نتنياهو وتوزيع الغنائم في سورية

بينما يملأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العالم ضجيجاً منذ سنوات بشأن القنبلة النووية الإيرانية، المزعومة أو حتى الموهومة، فإنّه لم يتحدث كثيراً عن الوجود الإيراني في سورية، فهذا الوجود هو إلى حد ما مصلحة إسرائيلية، ولو إلى حين، ولو دون قصد. ولكن الآن يمكن بدء استخدام هذه الورقة، وتحويلها لقضية متفاعلة، ومحور الدبلوماسية الإسرائيلية، وهو ما يتضح في لقاء نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع. اضافة اعلان
يُلاحِظ تحليل نشرته "يديعوت أحرنوت" أنّه قبل كل اجتماع يجريه بوتين، أو مؤتمر، لبحث مستقبل سورية، يقوم نتنياهو بالالتقاء معه. ولا يكاد يمضي أسابيع حتى يلتقيا. (ربما يكون نتنياهو أكثر مسؤول رسمي قابل بوتين في العامين الأخيرين). التحليل عن زيارة نتنياهو الذي اصطحب معه رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يدل على أنّ التقييم الإسرائيلي الحالي، للموقف، أنّ التدخل الروسي الإيراني المشترك وصل مفترق طريق، وتحديداً لحظة تقاسم الغنائم، مع ميل الصراع في سورية للنهاية، بفضل المكاسب العسكرية، للنظام وحلفائه، بعد أن انشغلت دول الخليج العربية بخلافات فيما بينها، وبقضايا داخلية، وفي اليمن، وبعد أن فتحت السياسات الأميركية ومواقفها التي تضغط على المعارضة، لصالح النظام بحجة محاربة "داعش"، الطريق لهذه الإنجازات. والآن هناك تنافس أو مناورات بين النظام، وروسيا، وإيران، وتركيا لرسم خريطة ما بعد الحرب. وبالتالي تضع إسرائيل أجندة جديدة. 
تثير المصادر الإسرائيلية حالياً مزاعم عن مصانع إيرانية للصواريخ في لبنان، وبهذا تحقق عدة أهداف في آن واحد. أولها، تأليب وتحريض الدول العربية ضد إيران وحزب الله، وهذا يتضح باتهامات عربية للحزب أنّه يوصل صواريخ لليمن وغيرها، والأخبار الإسرائيلية تُعطي روحاً ومضموناً لهذه الاتهامات. والحديث عن أنّ ما يفعله الحزب الآن هو "تحويل صواريخ غبية إلى صواريخ ذكية" في لبنان، يعني رسالة إسرائيلية لدول في المنطقة أنّ الصواريخ الحوثية الطائشة ستصبح أكثر دقة.
لا يقوم الجانب الإسرائيلي (بحسب الصحافة الإسرائيلية) بالتركيز على موضوع القنبلة النووية الإيرانية في الحديث مع موسكو. وهذا طبيعي فروسيا صاحبة مصلحة بالمشروع النووي الإيراني.
بقدر ما يشكل الدعم الإيراني لحزب الله موضوع إزعاج للجانب الإسرائيلي، بقدر ما تستخدم  حكومته، وتضخم، الموضوع الإيراني، ففي أوروبا، وخصوصاً زمن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، التركيز على اللاسامية الإيرانية وعلى إنكار الهولوكوست النازي، ثم في الأمم المتحدة على القنبلة النووية، وبمواجهة العرب، عن التدخل الإيراني (وهو تدخل حقيقي وموجود)، ثم الآن عن السلاح الذي يوصله حزب الله. وفي الحديث مع روسيا الآن، تقول يديعوت أحرنوت على الأغلب أن نتنياهو قال، الاثنين الفائت، قبل مؤتمر سوتشي، الثلاثاء، بشأن سورية، "أن الهيمنة الإيرانية لا تهدد إسرائيل فقط، بل وأيضاً المصالح الروسية الاقتصادية، والأمنية، والسياسية". وأنّ "كل ما حققته موسكو بتدخلها في سورية يتوقف الآن على التوازن والتهديد الذي تشكله التحركات الإيرانية. وبعض هذه التحركات مصممة مباشرةً ضد روسيا بهدف تأكيد سيطرتها باعتبارها القوة المهيمنة في سورية".     
مارست إسرائيل طويلا حيادا مريحا في سورية؛ نظرت من بعيد، شجعت (عبر غض النظر والعلاج الطبي) حتى عن السلفية الجهادية أحياناً، وتحديداً جبهة النصرة صاحبة الموقف الملتبس في أغلب الأحيان، حتى بموقفها من النظام السوري، وغضت النظر عن التدخل الروسي لصالح النظام، ولم ترفع الصوت حول التدخل الإيراني، وكل هذا وهي تراقب الاستنزاف الشامل في سورية، وتقوم بضربات انتقائية متفرقة فيها. والآن مع احتمال نهاية الحرب، فإنّ أفضل حليف إسرائيلي في سورية هو روسيا. وروسيا كانت ويمكن أن تبقى ضامنا لعدم انتشار أي توتر من سورية ضد الإسرائيليين في فلسطين.
كما في كل حرب، مع قرب نهايتها يبدأ الصراع، أو التفاوض على الأقل، بين المنتصرين على تقسيم الغنائم، وترتيب خريطة سياسية جديدة. ونتنياهو المتمتع بالحماية الأميركية المطلقة، يسعى لتصوير سورية ولبنان باعتبارها تهديدا ضد الدول العربية (دون أن يلغي وجود التوسعية الإيرانية فعلاً)، كما يقوم نتنياهو بالعمل على أن يكون الحليف الروسي هو القوة المهيمنة في سورية، وبالتالي في لبنان.