ضيوف الغد

من المسؤول عن سلوك الطالب: الأهل أم المعلم؟

إيمان عارف العتيبي

يرى معظم المعلمين أن تأديب الطلاب هو واحد من أصعب أجزاء عملهم. وفي الواقع يتعرض 53 ٪ من المعلمين للتوتر بسبب سلوك الطلاب. إذن ماذا يحدث عندما يجرب المدرسون كل الوسائل لهذه الغاية ولا يلمسون فعاليتها؟
تظهر الأبحاث أنه لا ينبغي ترك المعلمين لإدارة الانضباط بأنفسهم. فالانضباط يكون أكثر فاعلية إذا كانت المدرسة مدعومة من قبل المدرسين وداعمة لهم، ويكون عمل المدرسين تعاونيا لحل مشكلات سلوك الطلاب. ذلك أن العلاقة بين المدرسة والأسرة ومشاكل الطلبة علاقة تكاملية تبادلية، فالبيت هو مورد اللبنات للمدرسة «أي التلاميذ» والمدرسة هي التي تتناول هؤلاء التلاميذ بالتربية والتعليم بالشكل الذي يتلاءم مع قدراتهم ومهاراتهم وبالشكل الذي يتطلبه المجتمع. الأسرة مسؤولة ايضًا الى حد كبير عن الجانب التحصيلي للطفل؛ لأنها هي التي تثري حياة الطفل الثقافية في البيت من خلال وسائل المعرفة، المكتبة مثلا والتي تسهم في انماء ذكاء الطفل، كما ان الأسرة المستقرة التي تمنح الطفل الحنان والحب، تبعث في نفسه الأمان والطمأنينة وبالتالي تحقيق الاستقرار والثبات الانفعالي، والأسرة التي تحترم قيمة التعليم وتشجع عليه تجعل الطفل يقبل على التعليم بدافعية عالية. ولكي تهيئ الأسرة الظروف الملائمة لأبنائها عليها ان تراعي متطلبات المرحلة العمرية من حياة الطفل، وتوفير المناخ المناسب للتعليم والاستذكار. وعلى الأسرة ان تراقب سلوكيات الأبناء بصفة متميزة وبشكل دائم وملاحظة ما يطرا عليها من تغيرات.
ولتحقيق اهداف التعاون بين البيت والمدرسة في توجيه سلوكات طلبتنا إيجابيا لا بد لنا من تسليط الضوء على بعض الجوانب الداعمة لذلك، كالتكامل بين البيت والمدرسة والعمل على رسم سياسة تربوية موحدة للتعامل مع الطلاب، بحيث لا يكون هناك تعارض او تضارب بين ما تقوم به المدرسة وما يقوم به البيت؛ لأن التعاون في علاج مشكلات الطالب وبخاصة تلك التي تؤثر في مكونات شخصيته، ترفع مستوى الأداء وتحقيق مردود العملية التربوية. ولا بد من تبادل الراي والمشورة في بعض الأمور التربوية والتعليمية والتي تنعكس على تحصيل الطلاب. ولا تفوتنا الإشارة إلى أهمية رفع مستوى الوعي التربوي لدى الأسرة ومساعدتها على فهم نفسية الطالب ومطالب نموه؛ مما يدعم سبل وقاية الطلاب من الانحراف، إضافة إلى التواصل المستمر بين البيت والمدرسة.
وتشير الدراسات إلى بعض الاسباب التي تقف وراء تقصير الأسرة في القيام بدورها التربوي كانخفاض المستوى التعليمي لبعض الأسر، وبالتالي تدني مستوى الوعي التربوي وعدم ادراك الدور الحقيقي للأسرة في التربية، ومعاناة الأسرة من مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية تشغلها عن اداء دورها، وانشغال الوالدين عن متابعة الأبناء في البيت او المدرسة، والدور السلبي لوسائل الإعلام، والقاء مسؤولية تربية الأبناء على عاتق المدرسة، وضعف سلطة الضبط الاجتماعي داخل بعض الأسر، مما يفقدها القدرة على التوجيه الصحيح الذي يحقق اهداف التربية.
ومما تقدم فإننا نرى أن التعاون بين البيت والمدرسة ممثلة بإداراتها ومعلميها الذين هم على تماس مباشر مع الطلبة، امر لا بديل عنه لتحقيق اهداف العملية التربوية. ولاستكمال تحقيق اهداف العملية التربوية لا بد ان تساهم المؤسسات الاجتماعية الموجودة ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة في المجتمع بجهودها من اجل مشاركة المدرسة ومساندتها للقيام بالدور المنوط بها، لأن نجاح العملية التعليمية هو نتاج مشترك بين المدرسة والأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.
ألم يحن الوقت لإعادة بناء بعض إستراتيجيات التعليم التي تستهدف سلوك الطلبة في مدارسنا لتكون أشمل؟

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock