
إسرائيل هيوم
بقلم: عوديد غرانوت
16/3/2023
يوجد خيط يربط بين التسلل من لبنان برعاية حزب الله والعبوة شديدة الانفجار من إنتاج المنظمة في مجدو وبين الحمرة التي عادت دفعة واحدة إلى خدي نصرالله. في خطابين في الاسبوع الماضي عاد ووعد بأن خراب البيت الثالث قريب ودولة اسرائيل “شبكة خيوط العنكبوت” على حد تعبيره، لن تبقى حتى سنتها الثمانين. وهو يقدر بان اسرائيل ضعيفة الان ومتفككة اكثر من اي وقت مضى.
وظاهرا يوجد ايضا وجه شبه بين حسابات نصرالله في صيف 2006، بان اختطاف جنود اسرائيليين لن يجر رد فعل شديد جدا كون الحديث يدور، كما قدر في حينه، عن رئيس اركان جديد (حلوتس) ووزير دفاع جديد (بيرتس) ورئيس وزراء جديد (اولمرت)، وبين حساباته الان: يوجد رئيس اركان جديد في اسرائيل ويوجد وزير دفاع جديد في اسرائيل ورئيس وزراء وإن لم يكن جديدا، لكنه غارق حتى الرقبة في أزمة سياسية غير مسبوقة. وهؤلاء، كما يحتمل أن يعتقد، لن يتجرأوا على الرد على استفزاز جديد على الحدود الشمالية وبالتالي فانه مسموح له ان يأخذ بالمخاطر.
الصورة الاقليمية هي الاخرى تغيرت في صالحه بشكل دراماتيكي. كما يوجد قاسم مشترك للمصالحة السعودية الايرانية برعاية صينية، والمناورات البحرية المشتركة التي تجريها في هذه الساعة تماما لاول مرة ايران، روسيا والصين في مدخل الخليج الفارسي، وبين زيارة الاسد أمس الى روسيا والمحادثات التي بدأت هناك اليوم برعاية بوتين بين مندوبي ايران، سورية وتركيا على اقامة نظام جديد في سورية. الهدف: دحر اقدام الولايات المتحدة عن المنطقة، انطلاقا من التقدير بانها هي ايضا ضعيفة اكثر من اي وقت مضى ومنشغلة بشؤون اخرى.
كل الخيوط ترتبط: ما يعتبر كضعف اسرائيلي من جهة وضعف إدارة بايدن من جهة اخرى، بما في ذلك العلاقات المشوشة بينه وبين رئيس الوزراء نتنياهو، تخلق فرصة ذهبية لاعداء اسرائيل ولخصوم واشنطن في الشرق الاوسط للنهوض ولاستغلال الوضع في صالحهم. حزب الله مرة اخرى يقدر بان اسرائيل لن ترد على الاستفزاز في الشمال مثلما ردت في 2006. وايران لم تعد تخشى أن تحاول الولايات المتحدة ان توقف بالقوة البرنامج النووي وتقنع نفسها بان اسرائيل المنقسمة لن تتجرأ على العمل وحدها، كما لن تتلقى الإسناد الأميركي للهجوم.
نصرالله يعود للتبجح من الخندق. يتهم الولايات المتحدة بالتدخل بالشؤون الداخلية لبيروت ويهدد بأن استمرار الفوضى في لبنان سيؤثر ايضا على اسرائيل. وسائل الاعلام في طهران تفرح في ضوء الازمة العميقة عندنا وتفسر موافقة السعودية (وفي اعقابها ستسير دول عربية اخرى) على استئناف العلاقات مع ايران كتعبير على احساسها بأن اسرائيل والولايات المتحدة تكشفتا بالمتهالكة.
في ارجاء العالم العربي بدأوا يتعاطون مع اسرائيل قليلا مثل وكالات التصنيف الائتماني الدولية: ما تزال قوية لكنها بدأت تقضم نفسها من الداخل. اذا كان استفزاز حزب الله في الشمال ضروريا ومحظورا التجلد عليه، لاجل العودة الى سواء العقل ووقف الاندفاع الى التشريع وتبني حل وسط مقبول لاجل العودة للتركيز على التهديدات الامنية المحدقة بإسرائيل من الخارج ومن الداخل عشية رمضان، غير أن هذا جاء كنداء صحوة ومن الحظ أنه انتهى مثلما انتهى.