مقعد جامعي

يستمر استقبال قبول طلبات الالتحاق بالجامعات لهذا العام حتى الثالث عشر من الشهر الجاري فيما يتوقع ان تستوعب الجامعات نحو 32 ألف طالب وهم أكثر من المؤهلين للقبول وفق اسس القبول لهذا العام، واعتبارا من هذا الوقت بدأت بالفعل المعاناة السنوية المبررة وغير المبررة في بعض جوانبها لآلاف الأسر الأردنية التي لديها أبناء أنهوا الثانوية بنجاح في البحث عن مقعد جامعي؛ وهي رحلة مملوءة بالأمنيات والرجاء والتشاؤم، ويباح فيها استخدام كافة الوسائل سواء في البحث عن مقعد في الجامعات الاردنية أو في الخارج.اضافة اعلان
  يستمر الجدل السنوي الذي لم يتوقف منذ أكثر من عقد ونصف حول مستقبل التعليم العالي واوضاع الجامعات، في المقابل لم يحدث أي تغيير يذكر في واقع السياسات العامة التي تدير التعليم العالي وتحديدا سياسات القبول، فيما فتحت الدولة والمجتمع ورشة كبيرة لإصلاح سياسات التعليم العام وأوضاع المدارس، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، واستطاعت وزارة التربية والتعليم مدعومة من نخب واسعة والإعلام ومساندة من مؤسسات الدولة إنقاذ امتحان الثانوية العامة وإعادته إلى مساره الصحيح ضمن خطوات متتابعة صبت معظمها في أهداف إصلاح هذه المؤسسة التعليمية ومخرجاتها. بالخلاصة إننا إذا أردنا نستطيع أن نفعل، وأن نحدث التغيير المطلوب. في الجهة المقابلة لا جديد يذكر في التعليم العالي فعلى الرغم من  مرورعدد من الوزراء الذين وصفوا بالإصلاحيين على الوزارة إلا أنهم لم يحركوا بحيرة الجامعات الراكدة.
المشكلة أن تصبح سياسات الإصلاح مرتبطة بالأشخاص، بمعنى أنه لولا وجود الدكتور الذنيبات في العبدلي لما حدث في التوجيهي ما حدث، في التعليم العالي الوزير السابق رغم ما وصف به من رغبة في الإصلاح فإنه فضل عدم المواجهة واكتفى بإدارة العمل اليومي، الوزير الجديد حاول المواجهة منذ اليوم الأول وشاهدنا كيف كسرت مجاديفه سريعا، في الخلاصة يحتاج ملف التعليم العالي إرادة وقوة دافعة أكبر من الوزير.
المشكلة الأخرى أن التشوهات المرتبطة بسياسات القبول مصادرها متعددة، فإلى هذا الوقت لا يوجد لدينا أرقام موثوقة حول حجم الاستثناءات، فبعض قوائم الاستثناءات تدور حولها شبهات فساد وتمرر تحت عناوين هذه القوائم مئات المقاعد الجامعية، علينا أن نكون أكثر وضوحا؛ فمئات المقاعد التي تحسب باسم المدارس الأقل رعاية يتقاسمها تجار ونواب وعائلات وغيرهم وتوزع وفق مصالحهم. البعد الآخر للمشكلة أن جامعات المحافظات ومنذ سنوات لم تعد جاذبة ولا يصل لبعضها 50 % من المقبولين فعليا، ويخول رئيس الجامعة بتعبئة المقاعد الشاغرة الذي يقوم بدوره بتخويل مدير القبول والتسجيل بهذه المهمة التي تدار بالأمزجة احيانا كثيرة.
الوجهة الأخرى لمعاناة الأسر في البحث عن مقعد جامعي تتمثل في البحث عن هذا المقعد في الخارج وما يتعرضون له من ابتزاز ونصب وسوء اختيار لجامعات غير معترف بها، وإلى تبدل أسس معادلة الشهادات المستمر وعدم استقراره، وإذا ما اعتبرنا التعديل الأخير على أسس المعادلة الذي اشترط حدا أدنى للمعدلات في بعض التخصصات وعلى رأسها الطب إنجازا لصالح جودة التعليم العالي فإن المطلوب الالتزام به. الملاحظة الأخرى تنال المنح الدراسية التي تقدمها الوزارة ضمن اتفاقيات التبادل الثقافي مع بعض الدول، وبمراجعة بسيطة للجامعات التي تقدم تلك المنح نجد معظمها من مستويات متدنية وأحيانا في بلدان غير مستقرة، وفي كل عام تبرز لدينا مشكلة الطلبة العائدين من تلك البلدان.