نعم يستطيعان

يديعوت - بقلم: باروخ ليشم

"في 1962 وقف ريتشارد نيكسون في مؤتمر صحافي أعلن فيه عن اعتزاله السياسة بعد أن فشل في الانتخابات لرئاسة الولايات المتحدة في العام 1960 وفي الانتخابات لحاكم كاليفورنيا بعد سنتين من ذلك. نيكسون خلع حذاءه ولوح به قائلا: انتم لا تعرفون ماذا تخسرون، فلن تتمكنوا بعد اليوم من ركل نيكسون".

اضافة اعلان

 وعلى الرغم من ذلك انتخب في العام  1968 رئيسا للولايات المتحدة وقاد البلاد لانهاء  الحرب الطويلة في فيتنام باتفاق سلام، ولولا قضية ووتر غيت لكان واحدا من اهم الرؤساء مجال السياسة الخارجية الأميركية .

ما ينطبق على نيكسون هل ينطبق على احد هنا، بنيامين نتنياهو وايهود باراك من السياسيين الأكثر ركلا في إسرائيل، فكثيرة هي انفعالاتهما في اللقاءات السياسية التي كانت تخلق ازمة بنيوية بين الحكومة والجمهور، فكانت   مغادرتهم الساحة  السياسية بعد فشلهما كل على حده في 1999 و 2001. والان الخاسران في السياسة الإسرائيلية في الماضي يحاولان معا ان يعيدا " الشيخ الى صباه".

 كم من السهل علينا ان نأبن  فرصهما. فمن مثل هذين السياسيين الرقميين، الرجل الآلي المخادع نتنياهو والرجل الالي المشارك باراك، خبيران في ملء الدلو بالوعود للناخب وبعد ذلك ركله وسكب ما فيه. هكذا سيحصل ايضا مع السلام الاقتصادي الذي يعد به نتنياهو ومع السلام السياسي الذي يعد به باراك. أناس بسنهما لا يمكنهم أن يتغيروا.

 من جهة اخرى ثمة مشكلة هي مشكلة الطبع، فطبع غياب الالتزام نحو الاشخاص والافكار يمكنها أن تصبح ميزة. فهما لم يتغيرا على الرغم من تغير الواقع. في الولايات المتحدة يقف اليوم رئيس يتصرف وكأنه يلعق اقراص الدواء كل صباح. فعلى مدى شهرين تمكن اوباما من اتخاذ قرارات كان يأخذها رؤساء آخرون على مدى سنتين.

 الإسرائيليون، بمن فيهم اولئك الملتزمون بالمسيرة السياسية الصقوا المفاوضات السلمية بسفرياتهم الى الولايات المتحدة وبمهمات البونس، فسفرة  مرة أو مرتين في السنة لا يضير . والمداعبة التمهيدية اهم من الفعلة نفسها. هكذا  تصرفت حكومة السلام لاولمرت ولفني على مدى ثلاث سنوات، وفي لحظة ما كاد هذا السلوك ان يحرج  المستشار القانوني للحكومة في قراره بشأن لائحة الاتهام ضد موشيه قصاب.

 وها هو اوباما حتى لا ينتظر ايتان كابل يبشر بانتصار باراك في مؤتمر حزب العمل كي يبشر بحل الدولتين. فالرئيس الديمقراطي السابق بيل  كلينتون  تراكض منفعلا  بين جناحي باراك وعرفات في كامب ديفيد، في محاولة للتقريب بين الطرفين، ولم يكن من يتراكض خاطبة ترغب بالتوفيق بين خطيبين بل رئيس عراب كاد ان يكتب شروط العقد بذاته. فاذا ارادوا سلاما اقتصاديا، فليعطو سلاما سياسيا.واذا لم يعط ، فلن يأخذوا.

      سياسيون ايديولوجيون من نوع مناحيم بيغن واسحق شامير كانوا سيردون ردا باتا الطلب الأميركي دون صلة بالضرر السياسي والاقتصادي الذي سيلحق بإسرائيل. كانوا سيقولون ان الالتزام بالطريق وبالحزب، ، اهم من المواجهة مع الأميركيين ومع العالم بأسره.

      اما سياسيون من النوع المحب للبقاء وحكام كنتنياهو وباراك فكفيلون بان يتصرفوا بشكل مغاير. فبعد فشلهما كرئيسي للوزراء، في الولاية الاولى سيكونان ملزمين بان يعرضا على الجمهور انجازات في واحد من المجالات التالية: الامن، الاقتصاد اوالمسيرة السياسية. والمجالات الثلاثة مرتبطة بحبلها السري بالولايات المتحدة.

 اوباما الذي انتخب باغلبية هائلة من الجمهور الأميركي، ليس متعلقا باللوبي اليهودي لاعادة انتخابه. قدرته على أن ينتخب متعلقة أكثر بتحقيق وعوده للجمهور الأميركي، والتي تتضمن الخروج من الازمة الاقتصادية وتخفيض اللهيب في بؤر التوتر في العالم، حيث يقف الشرق الاوسط في مركزها.

 نتنياهو وباراك سيقفان امام امكانية عرض خطة سياسية تفكك الحكومة او انعدام العمل الذي يؤدي الى انصرافهما من المنصة السياسية كفشل مدوٍ. هكذا كفيلة بان يأتي في الانتخابات التالية كديما الجديد، برئاسة نتنياهو وباراك، مع خطة دولتين للشعبين.