نساء "مخدوعات" بالاحتفال

ثمة نساء ذكيات عاطفياً، ويدرن العلاقة مع الرجل بحصافةٍ وندّية. لكن ذلك يحدث في الغالب على مستويات فردية، إنَّما حين يتعلق الأمر بالمستوى الجمعي فالنساء متواطئات ضد بعضهن لصالح الرجال !اضافة اعلان
والنساء ميّالات غالباً لمناصرة الرجل، ضد “نوعهنّ” الاجتماعي، حتى وإن زعمنَ غير ذلك !
وفي سياق الحديث عن “يوم المرأة”، الذي يذكّر دائماً بـ”يوم الشجرة” أو “يوم البيئة”، أعتقد أن “النساء” كمجموع لعبن دوراً خطراً ضد “المرأة”، أو على الأقلّ لغير صالحها.
فما دامت “النساء” ممثلات بمنظمات المجتمع المدني النسوية، وبالجمعيات الرقيقة، وبالمؤتمرات والمحاضرات والورش والاجتماعات التي ظلّت تنادي بأصوات مبحوحة بـ “منح” المرأة حقوقها، فإن كل ما ستحصل عليه المرأة سيظل يعتبر “منحة” أو “هبة” يمكن استعادتها، أو التلويح بذلك تحت أي ظرف !
وما دامت المرأة ترضى بأن يُحتفل بها سنوياً، مثل كائن مُهدَّدٍ بالانقراض جرّاء الصيد الجائر، أو أن يُحتفل بتفوّقها كأمر مُستهجن وغير متوقع، فهي ضمناً ترضى وتقرّ بأنها كائن من الدرجة الثانية، لا يُتوقع منه إنجاز مهم .. وإن حدث فهو شأن يستحق “الاحتفال” والتكريم !
المرأة، أو الجمعيات النسوية، التي ظلّت ترضى بهذا الاحتفال الزائف، وبكلمة إطراء سنوية، هي امرأة “مخدوعة”، رضيت عن طيب خاطر بأن تكون نوعاً بشرياً من “الدرجة الثانية”، ووافقت أنها ليست نِدَّاً، وأن مجرد استخدامها لعقلها ولوظائفها الذهنية وتحقيقها تفوقاً ما هو شيء طارئ وغير منتظر منها، وعليه فهي تنال “مكافأة” غير مجزية بالمرّة من “السيّد” الرجل، “النوع الأول” المهيمن.
المرأة التي رضيت بـ”الكوتا” في البرلمان او في أي مؤسسة أخرى، هي امرأة متواطئة ضد المرأة، وهي أكثر من ألحق الضرر بالمرأة، حين وافقت على التعامل معها كـ“نوع” غير قادر على الوصول الى الإنجاز بالتنافس الحرّ، وبقدراتها التي لا تختلف بشيء عن قدرات “النوع الأول المتفوق”، فهي ليست أقل عقلا ولا أقلّ أعضاء (ولا تقل حتى قدرةً جسمانية وتشارك الآن في رياضات قاسية وصعبة لا يقوى عليها كثير من الرجال)، فلماذا توافق على منحها مقعدها كمكرمة من الرجل، ولماذا لا تنتزع تلك الكراسي التي يحتلها أحياناً رجال ضعاف الشخصية، هزيلو الشأن، قليلو التعليم، لمجرد أنهم “ذكور”!
المرأة التي ترضى بأن يتساوى لقب “ربة بيت” مع مُسمَّى “عاطل عن العمل” هي أيضاً امرأة مخدوعة، فهي تمارس “مهنة” شاقَّة وصعبة ولا يقوى أحد من الرجال على التصدي لها، وهي صناعة الأبناء وإدارة اقتصاد المنزل وهما في ظل الظرف الاجتماعي والاقتصادي الراهن، مَهمَّتان من أخطر ما يواجه العائلة، فأن يقال “ربة بيت” فليس أبداً نوعاً من البطالة بل هو مهنة آن الاوان للاعتراف بها رسمياً، وأن يصير من حق المرأة قانونياً أن تتقاضى راتباً عنها، بل إن الإسلام أقر بحق المرأة بتقاضي راتب عن إرضاع أطفالها.
أما المرأة التي تبتهج حين يطلُّ “السيّد” كل سنة مرة ليلوح لها تلويحة رضى، أو يلقي كلمةً يطري فيها على “خنوعها” باقي أيام السنة، فهي امرأة تساهم في تنميط المرأة وحبسها في قفص “النوع”، حتى لو كانت تلبس الدانتيل وتمشي برشاقة وكعبٍ عالٍ بين طاولات “الاحتفال” وصحون “البيتي فور”!
...
وفي كل ما تقدَّم لا أقصد ان المرأة مستعبدة، أو صاحبة “حقوق منقوصة”، ولا أحرض على ثورة ضد الرجل، ولا أؤمن بالحرب التقليدية على أساس “النوع الإجتماعي”، ولا أرى هناك أي معنى في هذا العصر للنزاع على أساس الجندر، إنما بالتنافس الحر بين إنسانين نِدَّين.
وكل ما من يخصُّ “الاحتفال” بالمرأة، أو”نجاحها”، هو انتقاص مباشر ومهين لإنسانيتها.