محمود الخطاطبة
ما يزال أصحاب المحال الموجودة في السوق المركزي في العاصمة، يعانون الأمرين، ويذوقون الويل، جراء ما يتعرضون له من اتهامات تتضمن بأنهم يُساهمون بطريقة أو أخرى بالتسبب برفع أسعار الخضار والفواكه، فضلا عن تعامل أمانة عمان الكبرى معهم، غير المُنصف، على الرغم من أن الأخيرة، يردها من هذه المحال مبالغ مالية تُقدر بنحو 20 مليون دينار سنويا.
أصحاب تلك المحال، وعددها 72 محلا، يُعتبرون “وسطاء”، ما بين المزارع من جهة، والتاجر، سواء كان بالجملة أو بالتجزئة، من جهة ثانية، وهؤلاء (أي الوسطاء)، هم من يكتون بالنيران أكثر من غيرهم.
“الوسطاء”، مُجبرون بفعل قانون أمانة عمان الكُبرى، تحصيل المبالغ المالية، المُترتبة على المزارع والتاجر، وإيداعها في حساب “الأمانة”، بغض النظر عن الظروف السلبية أو الطارئة التي يتعرض لها التاجر أو المزارع، فهم مُطالبون بتحصيل 10 دنانير عن كل طن من الخضار، و15 دينارا عن كل طن من الفواكه، تدخل السوق المركزي.
هُنا، تكمن المُشكلة الأولى، إذا جاز التعبير، فـ”الوسيط” مُجبر على دفع ما يتم فرضه من مبالغ مالية على كل طن من الخضار والفواكه، إلى أمانة عمان.. والكثير يعلم بأن التاجر أحيانا كثيرة لا يتمكن من دفع المبلغ نقدا أو مُباشرة إلى “الوسيط”، الذي يقع على كاهله توفير المبلغ كاملا ومُباشرة بلا أي تأخير أو مُماطلة.
إلى جانب ذلك، هُناك ما يُسمى بديون معدومة، أي لا يستطيع التاجر أو المُزارع دفعها، بسبب عُسر أو إفلاس أو خسارات مُتلاحقة يتعرض لها، وبالتالي يتكفل “الوسيط” بدفعها كاملة غير مجزأة، ومن ثم يُترك وحيدًا لتحصيل ديونه من التاجر أو المُزارع، غير آبهة “الأمانة” بما ستؤول إليه أوضاع ذلك “الوسيط”.
النُقطة أو المُشكلة الثانية، هي إطلاق وسم على أولئك “الوسطاء” بأنهم أساس مُشكلة رفع أسعار الخضار والفواكه، أو المُستفيدون بشكل عام من عملية البيع والشراء، وأنهم يجنون عشرات الآلاف من الدنانير، من غير تعب أو مشقة..
إن في ذلك تجن عليهم، وبُعد عن الحقيقة، فـ”الوسيط” لا يتقاضى سوى النسبة المُتعارف عليها منذ زمن بعيد، والتي تبلغ 6 بالمئة من قيمة المبلغ الإجمالي على البضاعة التي تدخل السوق المركزي.
نستطيع القول، بأن هُناك ظلما يقع على “الوسيط” عند وصفه بأنه المُستفيد الوحيد من عملية البيع والشراء، والأصح هو العكس تماما، فمن مصلحة المزارع البيع بسعر مُرتفع، ليستطيع تعويض ما تم دفعه خلال العملية الزراعية وحتى جني محصوله، وبالمُقابل من مصلحة التاجر أيضا أن يشترى بسعر مُنخفض، كي يُحقق أرباحا أكثر.
النقطة الثالثة، تتمحور حول الخدمات التي تقدمها “الأمانة” إلى المحال الموجودة في السوق المركزي، والتي تُعتبر “مُتدنية”، أو لا ترقى إلى ما هو مطلوب، وخصوصا عند مُقارنتها مع ما تُحصله هذه المؤسسة الخدماتية من مبالغ مالية، قادرة، في حال توفر إدارة ناجحة وجريئة في اتخاذ القرار، على إفادة أطراف العملية كاملة.
المقال السابق للكاتب
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا