من فنون وليد المعلم

أليس غريباً أن يخرج على العالم وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الذي رد فيه على قرارات الجامعة العربية الأخيرة ليعرض شريطاً مصوراً عن عمليات إرهابية ضد الجيش السوري، وليتضح بعد ثوان معدودات أنه شريط كاذب مفبرك عن أحداث جرت العام 2008 في لبنان؟اضافة اعلان
صحيح أن الوزير المعلم يحاول أن يدافع عن نظامه، ولكن يبدو أنه غاب عن باله وبال مستشاريه ومساعديه المثل العامي الدارج القائل: "إذا بدك تكذب بعّد شاهدك"، فمن المعيب على وزير خارجية ذي باع في العمل الدبلوماسي أن يضع نفسه في موقف كهذا أمام الرأي العام السوري والعربي والدولي، وهو ما أدّى ويؤدي إلى انفضاض المؤيدين أو بعضهم من حول هذا النظام الذي احترقت معظم أوراقه تقريباً، ولم يبق أمامه إلا ورقة روسيا وورقة إيران؛ اللتين إما أنهما هما اللتان تعلّمان المعلّم الكذب أو أنهما أصبحتا عمياوين وصمّاوين لا تميزان بين الألوان والأصوات.
قلت في السابق إنه يمكن في أية لحظة أن ينفصل الشركاء، وهذا مرهون بأية صفقة تعقد بين القوى الكبرى في المجتمع الدولي، أو مع أول زلزال سياسي تكون إيران طرفاً فيه على إثر زيادة التوتر في العلاقات بينها وبين دول أوروبا، وقيام معظم الدول باستدعاء سفرائها من طهران، فضلاً عن لندن التي سحبت جميع دبلوماسييها وطردت جميع دبلوماسيي إيران من أراضيها، وهو ما يبشر بأيام عجاف على العلاقات الأوروبية الإيرانية، ومن ورائها الروسية، علماً أن العقوبات التي اتخذت ضد عدد من الشخصيات والشركات الإيرانية ذات بعد معنوي كبير، وهي مرشحة للزيادة في المستقبل القريب والمتوسط، وبالنتيجة سيجد المعلم و"معلمه" ونظاميهما أنفسهم وحيدين، يكذبون ويكذبون حتى يصدقوا أنفسهم ثم لا يجدوا حتى من ينقل كذبهم على شاشته.
العزلة الدولية على نظام الأسد أصبحت أمراً واقعاً، والعقوبات الاقتصادية والسياسية ليست تهريجاً كما وصفها المسؤولون السوريون، ومع المخاوف التي ترافق هذه العقوبات من تأثيرها على إخوتنا من الشعب السوري، إلا أنها عقوبات أصبحت تجد لها وقعاً مباشراً وسريعاً على النظام، فقيمة الليرة السورية -يقول المحللون الاقتصاديون- في أدنى مستوياتها عبر التاريخ، وهي في انحدار مستمر، والخزينة السورية بدأت تعاني شحاً من احتياطي العملات الصعبة "ويقال إن سبب ذلك بعض السرقات الكبرى لتهريب الأموال إلى الخارج"، والتجار الداعمون للنظام أصبحوا يتململون ويبدون استياءهم من استمرار الضائقة، بل يعتريهم الخوف من القادم الأسوأ.
وهذا في أفضل نتائجه سيؤدي إلى تخلي الداعمين الخارجيين للنظام أولاً، ثم سقوط النظام من الداخل ثانياً، ولكن من دون التنبؤ بالفترة الزمنية التي يحتاج إليها ذلك، بسبب تشعب التطورات الخارجية واحتمالية بطئها تارة وتسارعها تارة أخرى.
وإذا ما رجعنا إلى فنون الكذب الرسمي التي يبدعها المسؤولون السوريون وأبواقهم، فقد تناقلت مواقع في الإنترنت ما يسمى بأغبى عشر كذبات قيلت في الثورة السورية، وأنا أوردها مرتبة من العاشرة إلى الأولى "غباءً":
العاشرة: المتظاهرون مندسون ولا يشكلون أغلبية؟
التاسعة: 13 مليونا خرجوا بمسيرات التأييد للرئيس.
الثامنة: مسلسل باب الحارة هو من علّم المندسين كيف يثورون ويتآمرون على الوطن؟ قالها بشار إسماعيل، وهو أحد شبيحة التمثيل السوري.
السابعة: بعد اعتقال الأطفال في درعا خرج الناس للتظاهر لأن كثيراً من أهل درعا مغتربون في الخليج، وتعلموا هناك التطرف الإسلامي. مقولة للصحافي إبراهيم الخليل من جريدة الأخبار، يعني لو كانوا مغتربين في سويسرا لتقبلوا اعتقال أطفالهم بروح رياضية؟
السادسة: لا توجد مظاهرات تخرج يوم الجمعة، إنما تجمعات طبيعية بعد الصلاة. طبعاً مقولة فذة كهذه لا تخرج إلا من إعلامي شبيح بمستوى شريف شحادة.
الخامسة: حمزة الخطيب لم يكن طفلاً. معلومة أكدتها قناة الدنيا مراراً، وجاءت بالمختصين لإثبات ذلك.
الرابعة: المظاهرات تخرج في محافظات حدودية، وهو ما يدل على المؤامرة الخارجية.
الثالثة: الناس خرجوا في المظاهرات احتفالاً بسقوط المطر. عبارة شهيرة للإعلامية فتون عباسي على القناة الإخبارية السورية.
الثانية: قصة البارجة الألمانية التي تألق بها الشبيح طالب إبراهيم.
الأولى: أي أزمة؟ قالها وليد المعلم رداً على سؤال عن الأزمة في سورية!

[email protected]