأمنون على ابنائهم الآثار الكبيرة لذهابهم الى مجتمعات غربية. وهم ايضا لا يستطيعون الحصول على المقعد بالتنافس؛ فالمعدلات لا تؤهل، لكن السؤال؛ هل من الممكن ان تفتح لهم ابواب الدراسة الموازية ذات الرسوم المرتفعة، ليدرس ابناؤهم هذه التخصصات، فيكون تعويض نقص المعدل بالتكلفة العالية، تماما مثلما هو الواقع الحالي الذي يقدم لمن يملك الفرصة للسفر ان يعود مهندسا او طبيبا بغض النظر عن معدله في الثانوية؟

لو كانت القرارات التي تحافظ على مخرجات التعليم متجانسة وغير متناقضة لكان الحفاظ عليها ضرورة. لكن ما دام التناقض موجودا فلماذا لا نستبدل السفر والدراسة في الخارج بالتكلفة العالية للدراسة على البرنامج الموازي مثلا لمن يملكون المال ولا يريدون الغربة لابنائهم؟

ومن القضايا التي شهدت جدلا، ولا تزال، حرمان الطلبة الاردنيين ممن يحملون تقدير مقبول في البكالوريوس من اتمام دراستهم العليا في الجامعات الاردنية. لكن القرار له ما يناقضه من قرارات، فصاحب التقدير المقبول يمكنه ان يدرس الماجستير والدكتوراه لكن خارج الاردن، وهذا يشبه القضية الاولى، فالعبرة اصبحت ليست في الحفاظ على مستوى الخريجين، بل في مكان الحصول على الشهادة، ومن استطاع ان يذهب الى مصر ويدرس الدكتوراة، فليعد دكتورا بغض النظر عن تقدير البكالوريوس، اما من لا يستطيع فان مبرر الحفاظ على مخرجات التعليم يحرمه من حقه في الحصول على الشهادات العليا.

احدى الحالات التي عرفتها، طالب حصل في البكالوريوس على تقدير مقبول؛ لانه تعرض لحادث سير واصيب اصابات بليغة حرمته من الحصول على تقدير يستحقه، لكنه في الماجستير والدبلوم العالي كان يحمل الامتياز والمعدلات المتفوقة، وهو الان ممنوع من الحصول على الدكتوراه من الاردن، لكن يمكنه ذلك اذا سافر، ما يظهر هذه القرارات وكأنها ادارية وليست اكاديمية.

[email protected]