نحو أفضل انعقاد للمجلس الوطني الفلسطيني

تتجه الأحداث إلى انعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، يوم الاثنين 30 نيسان (إبريل) 2018، ولا يوجد حتى الآن نقاش حقيقي حول ما قد يجري، أو يجب أن يجري في هذا المجلس، بل يتركز النقاش حول شروط انعقاده ومن سيشارك أو لن يشارك فيه. ويجدر بدء التفكير بما سيجري في المجلس بناء على فرضية أنه سينعقد فعلا.اضافة اعلان
لا يوجد ما يشير إلى أنّ رئاسة المجلس، أو قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الحالية، قد دعت فعلا حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بل إنّ تصريحات وتعليقات بعضها في الإعلام، وبعضها يعبر عنها قادة من حركة "فتح"، أنّه لن يبحث فعلا مسألة دخول "حماس" المنظمة، قبل إنهاء الانقسام في غزة. ومن هذا تصريح عزام الأحمد، القيادي في "فتح" المتوقع انضمامه للجنة التنفيذية للمنظمة مندوباً عن حركته، مطلع هذا الشهر، قائلا "إن حماس لن تكون جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية قبل إنهاء الانقسام وتسليمها قطاع غزة للسلطة الفلسطينية".
يبقى أن مشاركة باقي الفصائل، صاحبة العضوية في المنظمة، مهمة لا لأجل ضمان النصاب القانونية؛ حيث إن عضوية المجلس لا تعتمد فعلياً على التمثيل الفصائلي، إلا بقدر محدود، ويعتمد بجانب الفصائل على الاتحادات المهنية والشعبية، وعلى المستقلين، وتمثيل قطاعات مختلفة، ولكن هذه المشاركة مهمة سياسياً، أو ما قد يسمى "النصاب السياسية". وحتى الآن فإنّ موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أهم الفصائل في المنظمة، بعد حركة "فتح"، هو عدم المشاركة.
التصريحات الشعبية، وحتى "حماس" ومستقلون رافضون لانعقاد المجلس، تتركز على مسائل مثل مكان الانعقاد، (رفض انعقاده تحت الاحتلال، علما أن الجبهة الشعبية شاركت سابقاً في مجلس العام 1996، في غزة، التي لم يكن قد انسحب منها الاحتلال)، والاحتجاج الثاني يتعلق بأن المجلس غير توحيدي أي لا يضم الفصائل كلها، بما فيها "حماس" و"الجهاد"، ويثار في السياق ذاته مطالب بأن يلتئم المجلس بعد انتخابات شعبية جديدة، وليس بالطريقة التقليدية القديمة.
تعاني أطر العمل الفلسطيني تكلسا كبيرا جداً، سببه عدم التجديد، وفي مقدمة ذلك المجلس الوطني الفلسطيني، الذي هو برلمان الشعب الفلسطيني، الحقيقي، الذي تعلو قيمته السياسية والقانونية والوطنية على المجلس التشريعي الفلسطيني (الذي انتهت ولايته أيضاً منذ ثمانية أعوام). ويمكن لمجلس وطني، حتى بمشاركة الفصائل الموجودة حاليا في المجلس وبمشاركة الأعضاء الآخرين من ممثلي قطاعات شعبية ومستقلين، إحداث تحديث نسبي وتفعيل لمنظمة التحرير الفلسطينية.
مع الظروف الحالية، فإنّ هناك خوفا مبررا أن يكون انعقاد المجلس لغاية يتيمة، هي تجديد تشكيلة اللجنة التنفيذية الحالية، بل ومن دون أن تكون اللجنة الجديدة ممثلة سياسياً واجتماعياً وعُمرياً لمكونات الشعب الفلسطيني.
يمكن التغلب على حالة الاضطراب الراهنة في الحالة السياسية، من خلال؛ أولا، الاستمرار في محاولات حضور كل فصائل المنظمة، ثم /أو، الاتفاق على استمرار النقاش مع الممتنعين، لئلا يتم استثناؤهم من عملية التجديد المتوقعة، وثالثا، الاتفاق على أن هذه عملية تجديد انتقالية، لحين ترتيب البيت الفلسطيني تماما. ورابعاً، تشكيل لجنة من المجلس ومن كفاءات فلسطينية، لصياغة برنامج وأسس عمل جديدة، وربما ميثاق وطني جديد. ويمكن تشكيل لجنتين؛ واحدة لتجديد أسس تشكيل المجلس، وفق أكثر من سيناريو، الأول موافقة "حماس" و"الجهاد" على دخول المنظمة، والثاني الفشل في التوصل لاتفاق لذلك. ولجنة أخرى للميثاق والبرنامج السياسي.
من الممكن، والضروري، الخروج بأفكار وتصورات جديدة لتطوير النظام السياسي الفلسطيني، تعالج مشكلات مثل برنامج العمل الفلسطيني، وما هي الأهداف الوطنية. وكذلك بحث أسس إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وطبيعة العلاقة بين ثلاثة مكونات أو مفردات في العمل الوطني الفلسطيني؛ وهي السلطة، والدولة، والمنظمة، بما في ذلك طبيعة دور المجتمع المدني الفلسطيني، من نقابات واتحادات، التي شكلت ويمكن أن تشكل بجانب الفصائل مكونات النظام السياسي، وطريقة لتجديد شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي مرجعية السلطة الفلسطينية، التي تشكلت منتصف التسعينيات، ولتوضيح العلاقة مع الدولة التي ما يزال هناك الكثير من العمل لتجسيدها على الأرض ولتوضيح علاقتها مع المنظمة.