ندوة حول "الادب الساخر" ضمن فعاليات معرض عمان الدولي للكتاب

جانب من ندوة "الادب الساخر"- (الغد)
جانب من ندوة "الادب الساخر"- (الغد)

 عزيزة علي 

عمان- رأى كاتبان ان الحديث عن الادب الساخر في زمن الصراع المنفلت بين الخير والشر وبين السلم والحرب وبين الفقر والغنى والظلم والحلم يعد "بطولة".
جاء ذلك في الندوة التي اقيمت اول من امس ضمن البرنامج الثقافي المرافق معرض عمان الدولي للكتاب بعنوان "الادب الساخر"، وتحدث فيها من فلسطين سلمان ناطور ومن الاردن احمد حسن الزعبي وأدارها هزاع البراري.
وأشارا الى الفنون التي قام بها بعض الفنانين عندما قاموا بتحويل صورة دخان القذائف الساقطة على غزة الى لوحات فنية من عصافير وحبات بوظة وغيمة من شعر البنات، وهي نوع من السخرية وفرح بالانتصار.
قال سلمان ناطور:"بحثت عن منابع السخرية في ادبنا فوجدتها غنية وقد انتشرت في فلسطين منذ العام 1908 عندما اطلق السلطان عبد الحميد العنان لصحافة محررة الى حد ما قياسا لما كان لا لما سيكون، وإذا بخفة الظل الفلسطينية تنشأ صحافة منفلته جعلت السلطان يندم فكان يقمعها في ما بقي له من سنوات قليلة الى ان استبدله محتل اجنبي آخر فورث عنه الحله والحلال وجاء محتل اخر وورث عنه القمع اولا.
ورأى ناطور ان السخرية ظلت هي الروح السائدة لتكون "فشة الخلق" وللتحايل على الرقيب ولجعل الابتسامة سهما او رصاصة، وفي هذه المسيرة ظهرت صحافة بمسميات كثيرة صحفية هزيلة فكاهية ساخرة ضاحكة، تعرف حتى من عناوينها مثل :"ابو شادوف، ابو النواس صحيح كراكوز، حط بالخرج، جراب الكردي، ، العصا لمن عصا، الطبل، الزمر، الحمارة، البغلة، المهمارة" .
وبين ناطور ان نجيب جانا اصدر في شباط 1912، صحيفة بعنوان "العصا لمن عصا" في حيفا: "هزلية ولكنها جدية، انتقادية ولكنها ادبية"، لا تتعرض للشخصيات ولا تدنس قامتها بالسب والشتائم، مشيرا إلى أن حيفا لم تكن صانعة الصحافة الساخرة بل تنافست معها يافا والقدس ايضا، حيث اصدر وهبة افندي تماري في العام 1911، جريدة بعنوان "ابو شادوف".
وبين ناطور ان الادب الساخر في الذاكرة الفلسطينية :"عودة الى الروح الفلسطينية التي كانت سائدة في مراحل غابرة حينما كثرت المؤامرات والدسائس واشتد القمع وانتشر العملاء والسماسرة وتجار القضية وكان هناك من يقف لهم بالمرصاد على صفحات الجرائد وعلى المنابر".
ورأى احمد حسن الزعبي ان السخرية هي ثقة بالنفس كاملة الدسم، وهي مبيد الخوف الذي يفتك بكل الافكار السوداء السريعة المختئة خلف جدران الخنوع فتنقلب على ظهرها موتا واختناقا، والسخرية وردة نبتت قسرا بين الانقاض وعرق نعناع تحدى بيوت الشوك ليقول انا هناك علكة الارض ونفسها المنعش الى الابد.
ويؤمن الزعبي بان السخرية هي:"اشتباك يومي يحتوي قنابل مسيلة للضحك وقذائف مضادة للقهر، وهي خارطة للسير بين الالغام، والكاتب الساخر يتحول فجأة الى كائن اسطوري من مقاتل شرس في النهار الى نجار اخر الليل يصنع من لغته سريرا لينام في قلوب قرائه او تابوتا يضم بين خشبتيه ما مات من آمالهم".
وأوضح ان الكتابة مثل دواء الاطفال يحمل فكرة مرة بمذاق حلو، كما ان هدف الكتاب الساخر هو تنويري لكسر حاجز الخوف امام النفس والانتقاد من دون رعب لا يمكن لنا ان نتخيل الكتابة لاجل الكتابة النص الساحرة قارب لا يمكن ان يطفو في يم التعبير لاجل السباحة فقط، دون ان يحمل شيئا ما على ظهره او يساعد في نجاة.
واستعرض الزعبي بعض "نكد" الكتابة الساخرة خصوصا في العمل الصحفي الذي يتطلب كتابه يوميا الذي وصفه بانها يشبه:"الالتزام بتأدية فقرة يومية في السيرك، عليك ان تمشي على حبل النجاح باتزان ومهارة امام الاف القراء لتنال رضا ضميرك واعجاب المتابعين".
وهناك نكد اخرى بحسب الزعبي وهو :"تحول الحالة ثمة نزاع داخلي لا يراه احد غير الكاتب، هو مثل فعل الترويض والحضور والواجب"، حيث انقلبت الهواية الى مهنة، والرغبة الى عبء والاستمتاع الى اكل عيش.
ورأى الزعبي انه على الكاتب ان يخرج متجددا كل يوم بالفكرة والأسلوب والهيئة واللغة ايضا وعليه في نفس الوقت ان يصمد امام قذائف الرقيب، ومحاذير السياسة والمجتمع والدين التي ترمي عليه وهو في طريقة للطرف الآخر، وإذا سقطت مرة واحدة من بين آلاف العروض الناجحة تجد ان الحضور غادروا ساحتك وهم يقولون في سرهم وعلانيتهم "اخص يا العاطل".
وختم الزعبي بالحدث عن تمرير الفكرة من بين اصابع الرقيب ومن تحت اسنانه، وزرع الالغام اللغوية هنا او هناك دون ان يطأها قلم الرقيب، مهمة اقرب الى المجنونة شخصيا غالبا ما استخدم خبراتي التهريبية "كرمثاوي" بان اضع بعض المفردات في جيوب الجمل، واخبئ "كروزات" من التعابير تحت حزام الفقرات وارتدي "عشرات" التعابير الساخرة تحت "فوتيك الجدية" ومع ذلك اخضع لتفتيش دقيق احيانا يصادر المقال واحيانا "يجمرك" نصفه واحيانا يتغاضى "جمركي التحرير" عن حمولتي فأؤمن يومها رزقي ورزق قرائي من السخرية.

اضافة اعلان

[email protected]