نتائج انتخابات إيران: الفرصة والتحدي

انتهت الانتخابات الرئاسية الإيرانية الحادية عشرة بفوز خاطف لحجة الإسلام حسن روحاني الذي تقدم بهدوء إلى المشهد السياسي، مستثمرا كل علاقاته مع كل التيارات السياسية في إيران. مظهره كرجل دين معمم، كان يلبي طموح بعض الناخبين؛ لكن خطابه المعتمد على فكرة الاعتدال السياسي والوسطية، كان المحطة الأبرز التي توقف عندها الكثير من المتابعين للشأن الإيراني. وكان التصور أن روحاني إنما يلقي بتلك السهام عن التطرف وأخطاره على الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد، لكنه كان يرسلها إلى من يُحسب عليهم من الإصلاحيين الذين يدفعون نحو مسارات من التغيير أدت إلى خساراتهم المتتالية في الانتخابات البرلمانية السابعة والثامنة، والانتخابات الرئاسية التاسعة والعاشرة. اضافة اعلان
رسالة روحاني إلى سلفه نجاد والتيار المتحالف معه كانت تركز على المسار الذي اتبعته حكومة نجاد، والمعتمد على مبدأ الإقصاء السياسي الكامل لكل لاعب محتمل في المشهد السياسي. وقد كانت سياسته نحو التيار الإصلاحي واضحة في تطرفها وتجفيفها منابعهم في الإعلام وفي وظائف الدولة العليا، وغير ذلك من السياسات التي جعلت التيار قاب قوسين أو أدنى من الزوال من المشهد السياسي.
روحاني بدا دقيقا في تقديم نفسه للمشهد الانتخابي؛ إذ حاول الابتعاد عن الكلمات والمصطلحات الكبيرة التي قد تجعله يحسب على الرئيس السابق محمد خاتمي، كما حاول الابتعاد عن نوع الخطاب السياسي-الديني الذي يقدمه هاشمي رافسنجاني؛ فأراد أن لا يوضع في سلة أي منهما، لاسيما من قبل التيار المتشدد ضمن التيار الأصولي. في الوقت ذاته، حاول الابتعاد عن التيار الأخير، رغم علمه بنفوذه في بيت المرشد السياسي، وكذلك المؤسسة الأمنية. وهي خيارات تبدو كمن يمشي في حقل ألغام، لكن المقبل أصعب.
الرئيس المنتخب يواجه تحديات جمّة، تبدأ بالحاجة إلى لملمة المشهد السياسي الداخلي المنقسم بحدة. كما أنه يواجه تركة اقتصادية توجت بأربع حزم من العقوبات الدولية التي دفعت بالاقتصاد الإيراني إلى أتون أزمة نهشت تفاصيل الحياة اليومية للفرد الإيراني. أما الأكثر تحديا، فهو الحاجة إلى البرلمان الذي يعد معقلا قويا للأصوليين، لم يرحم الرئيس نجاد. هذا البرلمان المنسجم مع بيت المرشد السياسي، وغير بعيد عن المؤسسة الأمنية والعسكرية للحرس الثوري الإيراني. وهذه التحديات الداخلية تحتاج إلى أكثر من الكلام عن الاعتدال، وإقناع من لا يرغب بنهج الاعتدال أن يكون معتدلا.
على صعيد السياسية الخارجية، لا يبدو الأمر ورديا. فالعزلة السياسية التي مرت بها إيران إقليميا خلال السنوات الثماني الماضية، وكذلك العزلة الدولية، فاقمتا المشكلات الاقتصادية للنظام، الأمر الذي يؤكد على حقيقة أن مفتاح انفراج الأزمة الاقتصادية يكمن في مسارات السياسة الخارجية التي تتجاوز سورية والملف النووي، إلى أفغانستان والعلاقة المتوترة مع تركيا، إضافة إلى التبعات التي تركتها السياسة الخارجية الايرانية في سورية على صورة إيران في العالم العربي، ولدى قاعدة عريضة من العالم الإسلامي (السني).
فوز روحاني ربما كان فرصة للنظام لتجاوز أزمة داخلية شبيهة بالتي وقعت بعد الانتخابات الرئاسية العام 2009. لكنه فوز ربما يفرض على النظام البناء عليه في تعاملاته مع محيطه الإقليمي والدولي، وهي مهمة لن تكون سهلة، إن لم يرها البعض شبه مستحيلة.

[email protected]