معنى وجود الأمم المتحدة

معاريف

أمنون لورد

21/2/2013

منذ أسابيع عديدة يسود توتر شديد بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. تهديدات بالحرب، تجربة نووية. الصين تدير حملة توسع في جنوب شرقي آسيا وتهدد اليابان والفلبين. في سورية جدول متدفق من الدم. ولكن من ناحية الامم المتحدة لا توجد دولة مستقرة مكانتها الدولية مضمونة أكثر من سورية. الأمين العام للامم المتحدة، الذي هو نفسه من كوريا الجنوبية، غير قادر على أن ينفض نفسه ويعمل بنجاعة حتى في الساحة القريبة لبيته. فقط في ساحة واحدة نجده نشيطا جدا، قلقا جدا. في جبهة الدولة الفلسطينية والاحتلال. في حالة أن يكون أحد ما فوت شيئا، فان الأمين العام للامم المتحدة قلق جدا من وضع السجناء المضربين عن الطعام في السجون في إسرائيل. ويتابع بأن تطبيق قرار الأمم المتحدة الذي اعترف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب.اضافة اعلان
من هذه الناحية، فلسطين هي سابقة تاريخية. فهي دولة الأمم المتحدة الأولى. هي الهيئة السياسية الأولى التي تنكب الامم المتحدة على وجودها السيادي. لعل هذا هو الحل في نهاية المطاف. ذات المشروع من العام 1947، والذي كان يستهدف تدويل القدس، سيطبق على مناطق يهودا والسامرة. الامم المتحدة المشلولة في موضوع النووي الإيراني تتلقى معنى وجودها من الفلسطينيين. كمية مؤسسات الأمم المتحدة التي ترتزق من تخليد المشكلة الفلسطينية لا حصر لها. والان يوجد مدماك آخر لنشاط الامم المتحدة: الرقابة على اقامة الدولة الفلسطينية. اذا كانت معالجة الامم المتحدة للاجئين الفلسطينيين تدل على المستقبل، فان الرقابة على اقامة الدولة الفلسطينية برعاية الامم المتحدة سيستغرق 65 سنة اخرى على الاقل.
كي نفهم الفرق بين السيادة الحقيقية ولكن غير المعترف بها وبين السيادة السياسية الوهمية، يجب النظر الى حماستان في غزة مقابل عباستان في السلطة الفلسطينية. وبقدر ما يغضب هذا اليمين، فان نتائج "عمود السحاب" حيال غزة حتى الآن وكل الموقف المصري على حدود سيناء، هي ايجابية للغاية. نتنياهو وباراك، غانتس وتل روسو نجحوا في احلال ثورة مذهلة في وضع الحدود الجنوبية ولا سيما في منطقة القطاع. لا اتفاق سلام مع حماس. لا اعتراف متبادل. لا تدخل من الامم المتحدة؛ وعلى الرغم من ذلك، نشأ هدوء من الردع، الجيش المصري يقوم اليوم بتعاونه التكتيكي وبوقف تيار الوسائل القتالية الى غزة أكثر مما كان يفعله في اي وقت مضى في عهد مبارك.
ومقابل حماستان، توجد الهيئة المجازية وعديمة الهوية التي تسمى السلطة الفلسطينية برئاسة ابو مازن. هذا كيان سياسي سبق أن اعترف به زعما كدولة، ولكن كل جوهره خلق دعاية مناهضة لإسرائيل وتحريك الأمم المتحدة ومؤسساتها ضد اسرائيل. والاحساس هو ان الخطوات التي لا تتوقف من جانب الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل تحت غطاء تحريك "المسيرة السياسية" هي وليد الجناح الأميركي المنفلت. الرئيس اوباما لا يعمل ضد إسرائيل، بل وحتى لا يصل للزيارة. ولكنه يعطي بان كي مون ان يفهم بان الأمم المتحدة يمكنها ان تفعل ما يريده هو بالنسبة لإسرائيل. والانسحاب شبه المطلق للولايات المتحدة في صيغة "اوقفوا العالم، اريد أن أنزل" تدخل الأوروبيين في خوف من الهجران اضافة الى انهيارهم الاقتصادي. في هذا الوضع، من المتوقع خطوات مصالحة اخرى تجاه العرب على حساب إسرائيل وذلك لان جبهة الاسلام آخذة في الاغلاق على أوروبا.
في هذه الاثناء فان العرب، المنشغلين بقتل الواحد الاخر وإسرائيل المستقرة والقوية في السنوات الاربعة الاخيرة قررت فجأة الانقسام ضد نفسها: فها هي تسير كغريبة الاطوار على الحبل المشدود حتى النهاية والذي يمسك به مهرجا السيرك الجديدين.