نعم يا رئيس الوزراء!

بيتر ميليت *
كان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في الأردن الأسبوع الماضي. وربما يتساءل البعض عن كيف يتم الترتيب لزيارة مسؤول سياسي مهم؟ وما هو الشعور عندما يكون هذا المسؤول الكبير ضيفا في منزلك؟اضافة اعلان
فمثل هذه الزيارات عالية المستوى تعني الكثير لأي سفير، وهي تعتبر تتويجا للعمل الذي نقوم به. والسفارات تحاول التعرف على البلد الذي تتواجد فيه، ومقابلة العديد من الناس ومناقشة القضايا المهمة. ولكن زيارة رئيس حكومتك هي فرصة كبيرة للقيام بشيء مميز، وتسليط الضوء على بلدك والإعلان عن شيء جديد.
أول شيء ينتج عن زيارة لرئيس وزراء هو المزيد من العمل. وهذا ليس بالأمر الغريب. فمكتب رئيس الوزراء (المعروف في لندن باسم "نمبر تن" No 10) يريد معرفة القضايا الرئيسة والأهداف التي نريد تحقيقها من هذه الزيارة. أولويات هذه الزيارة القصيرة كانت واضحة: سورية ومحنة اللاجئين منها إلى الأردن، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن، وقضية فلسطين.
أهم شيء في هذه الزيارة هو الترتيبات اللوجستية. فقد اعتمدنا خلالها على التشريفات الملكية ودائرة المراسم في وزارة الخارجية. لقد قاموا بعمل رائع من حيث تجهيز المطار، وحجز الطائرات المروحية والسيارات، وترتيب تفاصيل الاجتماعات. ويمكن أن تكون مهمة التشريفات والمراسم صعبة جدا؛ الاهتمام بأدق التفاصيل هو أساس اللعبة، ولكن عليك أن تأمل أن لا يسبب الطقس وحركة المرور وأمور أخرى بعض المشاكل غير المتوقعة.
بعد ذلك تأتي وسائل الإعلام. فرئيس الوزراء يسافر مع فريق مرافق له من الصحفيين الذين يقومون بتغذية وسائل الإعلام الأخرى بالمعلومات. ورافق رئيس الوزراء أيضا الصحفي الشهير فرانك غاردنر، مراسل "بي. بي. سي"، ومجموعة من الصحفيين من الصحف البريطانية الرئيسة. وهؤلاء أيضا لديهم متطلباتهم، ويريدون كتابة الخبر والحصول على الصورة المناسبة. وكل ذلك يجب أن يكون في أسرع وقت ممكن.
السفارة لديها اهتمام بنقل الرسالة المراد إيصالها من خلال وسائل الإعلام. وفي هذه المناسبة، كان التركيز أثناء زيارة الحدود السورية على ضرورة رحيل بشار الأسد، ووقف إراقة الدماء في سورية. كما أردنا خلال زيارتنا لمخيم الزعتري تسليط الضوء على كرم وحسن ضيافة الأردن، ورعايته للاجئين. وقمنا بالإعلان عن المزيد من المساعدات البريطانية للجهد الإنساني في سورية والمنطقة، والتي بلغت قيمتها 15.7 مليون دينار أردني. وبذلك، يصبح إجمالي مساهمة المملكة المتحدة حتى الآن 60 مليون دينار أردني.
كما أعلنا أيضا عن "إنجازات" انبثقت عن الاجتماع مع جلالة الملك عبدالله الثاني، وخصوصا إطلاق مشروع يدعمه صندوق الشراكة العربية-البريطاني، وهو إنشاء صندوق للاستثمار في المشاريع الصغيرة في الأردن. و"مركز المشاريع" الذي أنشئ  بتمويل مشترك من مؤسسة شل وشركة جروفن للتمويل، سيوفر أكثر من 33 مليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، ما سيولد الكثير من فرص العمل الجديدة. كما أعلنا أيضا أن رئيس الوزراء قام بتعيين مبعوث تجاري للأردن، هي البارونة موريس أوف بولتون.
بالنسبة لانطباعاتي الشخصية عن هذه الزيارة، فقد كان لي شرف قضاء بعض الوقت مع ديفيد كاميرون والاسترخاء معا أثناء المساء وخلال وجبة الإفطار وفي السيارة. كان حقا يريد معرفة المزيد عن الأردن الذي لم يقم بزيارته من قبل. لقد سأل الكثير من الأسئلة التي آمل أن أكون قد نجحت في الإجابة عنها (ولكن علي أن أعترف أن هناك سؤالين لم أتمكن من الإجابة عنهما على الفور). وكان هناك أيضا الاهتمام بنتائج الانتخابات الأميركية التي كانت تظهر بالتزامن مع زيارتنا للحدود السورية.
بعد إقلاع الطائرة، احتفلت مع موظفي السفارة الذين شاركوا في إنجاح هذه الزيارة. ولكن كيف يمكن قياس النجاح؟ من خلال حقيقة أن الرئيس غادر وهو راض عن النتائج؟ أم من خلال حقيقة أن الرسائل الرئيسة لهذه الزيارة قد تم نقلها بشكل واضح؟ أو ربما سيسألنا هو ما إذا كنا مرتاحين وسعداء وراضين؟ الجواب واضح: نعم يا رئيس الوزراء!

* السفير البريطاني في الأردن