منتدى شومان يحتفي بكتاب "بين الطب والصحافة" لزيد حمزة

متحدثون خلال حفل إشهار "بين الطب والصحافة" في شومان أول من أمس - (الغد)
متحدثون خلال حفل إشهار "بين الطب والصحافة" في شومان أول من أمس - (الغد)

عمان - الغد - اعتبر كتاب وأكاديميون وإعلاميون، أن كتاب الدكتور زيد حمزة "بين الطب والصحافة"، شاهد على زمن امتد من السبعينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي.اضافة اعلان
ولفت المتحدثون خلال حفل إشهار الكتاب في منتدى عبد الحميد شومان أول من أمس، إلى أن كثيرا مما حمله الكتاب من مقالات كان نشرها الكاتب في صحيفة "الرأي"، يصلح حالة دراسية، كما أن العديد من المشكلات التي أوردها المؤلف في تلك المقالات ما يزال العديد منها ماثلا إلى اليوم.
وشارك في حفل إشهار الكتاب الذي أداره د. كامل العجلوني، الإعلامي الزميل محمد خروب والأكاديمي د. سالم ساري، فيما قدم مداخلات مكتوبة كل من الروائية ليلى الأطرش، رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الناقد د. زياد أبو لبن، د. ماهر الصراف والزميل الإعلامي حسين نشوان.
خروب، وفي قراءته للكتاب، بين أن حمزة يغرف من مُتعدِّدة رفيعة، ومن مَعين عيون الأدب والمذكرات الشخصية وجديد السينما وإبداعات الكُتّاب والمقالات السياسية، لافتا إلى شغفه الكبير الذي أفنى سنوات عمره في رحابه؛ طبيبا وباحثا ومسؤولا محليا ودولياً.
وقدم خروب قراءة في مقال "الثقافة الخفيفة وتلك الثقيلة" لحمزة، وهو الذي يعرف الثقافة الخفيفة بأنها كل ما تلتقِطه عقولنا وتستجمِعه أفئدتنا، مما نراه ونسمعه ونقرؤه ونحس به دون جهد نبذله ودون تركيز وامعان وتمحيص، فيما يعرف الثقافة الثقيلة بأنها تلك التي نبذل في سبيلها عناءً وجهداً، ونوليها اهتماما وتركيزا.
وبين خروب تفريق الكاتب بين الثقافة السمعيّة والذاكرة البصرية السريعة، وبين تلك التي تطرح الأسئلة في فضاءات أغلِفَة الكُتُبِ وصفحاتها على اختلاف اجناسِها  وتخصصاتها، والتي قد تجد أجوبة عليها أو تترك للعقل البشري ان "يُغامِر بارتياد أمكنة ومساراتات لم تخطر له ببال".
أستاذ علم الاجتماع والفكر التنموي في جامعة فيلادلفيا، د. سالم ساري، أكد أن المتفحص لما كتب حمزة، يستطيع أن يرى أنه مثقف نقدي يعنى بالشأن العام ويمتلك رؤية كلية للواقع، كما يستطيع أن "يلمس قوة تكوينه الطبي العلمي، وعمق تكوينه المعرفي، ومرونة تأطيره السياسي".
وبين أن الكاتب فتح بمقالاته "حواراً، ليس بين الاطباء فحسب، وإنما بين المثقفين الاردنيين، يظل مفتوحا على كل ما هو إنساني وليبرالي وحر، ويعلن قطيعة نهائية مع كل ما هو غيبي ولا عقلاني ولا أخلاقي في ثقافتنا العربية، وناقداً لكل ما هو بيروقراطي متخلف ومتصلب في مؤسساتنا ونظمنا وعلاقاتنا الأردنية".
ولفت إلى أن المؤلف، "وطوال عقود السبعينيات والثمانينيات، ظل يؤدي دوره المهني السياسي الاجتماعي باعتباره مثقفاً عضويا فاعلاً في تطوير الوعي المجتمعي في مواجهة القضايا المجتمعية الكبرى"، مشيرا إلى أن حمزة تناول في مقالاته مخاطر البيروقراطية والترهل الاداري، والاسترضاءات المنفعية في التعيينات، وسياسات القبول الجامعي، وفوضى الفتاوى المضللة في التحريم والتحليل، والتعددية وحق الاختلاف، وقانون جديد للانتخاب، والمرأة والعمل وجرائم الشرف، وسقوط الأيديولوجيات الدوغماتية الكبرى، وغيرها الكثير من القضايا المهمة.
من جهته، اعتبر د. زياد أبولبن إنّ محددات قراءة المقالة تقاس بحجم تفاعل القراء، خصوصا أن المقالة خطاب موجّه للنخب الثقافية والعامة معا، كي تُحدث تغيرا في منظومة الحياة العامة، وتنشغل في طرح قضايا متعددة، تمسّ حياة الناس من جانب، ومن جانب آخر تحرك الساكن، وذلك من خلال طرح أسئلة تثير ذهنية القارئ.
واعتبر أبو لبن أن حمزة يمتلك "أسلوبا أدبيا يعلو في لغته على لغة الصحافة، ولغته رصينة تدفعك دفعا لقراءة كل ما كتب، وهذه المقالات تشكل رؤية جديدة للعالم، ووعيا نابعا من ثقافته المتعددة، هذه الثقافة التي امتلكها من قراءاته المتنوعة في الأدب والعلوم والفلسفة والفكر والسياسة".
وأضاف "هو مثقف نوعي بامتياز، بل أكاد أجزم أنه امتداد لمدرسة أدبية عربية من طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم والرافعي وميخائيل نعيمة وأحمد بهاء الدين، وغيرهم، فهو لم يكن بمعزل عن كتابات هؤلاء، هذه المدرسة شكلت ذائقته الأدبية والفنية، وعمّقت وعيه بالعالم، وثقفته، فامتلك قلما يكشف المسكوت عنه في موضوعات تطرق باب السياسة من جانب، ومن جانب آخر أبواب التربية والعلوم والفنون والحياة الاجتماعية".
الزميل حسين نشوان، أكد أن كثيراً من القضايا التي كان لفت إليها حمزة ما تزال قيد السؤال ورهينة البحث والدراسة والاهتمام، ومنها: قضايا الإعلام، والإذاعة والتلفزيون، كرة القدم، الكشرة، النقابات، وقضايا فاتورة الصحة، قانون المالكين والمستأجرين، وغيرها.
ولفت نشوان إلى أن المقالات تتصل بالثقافة الواسعة والعميقة للكاتب، وتنطوي على معرفة بالعلوم والآداب والفنون، ومعرفة عميقة بالواقع المجتمعي وما يعانيه من تحديات، فهو يكتب في الطب والفن وعلم الاجتماع والتاريخ، ويربط بين موضوع المقالة الأساسي وعدد من المظاهر الاجتماعية التي تمنح المقالة ما يمكن تسميته "جماليات التشجير" كنوع من الكتابة التي تحقق المعرفة، وتعرف القارئ بعوالم مدهشة.
وكذلك، أشار إلى مقالات لا يتناول القضايا السياسية المباشرة، بل تتناول الكثير من القضايا بوعي سياسي عميق، لتترك الإجابات عليها لوعي القارئ فيما بين السطور.
وبين أن من أهم سمات الكاتب، هو الانتباه واليقظة، للالتفات إلى قضايا تمس المجتمع، إضافة إلى الجرأة الأدبية في طرح الموضوع، دون تهويل أو مبالغة أو استعراض، فضلا عن توفر وعي الكتابة، واحترام وعي القارئ، فالمقالة ليست مجرد تحبير، بل هي إجابة على أسئلة تنطرح في المجتمع ومؤسساته، وهي نوع من المقالات التشاركية والحوارية التي تثري النقاش حول الموضوع قيد النقاش بالخبرة والمعرفة.