"نشمي المدارس".. تجوب المحافظات وتزرع بنفوس الطلبة حب التطوع

جانب من ورشات عمل "نشمي المدارس"- (من المصدر)
جانب من ورشات عمل "نشمي المدارس"- (من المصدر)

ديما محبوبة

عمان- "كان العمل التطوعي بالنسبة إلي، عبارة عن بعض الأعمال البسيطة في محيط المدرسة أو الحي، مثل حملات تنطيف أو دهان الأسوار، لكنها كانت أعمالا عشوائية وغير منظمة"، هكذا وصف الطالب أسعد محمد، الأعمال التطوعية التي كان ينفذها سابقا.اضافة اعلان
محمد (14 عاما)، لم يفكر يوما أن يكون العمل التطوعي الذي ينفذه في المدرسة أو الحي، مؤسسيا أو تابعا لجهة معينة، حتى سمع يوما عن مبادرة "نشمي المدارس"، وهي التي حققت الفائدة الكبرى من الأعمال التطوعية، وجعلتها أكثر تنظيما.
مؤسسة نشمي للعمل التطوعي، نفذت العديد من التجارب الناجحة مع طلبة المدارس في عدد من محافظات المملكة، الأمر الذي جعل فكرة إطلاق حملة جديدة تابعة للمؤسسة بعنوان "نشمي المدارس" أمرا يحقق الفائدة للأطفال بمجتمعاتهم المحلية.
يقول المدير التنفيذي لمؤسسة "نشمي"، علاء البشيتي "التطوع ليس أمرا نقوم به في وقت الفراغ، وإنما هو واجب من الفرد تجاه وطنه، ويتطلب تفرغا يحقق هذا الواجب"، مؤكدا أن هذه هي المنظومة التي يقوم عليها كل نشمي في المؤسسة.
ويشير إلى أنه بعد تجارب سابقة بشكل فردي مع طلاب المدارس، من خلال جلسات التوعية والنقاشات المبدئية عن أعمالهم التطوعية السابقة، فقد أفضت إلى أن هذه الأعمال بسيطة وغير منظمة أو مدروسة وتندرج تحت بند "الفزعة"، وهو الأمر الذي تحاربه "نشمي"، لأن ضرره أكبر من فوائده، مشددا على أن العمل التطوعي الخارج من مؤسسة "نشمي" يسعى للدوام.
ويضيف أن نقاشات عديدة مع الطلاب تمت من خلال تعريفهم بمعنى العمل التطوعي والبدء بمبادرات مدروسة تحمل طابع الاستدامة؛ إذ يرى البشيتي أنه يجب الاهتمام أكثر بالطالب والطالبة ومن أعمار صغيرة، فالعمل التطوعي يدرس ويزرع منذ الصغر.
وتسعى مؤسسة "نشمي"، من خلال رسالتها، إلى أن يكون هناك شراكة شبابية تلتقي بتناغم وتعطي وتعمل لخلق مستقبل كريم للوطن، لتعمل على ترجمة أفكار الشباب ومبادراته وأعماله التطوعية على أرض الواقع.
ويشير البشيتي إلى أن الجامعات وبعض المؤسسات المعنية بالشباب تسعى اليوم إلى إلزامية أخذ ساعات خدمة مجتمع، ما يجعل الأمر عند البعض ما هو إلا عبء، وعليه التخلص منه لاجتياز أمر ما أو مساق جامعيا.
لذا فلا يخرج من تلك الأجيال متطوعون عاملون بجد لأجل الوطن، مؤكدا أن العمل التطوعي يجب أن يصبح أسلوب حياة.
وأكد أن ذلك دفع مؤسسة "نشمي" إلى فتح باب التطوع لصغار السن، والذين أسموهم بـ"أشبال نشمي"، والاستفادة من أفكارهم والمشاكل المجتمعية من وجهة نظرهم.
وعودة على "نشمي" المدارس، يؤكد البشيتي أن مؤسسة "نشمي" أعدت فريقا مدربا ومؤهلا في جميع أنحاء المملكة، ولأكثر من مدرسة في المحافظات، وذلك لتدريب طلاب وطالبات المدارس على العمل التطوعي.
ويوضح أن هذه الحملة تنقسم لمرحلتين؛ الأولى نظرية يشارك المدربون فيها مع المتدربين في جلسات حوارية ونقاشية عن العمل التطوعي وأهميته واستدامته، وسلبية الفزعة التي تودي بحياة بعض العائلات إلى التهلكة وقطع الخير عنهم على سبيل المثال.
وهذه الجلسات هي بمثابة عصف ذهني؛ إذ يتم جمع العديد من الأفكار لمشاكل اجتماعية أو ظواهر سلبية، فيتم اختيار الأفضل من بينها، وذلك بالتشاور والحوار المستمر مع الطلاب والطالبات، ومن ثم اختيار ما هو الأنسب فعلا لعدم وجوده في الأردن فيبقى التشاور ودراسة إمكانية التطبيق ووضع خطط حتى يصلوا إلى فكرتين.
ويؤكد البشيتي أن أفكار هذه المبادرات تخرج من الطلاب ويتم نقاشها من خلال الطلاب والتوصل للنتيجة واسم المبادرة وكيفية العمل والتنفيذ كله من قبل الطلاب ويكون دور مؤسسة "نشمي" فقط التوجيه، والدعم المالي إن أرادوا.
ومن ثم يتم الانتقال بعد ذلك للمرحلة الثانية وهي مرحلة التنفيذ أو المرحلة العملية، فيكون دور متطوعي أفراد "نشمي" في تلك المبادرات موجهين ومراقبين للعمل والتدخل وقت الحاجة، إلى أن تقف تلك المبادرات ويكون لها أثرها الإيجابي.
ويشير إلى أن العمل بهذه الطريقة يجعل الشخص مهما كان عمره فردا مسؤولا عن فكرته وعن إثبات وجهة نظره وتحمل مسؤولية مشروعه تجاه نفسه ومن ساعدوه وتجاه الوطن.
و"نشمي" مؤسسة وطنية، غير ربحية، تتطلع لأن تكون إحدى المظلات الشبابية الفاعلة من خلال تبنيها لمبادرات تطوعية شبابية، وتقبل في عضويتها الشباب الأردني الفاعل من ذوي الأفكار القابلة للترجمة والتعامل والتشبيك مع المؤسسات المناظرة، لتحقيق عوائد تنموية من خلال العمل التطوعي والانخراط بالمبادرات الاجتماعية التي تكرس الإيجابيات في مجتمعنا.
وتسعى المبادرة إلى إيجاد مجتمع أردني تسوده القيم الأصيلة، فمن حكمة الأردني وغنى إرثه، ومن عزم الشباب وهمته، نشكل مجتمعاً قادراً على البذل والعطاء وتسخير إمكانيات الوطن الشابة في خدمة حاضره ومستقبله.
ويسعى البشيتي مع أفراد من مؤسسة "نشمي" للعمل  على جلسات توعية مع الأطفال والطلاب والطالبات وذويهم؛ إذ يجد أحيانا الإحباط من بعض الأهالي الذين يرفضون انضمام أبنائهم لأي عمل تطوعي، ومن الأمور التي صدمته، قول بعض الأهالي "أنا بنتي ما بتشتغل ببيتي بدك اياها تشتغل برا".
وهذا يدل على أن بعض الأهالي بحاجة للتوعية بمعنى العمل التطوعي وأهميته وفوائده لذاته ولأفراد مجتمعه وللوطن.
وتعد مؤسسة "نشمي" من المؤسسات الجديدة في مجال العمل التطوعي في الأردن، ووضعت أهدافا عدة تسعى لتحقيقها من أبرزها أن تكون همزة وصل بين المسؤول والمجتمع، وتعزيز قيم الانسجام بين أبناء المجتمع الأردني، وتفعيل العقل الشبابي في المجتمع وما يملكه من رؤى وما يحمله من هموم، وكذلك البناء على المبادرات الوطنية الكبرى، والانطلاق نحو الشباب في مختلف الميادين، ومحاربة الآفات الاجتماعية، والعديد من الأهداف التي وضعها المؤسسون نصب أعينهم لتكون هي المحرك الرئيسي لمؤسسة "نشمي" للعمل التطوعي.