معطيات التجنيد: مشكلة تربوية أليمة

معطيات التجنيد: مشكلة تربوية أليمة
معطيات التجنيد: مشكلة تربوية أليمة

 

اسرائيل اليوم- جدعون ألون

أكثر من نصف الجنود في سريتي، في الكتيبة 890 للمظليين، كانوا مدنيين. مفهوم أنه كان هناك مظليون من القرى الزراعية ومن الكيبوتسات، ولكننا كنا الأغلبية. وأذكر أنه في الطابور الختامي لدورة قادة حظيرة جرى في القاعدة في بيت ليد بعد أكثر من عام من التدريبات المضنية والعمل الميداني المتعب، وقفنا (نحو 65 مظليا بقبعاتنا الحمراء) في ثلاثيات، مع الجناحين على الصدر والاحذية البنية. كنا فخورين جدا بانفسنا وبانجازاتنا، وكان علم الدولة يرفرف فيما ابناء عائلاتنا يصفقون لقائد اللواء "رفائيل ايتان" الذي كان يلقي كلمة التهنئة.

اضافة اعلان

أذكر أننا، نحن المقدسيين في السرية، كنا عنصرا مهما فيها. لا اذكر بالضبط ما اذا كنا ثمانية أم عشرة جنود، ولكننا كنا - وعفوا على انعدام التواضع - من افضل الشباب؛ الشباب التي اعتبروا في حينه ملح البلاد.

كان بيننا عدد غير قليل من أبناء حيفا، وبعضا من أبناء تل أبيب ورمات غنيم ايضا، واثنان من طبريا، وثلاثة من نتانيا وجندي واحد من رعنانا. وكان الى جانبنا شباب من كيبوتسات ميغور ومنتسار سرني، من غينوسار واسدود يعقوف، من بيت اورن ومن بحيرة طبريا، من جيفع وجفعات حاييم.

المتدينون بالذات كانوا أقلية؛ كانوا قليلين، ولكنهم تساقطوا اثناء التدريبات ولم يصلوا الى خط النهاية. في حينه، في تلك الايام البعيدة من اوائل الستينيات، لم يفكر الشباب الذين كانوا يتلقون أمر التجنيد كيف يبقون في الظل، وكيف يتملصون من الخدمة العسكرية. الشباب الذين تجندوا في الجيش الاسرائيلي لم يبحثوا لانفسهم عن وظائف في إذاعة الجيش او في وحدة الناطق العسكري؛ كلهم ارادوا المساهمة بقدراتهم في الوحدات القتالية.

كان أمرا شبه مسلم به أن كل شاب يصل الى سن 18 عاما سيخدم في وحدة قتالية. ولم يطلب من أحد ان يقول له شكرا على تكريسه عامين ونصف العام من حياته من أجل الوطن. مفهوم أن كلمة وطن لم تكن في حينه كلمة شائنة.

قبل بضع سنوات، عندما عقدنا لقاء مليئا بالحنين ومثيرا للانفعال في ساحات كيبوتس جيفع، تذكرنا رفاقنا الطيبين الذين سقطوا في حربي الايام الستة ويوم الغفران، وفي حوادث بين الحربين. وبالمناسبة، كان بينهم ايضا مدنيون الى جانب ابناء الكيبوتسات والموشافات. احد ما سأل في ذاك اللقاء: "هل اليوم ايضا يوجد للشبيبة ذات الدافعية والاستعداد للمساهمة على نحو ما كان في عهدنا؟" فأجابه آخر: "ماذا تعرف! في المدن الكبرى وبالاساس في تل أبيب الوضع صعب. الشباب لا يريدون التطوع".

كنت واثقا ان رفيقي يبالغ، ولكن في نهاية الاسبوع الماضي قلقت، حين رأيت في وسائل الاعلام المعطيات التي تُظهر أن أبطال الدافعية متدينون ومن ابناء الكيبوتسات والموشافات، بينما معدل خريجي المدارس البلدية الذين يخدمون في الوحدات القتالية قليل.

فالامر يدل على مشكلة عسيرة في مجال التعليم، ولا سيما فيما يتصل بمحبة البلاد والاستعداد للمساهمة من أجل الدولة وأمنها. ففي قائمة الخمسين مدرسة الرسمية ظهر القتاليون فقط في مدرستين من القدس ومن دون أي مدرسة في تل أبيب، مما يستدعي اجراء حساب عميق مع النفس في اوساط المعلمين، وكذا لدى الاهالي الذين يسكنون في المدن الكبرى. ومحظور إخفاء هذه المشكلة تحت البساط؛ كما محظور القول، مثلما سمعت، إن "هذا التقرير لا يعكس الوضع".

المعطيات المخجلة تعكس وضعا بشعا يجب التصدي له. وهذه المهمة ملقاة اولا وقبل كل شيء على عاتق وزير التعليم النشط، جدعون ساعر.