هل تستطيع وزارة المالية أن تجيب على السؤال: لماذا ازداد العجز في الانفاق الى بليون دينار هذا العام والعام الماضي؟ هل سيربحه الشعب، أم بعض من الناس، أم الحكومة فقط، أم أننا كلنا حكومة وشعبا سنخسر البليون؟ ما يحدث في الاردن من زيادة للانفاق الحكومي على حساب عجز يفوق البليون ودين عام يفوق 8 بلايين دينار يدخل في باب الهدر العام لموارد الأمة، ومزاحمة القطاع الخاص على السيولة في زمن شحت فيه السيولة على القطاع الخاص، وهو دليل قاطع على تراجع في الإصلاح الاقتصادي، وتحميل ديون على الامة جيلا بعد جيل، وتراجع في الأداء في حين لا يوجد اي مبرر لزيادة الانفاق.
في السابق كان لبعض وزارات المالية المتتالية موقف جريء من الانفاق حين كانت تطلب من أي جهة تريد زيادة الانفاق بتعليل الانفاق وتبرير مصادر تمويله، لكي لا يكون الانفاق ممولا إما بزيادة العبء الضريبي على المواطن أو بالاقتراض الذي سيسدد عاجلا أم آجلا من بيوعات الدولة لممتلكاتها أو الضرائب التي سترفع لتسدد القروض مع الفوائد فتراكم ديون الأجيال. وهو موقف يتفق عليه الاقتصاديون ومبدأ العقلانية ومنطقية التوجه الذي يجب أن يقود التحليل الاقتصادي وإلا يكون الأخير بريئا منه.
أما التوجه السائد الآن، وكما هو ملاحظ، فهو الاستجابة لكل متطلب إنفاقي لزيادة الرواتب أو الأجور على حساب زيادة الضرائب أو الاقتراض ولقد آتى هذا التوجه أكله المر. فبما ان رفع الضرائب لا يكفي ويحتاج الى موافقة البرلمان، والتي قد تكون صعبة أحيانا، ارتفع الدين العام الداخلي في نهاية شهر تشرين الأول ليصل إلى حوالي 4.59 بليون دينار (34.6% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2008) نتيجة تسـنيد 800 مليون دينار، أي الاقتراض من البنوك المحلية لتغطية الحساب المكشوف من حساب الخزينة لدى البنك المركزي.
كما بلغ الدين العام الخارجي في نهاية تشرين الأول حوالي 3.54 بليون دينار أو 26.7% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2008 بدلا من 46.8% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2007، نتيجة الشراء المبكر لجانب من ديون دول نادي باريس في آذار الماضي من خلال استخدام اموال التخاصية وصفقات أخرى. وأصبح بذلك مجموع الدين العام الخارجي والداخلي حوالي 8.14 بليون دينار أو ما نسبته 61.3% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لهذا العام، ووصل العجز لسنة ثانية الى ما يزيد عن البليون دينار.
هذا من ناحية صياغة السياسات الاقتصادية، أما من ناحية مدى نجاح هذا الانفاق فإن معيار الأداء للانفاق الحكومي هو خلق فرص توظيف جديدة في القطاع الخاص وليس العام، لأن الاول هو المنتج بينما يدير الثاني ضرائب الأول ويقوم بإعادة توزيعها، كما أن الانفاق الذي يقوم على تعظيم عجز الموازنة ليصل الى ما يزيد عن البليون دينار (8% من الناتج المحلي الاجمالي) من خلال الاقتراض في زمن ارتفاع معدلات الغلاء، يزيد من الطلب الكلي فيرفع من حدة وتيرة الغلاء خاصة إذا لم تكن هناك زيادة في الانتاجية في المقابل.
وإذا كان هذا العجز ممولا من خلال الاقتراض الداخلي كما هو حاصل الآن، يؤدي ذلك الى امتصاص السيولة من البنوك التي لا تجد مانعا من إقراض الدولة، وهي المقترض الاكثر أمانا، وبأسعار فوائد مرتفعة لا يستطيعها القطاع الخاص. وقد يكون شره الاقتراض لدى القطاع العام أحد أسباب رفض البنوك لتخفيض معدلات الفوائد للقطاع الخاص حيث لا تجد داعيا لذلك كون المقترض الاول مضمونا.
أما من ناحية إدارة الاقتصاد ككل يدل هذا على نقص التواصل بين السياسة النقدية والمالية وعلى وجود تضارب واضح في الآلية المفترضة لصياغة السياسة الاقتصادية الداعية للتنمية الشاملة المستدامة. كما أن تنامي العجز والإنفاق لا بد وأن يكون ضارا بالاقتصاد من جميع النواحي ولا يستطيع أي اقتصاد مهما كبر أن يستمر على هذا الحال.
الاقتصاد المريض
ان ما ذكر في مقال الدكتور يوسف من معلومات وارقام يوجد تساؤلا كبيرا لماذا لم تناقش هذه الارقام تحت قبة البرلمان في جلسات مناقشة الموازنة ,وقد اطلعناعلى المناقشة البرلمانية للموازنة وكانت خالية من الارقام ومليئة بصف الكلام الذي لا يجدي شيء اليس من الاجدر ان تكون المناقشة مليئة بالارقام لان الموازنة تكتب بالارقام وليس بصف الكلام .
نأمل من المسؤولين الرد.
الدولة احسن زبون للبنوك
يعني النتيجة ان الدولة غير معنية بالمواطن حتى عندما تتوجه للاقتراض من البنوك فانها بذلك تشكل ضررا على المواطن العادي لان البنوك ضمنت زبون (لقطة) بفائدة عالية لذا لا داعي لتخفيض الفائدة لارضاء (الزبون المعتر) المواطن.
شكرا على تنويرنا يا دكتور لكن هل سنسمع اجابة على سؤالك ام (ناديت لا اسمعت حيا)؟؟؟