نقابة المهندسين ونسبة مشاركة 12%

 

يبلغ عدد منتسبي نقابة المهندسين ما يربو على ثمانين الف مهندس يقيم حوالي 50% منهم خارج الاردن، وقد شاركت في انتخابات مجلس ادارتها يوم الجمعة الماضي، وكم شعرت بالحزن والامتعاض عندما رأيت العدد المتواضع من المتواجدين يقدر بالعشرات جلهم ممن يتوشحون بالباجات لهذه الكتلة او تلك وتذكرت سنوات الثمانينات والتسعينات عندما كان اعداد المشاركين بالالوف بحيث كان من الصعوبة ان تصل الى صندوق الاقتراع من الازدحام الشديد وقد كانت تشارك الاتجاهات الهندسية السياسية والاجتماعية كافة بكثافة.

اضافة اعلان

أما الآن فهناك كتلة واحدة تسيطر على ادارة النقابة، منذ فترة طويلة، ذات لون محدد، ثم تحالفت من موقع القوة مع مجموعة سياسية صغيرة وعدد من المستقلين المتفيئين بمظلة الكتلة الرئيسية، واصبحت تسمي نفسها "الكتلة الموحدة".

أما الكتلة الرئيسية الاخرى الغارقة في خلافاتها والمكونة من مجموعة من الاحزاب، فهي تجتمع تلملم اشلاءها، قبل كل دورة انتخابية، وتبدأ مفاوضات ماراثونية لا تؤدي الى نتيجة تذكر. ويبقى المهيمن الاكبر في الانتخابات القائمة التي تسمي نفسها الموحدة، والتي تتبع لاحد الاحزاب الاردنية الرئيسية، وهي المسيطرة، وتحكم النقابة بنسبة اصوات لا تتجاوز 4% من مجموع المهندسين. اذا علمنا بأن المشاركين بالانتخابات الاخيرة لا يزيدون على 5000 مهندس من اصل 80000 مهندس والفائزون منهم حازوا على اقل من 4000 مهندس اي بنسبة 5% من عدد المهندسين.

ادارة النقابة من لون واحد، وتمارس داخل النقابة سياسة نقابية من لون واحد. فجميع الموظفين من هذا اللون، وقد اقصت جميع الموظفين من غير المنضوين تحت هذا اللون، إما بالفصل او المطالبة بالاستقالة وقد شهدت أروقة المحاكم اكثر من قضية بهذا الخصوص.

ادارة النقابة تحكم النقابة بعقلية الحزب الواحد، كما هي الحال بكثير من الانظمة الشمولية! ويجدر بها ان تغير منهجها وان تقبل بمشاركة حقيقية من كافة الاتجاهات، لا ان تملي عليها نوع وحجم المشاركة، وان تقبل بتمثيل نسبي حقيقي، وقد احسن الفعل مهندسو الكرك بعدم المشاركة لحين القبول بمبدأ التمثيل النسبي.

لا ادري ما هو حجم السعادة التي شعرت بها الكتلة الموحدة حين فازت في هذه النسبة المتواضعة جدا من المهندسين، ولكنني اعتقد بأنها كانت عظيمة ولا توصف، وبالوقت نفسه اشفق على احوال المهندسين النقابيين الذين لا ينتمون الى هذه الكتلة والراغبين في ممارسة العمل النقابي.

ومما يغضب بحق تلك الممارسات الخاطئة لمجلس النقابة التي لا تؤدي الا الى تأزيم العلاقة مع الدولة والمهندسين. فعلى سبيل المثال، الطلب من المكاتب الهندسية عدم الاشراف على مشاريع سكن كريم لعيش كريم بحجة عدم تدقيق المخططات الهندسية، مع أن مؤسسة الاسكان والتطوير الحضري تزخر بالكفاءات الهندسية القادرة على إدارة هذه المشاريع بكفاءة هندسية متميزة.

مؤخراً، سمعت تصريحا من نقيب المهندسين بأنه سيتم ممارسة التمثيل النسبي في انتخابات النقابة مستقبلا، متمنيا ان يحدث هذا حقيقة، وليس لذر الرماد في العيون، بخاصة اننا سمعنا سابقا مثل هذه التصريحات ولكن لم تحدث.

آن الاوان للتغيير ووضع الأمور في نصابها الحقيقي وإنصاف الجسم الهندسي الاردني، ويجدر بجموع المهندسين واطيافهم كافة بالوحدة وانقاذ النقابة من سياسة التفرد والاقصاء والهيمنة السائدة حاليا.

قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون"، وقال تعالى "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".

فهل من مجيب؟!

* مهندس أردني