نشاط مزدوج لحركة الإخوان المسلمين

الاهتمام الرسمي والشعبي والحزبي والإعلامي بما يجري في قواعد حركة الاخوان المسلمين، ونتائج انتخابات مجلس شورى الحركة وافرازاتها لعضوية المجلس لدورته المقبلة، يعكس هذا الاهتمام مدى أهمية الحركة وحجم تأثيرها على مجمل الاوضاع السياسية والامنية في بلادنا.

اضافة اعلان

جماعة "الإخوان" حركة سياسية تجذرت بين صفوف الاردنيين، حتى ولو كبت في الانتخابات البرلمانية يوم 20/11/2007 وقاطعت الانتخابات البلدية يوم 31/7/2007. فالانتخابات النيابية الاخيرة التي اوصلت ستة نواب فقط من الحركة لعضوية مجلس النواب الخامس عشر، ما تزال بهذه النتائج موضع شك حول صحة انكفاء الاردنيين عن الحركة ومعاقبتهم لها بسبب اولا ما قام به نوابها في التعزية لابي مصعب الزرقاوي، الذي خطط ونفذ عملية الفنادق في عمان، والسبب الثاني انحياز الحركة لانقلاب حركة حماس الدموي ضد الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها وتبني الاخوان المسلمين له، ما ترك قلقاً عميقاً في نفوس قطاعات واسعة من الاردنيين حول جدية قبول الحركة وحزبها للمنطق الديمقراطي وشروطه والتزاماته وكذلك مدى قبولها للتعددية اذا واصلت نجاحها وتعمق نفوذها وسط الاردنيين.

قلق الأردنيين من حركة الإخوان المسلمين وانعكاساته السلبية على نتائج الانتخابات البلدية والبرلمانية لم يكن وليد الصدفة، فقد سبقته مواقف سياسية معلنة من قبل الاحزاب اليسارية والاحزاب القومية المتحالفة مع جماعة الاخوان المسلمين في اطار لجنة التنسيق الحزبي، فقد خرج التيار اليساري، الذي جمع الاحزاب الشيوعي وحشد والبعث التقدمي والعربي، والتيار القومي، الذي ضم خمسة أحزاب قومية، وعبرا عن رفضهما لسياسات حركة الاخوان المسلمين وحزبها حول القضيتين، قضية ابو مصعب الزرقاوي وقضية الانحياز لانقلاب حركة حماس، وصاغا مواقف معلنة عبرت عن قلق هذه الاحزاب ومناهضتها لسلوك ومواقف الاخوان المسلمين، رغم الانحياز في الحفاظ على لجنة التنسيق الحزبي والبقاء في عضويتها والحرص عليها باعتبارها عنوان المعارضة الحزبية والسياسية في بلادنا.

حركة الاخوان، التي تحظى بالاهتمام، ما يزال عنوانها وطبيعتها مجهولين، هل هي حركة سياسية ام انها جمعية خيرية اصلاحية؟ فاذا كانت حركة سياسية، وهي كذلك بامتياز، فلماذا يتم استعمال جبهة العمل الاسلامي كغطاء غير مبرر واداة غير مفهومة لحركة سياسية، صاحبة موقف وصاحبة قرار في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة التي تواجه شعبنا وبلدنا ونظامنا السياسي، وعمر ولادتها تجاوز النصف قرن من الزمان، ويكاد عمرها يكون من عمر الدولة، وهي امتداد لحركة سياسية اصولية عابرة للحدود تنتشر في 86 دولة في العالم، وهي الحزب الاكبر وتقود المعارضة في مصر والكويت وسورية، وشريك قوي في قيادة السلطة الوطنية في فلسطين وقيادة الدولة في العراق، فاذا كانت هذه الحركة بهذه المواصفات الموضوعية القوية، وقياداتها صاحبة القرار، فلماذا الاتكاء على حزب جبهة العمل الاسلامي كغطاء؟

واذا كانت (أي حركة الإخوان) جمعية خيرية إصلاحية فلماذا يتم السكوت عنها وهي تعمل في قضايا سياسية لا تعنيها؟ ولماذا يتم التحريض على النقابات المهنية لانها تتدخل بالسياسة؟ ولماذا يتم منع العمل الحزبي بالجامعات؟ ولماذا يتم منع النشاطات الحزبية السياسية والاعلامية في مراكز ومقار الاندية والجمعيات وغيرها من المؤسسات بينما يتم السماح والسكوت على جمعية اصلاحية خيرية تقود النشاط السياسي الحزبي المعارض في بلادنا؟

أعتقد أن هذه ازدواجية مصطنعة يجب وقفها دون المساس بحرية ونشاط واستمرار نفوذ الحركة او نفوذ حزب العمل الاسلامي بعد اختيار احدهما ليكون عنوانا حزبيا لنشاط وعمل الاخوان المسلمين، بواحدة منهما على انها هي الحزب السياسي المعترف به والمرخص له بالعمل، فإما حركة الاخوان المسلمين وإما حزب جبهة العمل الاسلامي، أما بقاء الطرفين معا فهو تضليل للاردنيين وضحك غير مقبول على الذقون، سواء من قبل الحركة نفسها أو من قبل الحكومة التي تسكت عن هذه الازدواجية!

حركة الاخوان المسلمين تملك المصداقية والتراث والعزيمة التي تؤهلها لأن تكون العنوان السياسي للحركة وليست بحاجة لغطاء لتسويق نفسها، فهل يتوقف مجلس الشورى المقبل أمام هذه القضية ويتخذ قراراً واضحاً ينهي هذه الازدواجية؟

[email protected]