من يعوض الخسائر؟

كشفت موجة الحر العيوب التي يعاني منها قطاع توليد الكهرباء؛ حيث عانى الناس خلال اليومين الماضيين من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي.

اضافة اعلان

وتسبب الانقطاع الذي استمر لساعات طويلة بلغت في بعض المناطق 12 ساعة، بخسائر كبيرة لكثير من الأسر نتيجة تلف الأجهزة الكهربائية، والمونة، ناهيك عن المعاناة النفسية والإرهاق الجسدي نتيجة الانقطاع الذي يعطل أية وسيلة متاحة للتخفيف من قيظ الحر.

ومنذ أخذت درجات الحرارة منحاها الصعودي وغير المتوقع بدأنا نشهد أشكالا من المشاكل تعكس حجم المشكلة التي يعاني منها قطاع الكهرباء، وتؤكد الفشل في توفير الطلب المتزايد على الكهرباء والناتج عن أسباب طبيعية مثل تزايد عدد السكان، وأخرى استثنائية مثل الطقس الحار غير المعتاد.

عدد الشكاوى القياسي الذي تلقته شركة الكهرباء خلال يوم واحد، وبلغ 15 ألف شكوى يعبر عن سوء الحال الذي وصل إليه القطاع، حيث تشير المعلومات إلى أن كثيرا من أحياء العاصمة والمحافظات تضاعفت معاناتها نتيجة الزيادة في درجات الحرارة.

وحجوم طاقة التوليد الكهربائية والفجوة بين العرض والطلب، ما هي إلا مقدمة لحدوث أزمة في الوقت الحالي والمستقبل، لاسيما وأن قدرة النظام على التوليد تبلغ 2600 ميغا واط،، فيما ترتفع الحاجة اليوم من الكهرباء لتبلغ 2650 ميغا واط. وتكشف الأرقام أن ثمة أزمة تطل برأسها، وقد لا نقوى على مواجهتها وتلافيها، خصوصا وأن إنشاء مشاريع جديدة للتوليد مسألة تستغرق وقتا، ولا تتم بسرعة، ما يتطلب وضع رؤية تقيس بشكل واقعي ودقيق توقعات الطلب، وكيفية توفير عرض مناسب يغطي الاحتياجات.

المشاريع الحالية المعنية بتوليد الكهرباء لا تكفي لتغطية حجم الطلب الحالي لاستهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة، في ظل واقع يؤكد أن الطلب الحالي على الطاقة الكهربائية ارتفع بنسبة 25 % فيما كان مقدرا له أن يرتفع خلال هذه الفترة بنسبة 7 %.

والتقديرات المتخصصة تشير إلى أن الطلب السنوي يرتفع بنسبة 10 %، وإشباع هذا الطلب يحتاج إضافة نحو 260 ميغا واط جديدة للنظام الكهربائي كلفتها نحو 260 مليون دولار ترتفع بمقدار 20 ميغا واط سنويا.

والحل يكمن بإضافة وحدات توليدية جديدة ومحطات توليد كهرباء لتغطية الطلب، مع الأخذ بالحسبان أن وحدات توليدية ستخرج من الخدمة بعد انتهاء عمرها التشغيلي وإحالتها على التقاعد. وزيادة عدد الوحدات ليس المشكلة، بل المعضلة في النوايا والخطط كون هذا القطاع مغريا للاستثمار فيه، وكبريات الشركات المتخصصة في هذا المجال تسعى للحصول على عطاءات في الأردن في هذا القطاع تحديدا.

واستيعاب المتغيرات المقبلة أمر غير ممكن، إذا لم يؤخذ خروج وحدات التوليد من الخدمة بعين الاعتبار، كونها مسألة حساسة ولا يجب إهمالها بل دراستها وتحديد جداول زمنية لها، ليتسنى توفير بدائل مباشرة تعوض النقص، حتى لا نجد أنفسنا يوما أمام أزمة لا يسعف شيء في علاجها.

الحالة تبدو اكثر سوءا فيما لو درسنا حجم الاحتياطي المتوفر لدينا من إنتاج الكهرباء، إذ يتضح أن الموجود لا يغطي الحاجة، لا بل ثمة عجز بين الطرفين.

إن صون أمن الطاقة وحماية هذا القطاع الحيوي من أي اختلالات تضر بسمعة الأردن الاستثمارية، يوجب توفير احتياطي من الاستطاعة التوليدية للحفاظ على مستوى استطاعة يفوق حجم الطلب الحالي لمواجهة أي طارئ. الضرر الذي لحق بالمستهلكين لا يمكن احصاؤه، فمن سيعوض الخسائر؟

[email protected]