"معدل النزاهة".. مسؤولون سابقون يؤكدون أنه يحصن ويصب في صالح الهيئة

عبدالله الربيحات

عمان - قال مسؤولون سابقون إن التعديلات التي أجريت على القانون المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 25 لسنة 2019، تصب في صالح الهيئة واستقلالها، فضلًا عن أنها "تحصن" رئيس وأعضاء مجلسها.اضافة اعلان
وأضافوا، في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن تلك التعديلات "أعطت مصداقية كبيرة لمكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين، كونها منحت الهيئة صلاحية التحقق والتدقيق ومتابعة نمو الثروة بشكل غير طبيعي".
وفيما أشادوا بـ"مساواة" مع رئيس محكمة التمييز ورئيس "النزاهة"، وكذلك بين الأعضاء الهيئة ونائب رئيس المحكمة، من حيث الامتيازات المادية والرواتب والعلاوات، انتقد آخرون بعض التعديلات، قائلين "إنها لم تكن موفقة، كنزع صلاحيات "النزاهة" المرتبطة بالحجز على الأموال ومنع السفر وكف اليد عن العمل، والتي تُعد من عامل مهم تسهم في نجاح عمل الهيئة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر في مواجهة مرتكبي الفساد".
الوزير الأسبق عبد الشخانبة، أول رئيس لـ"مكافحة الفساد"، قال إن التعديلات التي أجريت على قانون الهيئة، بموجب القانون المعدل رقم 25 لسنة 2019، "هي تعديلات مهمة تمكن الهيئة من القيام بعملها بكفاءة وفعالية، حيث منحت الحصانة لرئيس وأعضاء مجلس الهيئة بعدم إحالتهم إلى التقاعد أو إنهاء خدمتهم، قبل انتهاء مدة عضويتهم في المجلس المنصوص عليها في القانون، فضلًا عن إعطاء الصلاحية الكاملة للهيئة بتوقيف كل من يرتكب أي فعل من أفعال الفساد وفقًا لأحكام التشريعات النافذة".
وأضاف أن التعديلات الجديدة تمنح الهيئة، الطلب من الجهات القضائية إصدار قرار مستعجل بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لذلك الشخص ومنعه من السفر، بالإضافة إلى مراقبة النمو غير الطبيعي لثروة أي من المسؤولين، حسب أحكام قانون الكسب غير المشروع، والطلب من دائرة إشهار الذمة المالية بتزويدها بصورة عن القرارات والبيانات والمعلومات المتعلقة به".
كما منحة التعديلات، هيئة النزاهة الطلب من الجهات رقابية الرسمية إجراء عمليات التدقيق والخبرة الحثيثة اللازمة على الجهات الخاضعة لرقابتها، لتمكين الهيئة من القيام بمهامها، إضافة إلى أنها أعطت الهيئة صلاحية متابعة الموظف العمومي غير الأردني، الذي يرتكب فعل فساد مع مراعاة الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص، حسب الشخانبة.
وأوضح الشخانبة، أنه بذلك فإن ما يُعرف بـ"التقادم" لا يسري على دعوى الحق العام، وعلى العقوبات المتعلقة بالفساد، وعلى استرداد الأموال المحصلة من الفساد".
ومن إيجابيات التعديلات، وفق الشخانبة، أنها ساوت ما بين رئيس "النزاهة" مع رئيس محكمة التمييز، من حيث الرواتب والعلاوات، وكذلك ما بين عضو المجلس مع نائب رئيس "التمييز" من حيث الرواتب والعلاوات.
بدوره، قال العضو السابق لمجلس "النزاهة" رمزي نزهة إنه لا خلاف على أن التشريع يعد أحد أهم أدوات، إن لم يكن العامود الفقري، لمكافحة الفساد والوقاية منه والتوعية بمخاطره، مضيفًا "فهو يدلل بالدرجة الأولى على توافر الإرادة السياسية والحقيقية لمكافحة الفساد، فكلما كانت التشريعات المرتبطة بمكافحة الفساد شاملة وواضحة ودقيقة وصارمة كلما انعكست إيجابًا على الجهود الوطنية لمكافحة هذه الآفة".
وأضاف أنه عند استعراض التعديلات، نجد أنها جاءت لتعزز مكانة ودور "الهيئة"، لتتمكن من القيام بدورها على أفضل وجه، إذ عززت استقلاليتها، وتوفير الحصانة للقائمين عليها".
وأوضح نزهة أن عدم إنهاء خدمات رئيس وأعضاء الهيئة أو إحالتهم إلى التقاعد، قبل اتمام المدة القانونية والتي تبلغ أربعة أعوام، من شأنه تعزيز مفهوم الحصانة لدى هذه الفئة، وعدم المساس بأمنهم واستقرارهم الوظيفي، وسد الطريق على كل من يحاول التأثير على قراراتهم.
وتابع عندما "ساوت" التعديلات رئيس الهيئة مع رئيس محكمة التمييز وكذلك الأعضاء بنائب رئيس المحكمة، من حيث الامتيازات المادية، فإن ذلك من شأنه أيضًا "تعزيز استقلالية مجلس الهيئة، إذ يتوجب أن يكون الرئيس والأعضاء مكتفين ماديًا لضمان صفاء أذهانهم حتى يستطيعوا القيام بالواجبات الملقاة على عاتقهم خير قيام".
وانتقد نزهة بعض التعديلات، قائلًا "إنها لم تكن موفقة، كنزع صلاحيات "النزاهة" المرتبطة بالحجز على الأموال ومنع السفر وكف اليد عن العمل، والتي تُعد من العوامل والعناصر المهمة التي تسهم في نجاح عمل الهيئة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر في مواجهة مرتكبي الفساد".
وأضاف "أن قضايا الفساد بطبيعتها تستلزم السرعة باتخاذ الإجراء وبالذات ما يخص الحجز التحفظي على الأموال للحيلولة دون تهريبها، كما أن منع السفر يساعد بعدم تهرب الفاسد من المحاسبة"، مشيرًا إلى "أن القول بأن هذه الصلاحيات لا بد وأن تنحصر بيد السلطة القضائية غير مقبول، إذ توجد تشريعات منحت جهات غير قضائية ممارسة هذا الاختصاص، كمديري دائرة ضريبة الدخل والمبيعات والجمارك العامة".
ورأى نزهة بأن "الأولى أن يتم منح هذه الصلاحية لمجلس "النزاهة"، كون قضايا الفساد تشكل خطورة أكبر من قضايا التهرب الضريبي أو الجمركي".
وتطرق إلى التعديل الخاص بالتزام الجهات الرقابية بإجراء التدقيق والخبرة الفنية، والذي "يُعد مطلبًا أساسيًا لتعزيز عمل الهيئة ويثري تحقيقاتها، إلا أن النص لم يشر إلى تغطية النفقات المترتبة على إعداد مثل هذه التقارير، والتي يترتب عليها الاستعانة بخبرات فنية من القطاع الخاص، وهذا بدوره يستلزم توفير مقابل مادي، حيث إنه وبخلاف ذلك سيكون من الصعب الحصول على تقارير فنية دقيقة ومحكمة وبالذات في قضايا الفساد".
وذكر نزهة أن تجريم فعل النمو غير الطبيعي للثروة "يُعد أحد أهم محاور "معدل النزاهة"، إذ إنه سيعزز تطبيقه تفعيل قانون الكسب غير المشروع (قانون من أين لك هذا)، وبالتالي المساهمة في مساءلة الموظف عن الزيادة غير الطبيعية التي طرأت على أمواله، وأن يتم استردادها منه في حال عجزه عن تبرير مشروعية مصدرها".
من ناحيته، وصف العضو السابق لهيئة النزاهة طلال الشرفات، التعديلات الأخيرة على القانون بأنها "جذرية، وحازمة، ومنتجة، وتعزز استقلال الهيئة، وفعالية قراراتها، وتعتبر خطوة جيدة للأمام، وتحصن مجلسها من الإحالة والإقالة والعزل".
وقال إن هناك تطورًا ملحوظًا في أداء عمل الهيئة، وجدّية في التعامل مع قضايا الفساد الصغير، ولكن التحدي الأكبر يكمن في ضرورة الولوج في التحقيق، وفحص المشاريع الكبرى في كل القطاعات، والانتقال إلى مرحلة التحقيق الاحترافي، والبت في كل القضايا، والملفات القديمة المعلقة، وانتهاز فرصة وجود حكومة تعطي الهيئة مجالاً، لضرب الفساد في مقتل للقيام بكل الإجراءات الضرورية.
ومن أبرز التعديلات التي أقرت على "معدل النزاهة" ونشرت مؤخرًا في الجريدة الرسمية، عدم جواز الإقالة أو الإحالة إلى التقاعد لرئيس وأعضاء مجلس الهيئة إلا بانتهاء المدة، تنظيم أحكام الاستقالة للرئيس، وعضو المجلس بعد أن كان هناك فراغ تشريعي بخصوصها.
إلى جانب، النص على جواز الحجز على أموال المشتبه به في قضايا الفساد ومنعه من السفر برقابة قضائية، جواز الطلب من دائرة إشهار الذمة المالية بصورة عن ملف إقرار إشهار الذمة في حال وجود مؤشرات على نمو غير طبيعي لثروة المكلف بالإشهار.
كما اشتملت التعديلات، شمول الموظف العمومي غير الأردني، وموظفي المؤسسات الدولية بالملاحقة في حال وجود شبهة فساد، وإعادة النص الملغى والمتمثل بعدم خضوع جرائم الفساد للتقادم ووقف الملاحقة، وتوسيع دائرة استرداد الأموال المتحصلة من الفساد من حيث عدم خضوعها للتقادم، وجواز الاستمرار فيها حتى لو صدر حكم بالبراءة، أو عدم المسؤولية، أو وقف الملاحقة.