"ميس طفلتي الافتراضية".. حينما يتحوّل "اللايك" لوحش يفتك بالأطفال

طفلتي الافتراضية
طفلتي الافتراضية

سوسن مكحل

عمان- في عالم افتراضي تزيد فيه أساليب الاستغلال للصغار والمراهقين؛ يزداد خوف الآباء، من أن يكون طفلهم، أحد ضحايا الإساءة والابتزاز والتهديد من خلف الشاشات، بكبسة "زر".اضافة اعلان
والآباء، الذين لديهم أولاد في عمر المراهقة أو الجامعة، سيكتشفون في كتاب "ميس طفلتي الافتراضية" للكاتبة الأردنية هناء الرملي، ماذا يدور في عالم الإنترنت من خبايا الاستغلال بأنواعه، ليكون مصدرا معرفيا لكيفية حماية الأبناء من ظلام الإنترنت وغرفه الكثيرة المغلقة والخاصة.
ويحكي الكتاب عن هذا العالم المتطوّر الذي يحمل طرائق وأساليب هائلة للاستغلال بأنواعه، وواجب الأم والأب حماية أولادهما بكل الطرائق الممكنة، مما قد يتعرضون إليه في هذا العالم التكنولوجي.
في بداية الكتاب تتحدث هناء الرملي عن فكرتها للرواية، وغوصها في قصص تثبت سلوكات تصل لحد "القذارة" في غرف الدردشة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، متخذة من قصة المراهقة الكندية التي انتحرت بعد حادثة تنمر مدخلا للإنسانية التي تشابكت مع صور تبدو مذهلة من خلف شاشاتنا وجاذبة للأطفال.
تقدم الرملي في الجزء الثاني من الكتاب قصصا لفتيات أرسلن لها تجاربهن مع التحرش الإلكتروني، لتكشف القصص عن صدمات متتالية للقارئ، الذي يستغرب من الطرائق الغريبة والمستحدثة التي يبتكرها المستغل للوصول إلى ضحاياه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بغض النظر عن أعمارهم.
يتعرف الأم والأب إلى تلك الطرائق الذكورية في غالبيتها كما في الكتاب؛ لزيادة الوعي والمعرفة لديهما في توعية ومتابعة الأولاد بحذر وحرص شديدين من أجل بقائهم في برّ الأمان في هذا العالم، وتعليمهم كيفية الاستفادة من تلك الوسائل.
وإذا كنتِ أمًّا، فقد تلحظين نفسك الكتاب في قصص ستمر أمامك لا تشبهك تماما، لكن بعض تفاصيلها قد تكونين مررت بها بطريقة أو بأخرى.
القصص التي ذكرتها النسوة أنفسهن وأرسلنها إلى الكاتبة لتقدمها بشكل قصصي وروائي جاذب وتوعوي ذهبت بعضها للأسف بأبطالها الى التهلكة بسبب "كبسة" لايك أو إعجاب وتعارف، عالم لن يخرج منه البريء بسهولة، لذا يجب أن نهتم بالأبناء. وبعض القصص أودت ببعض الضحايا للتهلكة من تلك الضغطة البسيطة خلف الشاشة.
كتاب يعرّف بدهاليز متبعة للترصد لفتيات صغيرات يصل حد التجارة، اذ كان الجزء الأهم والثالث له وهو حياة ميس الطفلة ابنة الخمسة عشر ربيعا لتؤسس الكاتبة لها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" في محاولة لرصد ما يقوم به المتحرش أو "الوحش" لا فرق مع الطفلة ميس.
من الصعب أن تكون طفلا من جديد، لكن الكاتبة تنقلك فعلا لعالم الطفلة البريء ورغم تعبها نفسيا وتعبك كقارئ من حجم المشاهد والاستفسارات المريبة من الرجال للفتاة ميس، إلا أنها استمرت حتى النهاية أو الذروة التي لا تنتهي إلا بوعي الأهل وادراكهم لما يحدث حول غرف مظلمة سوداوية.
تعرّج الرملي أيضا على حالات القتل والانتحار غير المعروفة الأسباب للمراهقين، والتي ارتبطت بوسائل التواصل الاجتماعي مباشرة عبر تهديد أو صور أو غيره ودورها في تزايد انتحارهم في الأردن والوطن العربي.
الكتاب يتناول كيفية حماية ابنك أو ابنتك.. كي لا يتحول الأطفال لضحايا يتم استغلالهم، وسيجبرك حتما مستقبلا على تتبع أهم ما وصل إليه عالم التكنولوجيا وسماع المختصين باستمرار، لأن عصر السرعة لم يوصلنا للقمر الذي كنا نعرفه، بل تغيّر وأصبح يهدد طفلك.
"عليك أيها الأبـ وأيتها الأم حماية أولادكم من المقبل الذي يستقبلهم كل يوم على الشاشات"، هكذا يحكي الكتاب وهو مناسب للفتيات والذكور في أي مرحلة عمرية، وأيضا حتى نهاية العشرينيات وربما أكثر، إذ كُتب بأسلوب الرواية الي تشد القارئ بالوعي والعلم.
كتاب الرملي "ميس طفلتي الافتراضية" صدر حديثًا عن دار نشر "كتبنا" المصرية.
الرواية التي تطرق أبواب التابوهات وتدق أجراس الخطر في مجتمعنا العربي، رواية واقعية بشخصياتها وأحداثها، تسلط الضوء على ظاهرة الاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات عبر الإنترنت، الظاهرة الأكثر انتشارًا في كل دول العالم عامةً والعالم العربي خاصةً، والتي شاعت وتفاقمت خلال جائحة كورونا. بحسب الدراسات العالمية، وتحذيرات منظمة الأمم المتحدة عنها.
تبدأ أحداث الرواية (التي تقع في 270 صفحة) في الخريف يوم الأربعاء10/10/ 2012 في مدينة عمان ـ الأردن، وتنتهي في التاريخ نفسه يوم الأربعاء10/10/ 2018 في مدينة مونتريال بكندا.
تقول الرملي في روايتها: أن تخترق جدران التابو هو نوعٌ من الجرأة والتمرد. وثورة على البلادة والتغاضي واللامبالاة وزيف التعقل وافتعال الأخلاق الحميدة والقيم المتوارثة.
وجدير بالذكر أن هناء الرملي كاتبة وباحثة متخصصة في شؤون الإنترنت الاجتماعية والثقافية. استشارية ومحاضِرة ومدربة. مهندسة استشارية دولية في شؤون الإنترنت للإعلام العربي والإعلام العالمي الناطق باللغة العربية. وكان كتابها الأول "أبطال الإنترنت" عن التنمر الإلكتروني والتحرش الجنسي عبر الإنترنت.