أفكار ومواقف

من هنا وهناك…

د.لانا مامكغ

* تجدُنا ننادي دائماً بضرورة التّفكير خارج الصّندوق… ثمَّ لنكتشفَ أنَّ بعضَنا طبّقَ المبدأ فعلاً، لكن لينتهيَ به الأمرُ بأن يمارسَ التّفكيرَ من داخل صندوقٍ آخر!

***************
* نقول: ما طار طائرٌ وارتفع، إلا كما ارتفع وقع… وننسى أنَّ الطّيورَ لا تقع إلا قتيلةً على يدِ صيّادٍ يلهو برياضته المفضّلة… وإلا فالطّائر يعرفُ كيف يختارُ الوقتَ المناسب للهبوط بسلام على الأرض…

ومن باب السّخرية، نردّدُ أحياناً أنَّ الطّيورَ على أشكالها تقع… نعم، وماذا في ذلك؟ نحن البشرَ أيضاً نميلُ إلى أشباهنا في التّكوين النّفسي، والبيئة، والمبادئ والقيم، وهذا ميلٌ طبيعيٌّ ومقبولٌ وصحّي، قد لا يستدعي الاستغراب، أو الهمزَ واللمزَ في حقِّ الطّيور المسكينة!

ومن أمثالنا المتداولة كذلك: اصطاد فلانٌ عصفورين بحجرٍ واحد… وكأنّه إنجازٌ بطولي خارق أن يغتالَ مخلوقين وديعين بحجر! لماذا لا يُقال مثلاً إنّه أصاب هدفين بضربةٍ واحدة… بدلَ ذلك التّعبير الدّموي القاسي؟

في المحصّلة يبرزُ السّؤال: هل ثمّةَ عداوةٌ خفيّة قديمة غير مفهومة بيننا وبين الطّيور؟

************************
* قالت غادة السّمّان: « لا تزرعْ في أرضي شوكاً، لعلّك غداً تأتيني حافياً! »

لكنَّ بعضَ من وضعوك ضمن مسلّماتهم، قد لا يكتفون بزرع دربك بالشّوك، بل قد تبلغُ بهم الجرأة بأن يتوقّعوا أن تقومَ أنت نفسُك بقلعها حين يقرّرون العودةَ إليك حفاةً نادمين!

ولعلَّه أمرٌ مشابه لما سبق هو الذي دفع « جورج برنارد شو» للقول ذات يوم: « قد ينكسرُ في النّفسِ شيءٌ لا يجبرُه ألفُ اعتذار…»

وعليه، فحين تختارُ إلغاءَ بعض العلاقات في حياتك، فليس لأنّك مزاجيٌّ متقلّب، أوكارهٌ شرير، بل لخوفك على نفسك من الإيذاء و( الاستهبال ) إن جاز التّعبير!

**************************
* من أغرب العبارات التي نسمعُها في العمل، أن يقولَ أحدُهم لآخر من منطلق حثّه على التّحرّك والإنجاز: « يا زلمة، حلّل راتبك! « وكأنَّ الأصلَ أن يكون الرّاتبُ مالاً حراماً، والاستثناء هو في العمل مقابله… عبارة أجزم ألا ترجمةَ لها في أيّ لغةٍ من لغات العالم!

*********************

* سألتُ مجموعة من الصّديقات:

ما هي العبارة المؤثّرة التي قد يقولُها الرّجل، وتُطربُ المرأة لسماعها؟

وجاءت الإجابات سريعة من مثل: « أحبّكِ – اشتقتُ لكِ- لا تطبخي اليوم، سأحضر معي الطّعام – سأدرّسُ الأولادَ هذا المساء!»

ووسط الضّحكات، والتّعليقات الطّريفة قالت إحداهن: « أجملُ عبارة تتمنّى أيُّ امرأةٍ سماعها من الرّجل هي:» أنا معك، أنا هنا لأجلك، إيّاكِ أن تخافي، أوتحملي همّاً، أو تقلقي من أي شيء ما دمتُ موجوداً!»

وبعد، فلا نعلم كيف يمكن أن يردَّ الرّجالُ، عموماً، على السّؤال ذاته، إذ وجّهتُه إلى أحد المقرّبين، فأجاب بلا تردّد: « لا عبارةَ مفضّلةً مؤثّرة أتوقُ لسماعِها… ما يطربُني تماماً هو صمتُها!»

المقال السابق للكاتبة:

القامة والقيمة!

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock