من يعلق الجرس؟

كان حوارا مفيدا جدا ذاك الذي جمعني وزملاء صحفيين بأعيان من بينهم العين صخر دودين، وكان الحديث حول الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وسبل الخروج من عنق الزجاجة من دون أن تتأثر الطبقة الوسطى والفقيرة، ودور الحكومات في رفع النمو الاقتصادي ودمج الشباب بسوق العمل.اضافة اعلان
ضمن الحوار، تم التعريج على دور المرأة في العمل، وأهمية إيجاد طرق لجهة دمجها في السوق، وإلغاء كل العقبات الجندرية التي تحول دون أن يكون لها دور واضح في التمكين والنمو الاقتصادي، بحكم إبعادها، او ابتعادها من تلقاء  نفسها عن المشاركة في سوق العمل.
تحدث العين دودين عن مشاركة المرأة في سوق العمل، منوها إلى أنها من أدنى المشاركات العالمية، لا بل إن الأردن يحتل المراتب الدنيا وربما الأخيرة على مستوى العالم في مشاركة المرأة بالعمل، وهذه نسبة تقرع ليس جرس إنذار واحدا وإنما يتوجب أن تقرع كل أجراس الإنذار وتستفز الحكومات لمطالعة الواقع ووضع الحلول له.
فبحسب المؤشرات الصادرة عن منظمة العمل الدولية وعن الإحصاءات والبنك الدولي، فإن مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل تتراوح بين 13 % و15 %، وهي نسبة لا تعكس حقيقة وضع المرأة الأردنية التعليمي؛ إذ علينا أن نعرف أن أعدادا كبيرة من الجامعيات توازي أعداد الرجال، ولكن السيدات يتوقفن عند حد الشهادة الجامعية من دون التوجه للسوق.
طبعا، ليست المرأة هي وحدها المسؤولة عن هذا الخلل، فالقوانين والأنظمة والفجوة بين الرواتب وخلافه كلها تلعب دورا في انكفاء السيدات عن التوجه للعمل، وحرص سوادهن على العمل في الأعمال التعليمية فقط دون غيرها لاعتبارات كثيرة.
الأردن الذي أحرز تقدماً ملحوظاً في العدالة الجندرية في قطاعات الصحة والتعليم، وباتت معدلات وفيات الأمهات والنساء فيه منخفضة، وتم غلق الفجوة بين الجنسين بنسبة 90 % في محو الأمية، إلا أن ذلك لم يقابله زيادة مماثلة في مشاركة المرأة الاقتصادية؛ إذ انخفضت نسبة مشاركة المرأة بنسب تتراوح بين 13 % و15 %، ما يعني أن 1 من كل 8 من السيدات اللواتي في عمر العمل؛ أي ما بين 18 و65 عاما تبحث عن عمل، وهذا يعني أن هناك عددا هائلا من القوة العاملة غير مستغل، ولا يتم الاستفادة منه في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي أثر سلبا على النمو والاقتصاد معا.
وبحسب دراسات مختلفة، فإن الكلفة المتأتية من تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة، وبحسب سيناريو المساواة الكامل (أي أن تشارك المرأة الأردنية اقتصادياً كما يشارك الرجل -أي أن تعمل 60.4 % من الإناث) هي حوالي 11 مليار دينار، ما يعادل زيادة على الناتج المحلي تستغرق الأردن حوالي ثلاثة عشر عاماً من النمو الاقتصادي لتحصيلها (على معدل نمو 3 %، ولو عملت الإناث في الأردن بنفس نسب العمل للذكور فسيرتفع الناتج الإجمالي المحلي للفرد الأردني الواحد من 3,702 دينار إلى 7.260 دينار؛ أي بزيادة نسبتها 96 %.
في ظل كل تلك المعطيات وحصول الأردن على الترتيب العالمي الأدنى لمشاركة المرأة في سوق العمل، فإنني أعتقد أن الحكومة الحالية، على وجه التخصيص، عليها الالتفات لهذا الواقع والعمل على حله وإيجاد بيئة عمل ملائمة للمرأة تذوب فيها الفجوة الجندرية، وتحصل المرأة على رواتب عادلة توازي رواتب الرجل، وهذا يعني أن يكون نمو الاقتصاد الأردني محايدا بين الجنسين لا يميز بينهم، وأن يتم إدخال تعديلات على كل القوانين تضمن غلق أي فجوات جندرية تشريعية وتمنح المرأة بيئة عمل ملائمة وصحية من دون تضييق من أي نوع.