نساء العالم في ضيافتنا

لعله التجمع النسائي الأكبر والأعلى مستوى الذي يستضيفه الأردن في تاريخه؛ فأمس وأول من أمس، استضاف مجلس النواب الأردني "قمة المنتدى العالمي للنساء البرلمانيات 2016" بمشاركة المئات من البرلمانيات، بينهن رئيسات وزراء ووزيرات حاليات وسابقات ورئيسات برلمانات وهيئات برلمانية إقليمية، ومجموعات نوعية ومنظمات سياسية واقتصادية واجتماعية.اضافة اعلان
فعاليات المؤتمر كلها جرت في مبنى البرلمان، حيث جرى اللقاء الافتتاحي تحت قبّة البرلمان، بينما توزعت اللقاءات الفرعية على قاعات مجلس النواب الأردني التي امتلأت بالمشاركين والضيوف المتحدثين تحت العناوين الكثيرة المتفرعة؛ من قضية المرأة وتمكينها في مختلف المجالات، في السياسة والحكم والإنتاج والعلم والتكنولوجيا. والترتيبات كانت كفؤة وممتازة، تفوقنا فيها على أنفسنا، وبما يضاهي أكثر الدول تقدما. وهو ليس بالأمر السهل بالنسبة لمؤتمر دولي بهذا الحجم، يعقد في العادة في الفنادق أو قصور المؤتمرات، وتشرف عليه شركات متخصصة. وقد عبر المشاركون عن إعجابهم وتقديرهم لذلك. وخارج البرلمان، كانت هناك استضافتان على العشاء؛ في جبل القلعة في عمان، وقصر المؤتمرات في البحر الميت.
استضافة البرلمان الأردني لهذه القمة التي تعقد لأول مرّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو اعتراف بمكانة الأردن لدى المجتمع الدولي النسائي. وهو يستحقها بسمعته الحضارية، كبلد معتدل ومنفتح ومستقر وآمن، يحترم الشرعية الدولية، ويشارك في المؤسسات الدولية، ويحترم تعهداته والتزاماته، ويوقع على العهود والإعلانات الدولية ويحترمها، ويجهد لتطوير تشريعاته بما ينسجم مع المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان والمساواة للمرأة.
ورغم الحرص في الأردن على تمكين المرأة، كما نلاحظ في الخطاب العام وفي التشريعات والدور الاستثنائي التنويري والحداثي للقيادة الهاشمية في دعم مساواة ومشاركة المرأة، إلا أننا لا نستطيع أن نباهي بالواقع كما هو على الأرض بالنسبة لمشاركة المرأة في الاقتصاد والسياسة. نعم، يوجد لدينا مزيد من الوزيرات والنواب والأعيان، وأيضا قاضيات ومسؤولات في مواقع مختلفة، لكن نسبة المرأة ضمن القوى العاملة في الأردن هي من بين الأدنى بين الدول، ليس على مستوى العالم، بل وفي العالم العربي أيضا. وهذه مسألة تحتاج إلى تمحيص ودراسة، فنحن أكثر تقدما من كثير من الدول التي تتجاوزنا في نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، ولا بد أن هناك عوامل عديدة متداخلة؛ ثقافية واجتماعية واقتصادية تخص تطور النمط الاقتصادي في الأردن، ومن خصائصه استمرار النسبة العالية من البطالة، بحيث تعطى الأولوية في العمل للرجال. ومن اللافت أننا بدأنا نخرج من الجامعات نسبة من النساء تفوق الرجال، لكن سوق العمل تأخذ نسبة أعلى كثيرا من الشباب الذكور.
في السنوات الأخيرة، تطور الوعي العام بحقوق المرأة. وأنا ألاحظ تطور الموقف النيابي بين الأمس واليوم؛ فكل التشريعات المساندة للمرأة تمر الآن بيسر وبتفهم من النواب. والفضل الإضافي في ذلك هو وجود النساء في مجلس النواب. ولدينا الآن مشروع قانون أكثر تطورا لمكافحة العنف الأسري الذي يقع غالبا على المرأة والأطفال. وهناك مشروع قانون معدل للعقوبات لتغيير المادة 208 الشهيرة حول الاغتصاب.
ولفتت نظري مداخلة من وزيرة الصناعة والتجارة في أيسلندا، إذ قالت إن أحد أشكال تمكين المرأة في سوق العمل كان تعديل التشريع حول إجازة الأمومة، لتعطى بالمساواة بين الرجل والمرأة، لأن أصحاب الأعمال يتجنبون توظيف المرأة خوفا من إجازات الأمومة. وعموما، في مختلف المجالات تتجه القوانين للنص على الفرص المتساوية للرجال والنساء ومنع التمييز، بل هناك نصوص تفرض نسبة حد أدنى من النساء في مجالس إدارة المؤسسات والشركات.