نزع الشرعية عن اليسار قبيل طرد الفلسطينيين

هآرتس

عميرة هاس  16/10/2018

الهجمات ضد اليسار لا تستهدف المس بكونه نزلاً سياسياً وفكرياً لليهود. الهجمات هي فقط جزء من تمهيد الأرض لعملية كبيرة وشاملة، وموجهة ضد الفلسطينيين. من كلا جانبي الخط الأخضر. بالإمكان فقط تخمين ما هي هذه العملية، استناداً إلى 1948 و1956، وعلى قاعدة أقوال وإشارات للجناح القومي المتطرف - الديني، المسيحاني والرأسمالي، والذي هو المعسكر السياسي القوي وتتزايد قوته أكثر في إسرائيل. العملية هي طرد عام للفلسطينيين، والمكونة ربما من عمليات طرد أصغر.اضافة اعلان
من أجل القبول بهذا الادعاء يجب الاقتناع بقدرات التخطيط الإسرائيلية. للإسرائيليين الذين يعيشون في الجانب الغربي للخط الأخضر، يصعب تصديق هذه القدرات حيث أنهم يواجهون بغباء وإهمال ومماطلة سوفييتية في كل زاوية. ولكن الدقة والرؤيا لمسافة بعيدة المطلوبة من أجل خلق الجيوب الفلسطينية المخنوقة شرقي الخط الأخضر، والجيوب الفلسطينية الفقيرة والمكتظة في غربه، تدلل على تخطيط عمره يمتد لسنوات، والذي عملت فيه بصورة اندماجية جهات مشتركة تضم البيروقراطية، الجيش والجهاز السياسي. وهذه قادت إلى رأس الحربة في الفكر والممارسة الإسرائيلية – اليهودية، البيت اليهودي وأمانا، إلعاد، اللجنة الفرعية للاستيطان في الكنيست، حتى هنا، أمناء الهيكل وأشباههم. في نظرهم الفلسطينيون في أحسن الأحوال يجب أن يشكرونا لأننا نسمح لهم بالبقاء هنا.
اليسار الإسرائيلي هو كائن صغير وضعيف ومشوش، متعدد الوجوه ومليء بالتناقضات الداخلية إلى درجة عدم التبلور. لا، هو لا يضم "المعسكر الصهيوني" و"يوجد مستقبل" أو قائمة بيني غانتس: ليس نظراً لأنهم اشكناز محظيون، بل لأنهم كانوا وما زالوا شركاء في مراحل سابقة لطرد الفلسطينيين: من بلادهم، من أرضهم، من النظام السياسي الموجود فيها، ومن مؤسساتها.
اليسار يجب أن يكون اجتماعياً أي يتوق إلى رفع قيمة العمال في المجتمع وقيمة الخدمات والنشاطات التي لا تقدر بالمال. اليسار يجب أن يطالب تخصيص موارد متساوية، تضم الاعتراف بالإفقار التاريخي للشرقيين بأيدي حزب "مباي" (العمل حاليا) والمطالبة بإصلاح ذلك. ولكن ليس هنالك نشاطات ووعي يساري بدون الفهم والاعتراف بأن الفلسطينيين كانوا وما زالوا الهدف الأول والأساسي لمشاريع هندسة الديمغرافية والاقتصاد والفضاء العقاري والسياسي الإسرائيلي. تلك هي المخططات التي منها كسب ويكسب كل يهودي إسرائيلي سواء برغبته أو مكرهاً.
الهجمات – لفظية وجسدية، شرطية ودعائية - نجحت: لقد حولوا "مفهوم يسار" إلى مفهوم مقيت في أوساط أجزاء كبيرة في الجمهور الإسرائيلي- اليهودي، أكثر من مفاهيم فاشية أو عنصرية.
الهجمات لم تؤثر على تصميم نساء ورجال شجعان في "تعايش"، "نحطم الصمت"، "محسوم ووتش"، فوضويون ضد الجدار وأمثالهم، "رافضات ويتذكرن"، "أكاديميا للمساواة"، لجان طلاب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي، فروع ونشطاء هذه الأحزاب وجزء من نشطاء وأحزاب ميرتس.
الهجمات لم تخفض البطاقة التعريفية لمنظمات حقوق الإنسان، والتي طوال سنوات غرست إبراً في عجلات الاحتلال والاستغلال. ولكن للهجمات تأثير مهدئ. هي تسكت آخرين، اولئك الذين يشعرون بعدم راحة من تحويل قطاع غزة إلى معسكر تجميع يموت فيه الأطفال من المياه الملوثة، والذين يخافون من الجو ومن القوانين التي تذكر بفترات ليست بعيدة. أشخاص مع صعوبات في كسب الرزق سيفكرون مرتين قبل أن يُسمعوا صوتهم أو أن ينضموا لنشاطات مؤيدة للحق في المياه لقرى بدوية داخل إسرائيل.
سُمّية هذه الهجمات من شأنها أن تضمن ألا يكون هنالك يهود ينامون في يومٍ ما تحت الشاحنات أو الباصات. حقيقةً: فقط حفنة من اليهود موجودين اليوم في الخان الأحمر، إن نزع الشرعية تقلل عدد رافضي الاحتلال. هي تضمن أن كل الجنود اليهود المفعمين بالإيمان العبادي بعدالة حكومتهم، سوف ينفذون ثانيةً، حين يحين الوقت، أمر الهدم والطرد أينما كان للفلسطينيين أبناء هذه البلاد.