نقص المعلومة مرتع خصب للأقاويل والانتقادات

ضمان حق الحصول على المعلومات لأي مواطن، وخصوصاً الصحفيين والإعلاميين والقانونيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، ضرورة لأي مجتمع ديمقراطي، وحق إنساني كحق التعبير وإبداء الرأي.اضافة اعلان
ولو كانت الحكومات تؤمن بذلك وتعرفه المعرفة الحق، لكانت وفرت عليها الكثير من الوقت والجهد، فضلاً عن نظرة الشك داخلياً من قبل مواطنيها خصوصاً، كما خارجياً أمام المجتمع الدولي الذي يولي ذلك اعتبارات كثيرة.
ولو كانت الحكومات أيضاً تعطي قانون حق الحصول على المعلومات، الذي تم إقراره العام 2007، الاهتمام الكافي، والتعامل مع طالبي المعلومة بجدية أكبر، لوفرت عليها الكثير من الانتقادات والاتهامات والتشكيك.
وما المعلومات التي يتم تداولها من قبل مواطنين وصحفيين من خلال وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، إلا دليل على صحة ذلك، وخصوصاً عند حدوث أزمة ما أو مشكلة معينة أو أنباء عن قضية من القضايا التي تلامس هموم الوطن والمواطن.
فعلى سبيل المثال، وعند نهاية كل شهر، تكون وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مرتعاً خصباً للأقاويل والتصريحات والتحليلات والانتقادات حول صحة الأرقام الحكومية بشأن معادلة تسعيرة المشتقات النفطية. وقبل أيام أيضاً، تناول عدد ليس بقليل من المواطنين معلومات حول ما تكسبه الحكومة جراء معادلة تسعيرة المحروقات، ودار حولها الكثير من لغة التخوين والتشكيك بشأن آلية التسعير ودقة الأرقام التي يتم الإدلاء بها من قبل مسؤولين حكوميين.
وسبب ذلك، بلا أدنى شك، هو غياب المعلومة أو حجبها أو حتى إعطاؤها بشكل منقوص غير مكتمل. فلو كان قانون حق الحصول على المعلومات معمولا به بشكل سليم وحسب الأصول، لما كان هناك داع لنشر رد بشكل أو بآخر على المواطنين، يفيد بأن ما يتم تداوله من معلومات بخصوص ذلك لا أساس له من الصحة.
يبدو أن الحكومة، ومع قرب انتهاء الخمس الأول من القرن الواحد والعشرين، ما تزال لا تثق بالمواطنين وبحقهم في الحصول على معلومة صحيحة سليمة كاملة وافية ومن مصدرها الأصلي، وما تزال تتعامل بعقلية عشرينيات القرن الماضي، بكل ما فيها من استخفاف بالمواطن وبقدراته وبذكائه، وما تزال تضيق عليه بشتى الوسائل.
الأصل بعد عشرة أعوام من إقرار القانون، أن نكون قد قفزنا إلى الأمام وانتهينا من عملية ترسيخ حق المواطن في المعرفة والشفافية، لا أن تقوم الحكومات بوضع قيود شتى على هذا الحق. ومع الإقرار في الوقت نفسه بأن هناك معلومات تندرج تحت بند "السرية"، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن تطبيق ذلك القانون ما يزال محدوداً، كما أن هناك الكثير من الوزارات والمؤسسات لم تصنف المعلومات لديها حتى الآن.
ورغم أن الأردن أول بلد عربي يصدر قانوناً لضمان الحق في الوصول للمعلومات، إلا أنه وللأسف يأتي متأخراً بقائمة الدول العالمية، ويحتل المرتبة 86 من أصل 89 دولة لديها مثل هذا القانون.
إذا ما أردنا التقدم والتطور والنهوض بالمجتمع، وكسب ثقة المواطن والمجتمع الدولي، فإن على الحكومات أن تكون أكثر وضوحاً وواقعية بخصوص حق المواطن في الحصول على المعلومة، وتنفيذ القانون الخاص بذلك على أكمل وجه بلا استثناءات هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع.
فلا معنى ولا داعي للمماطلة عند طلب الحصول على معلومة ما، ما دام القانون سمح بها. ولا داعي أيضاً لأن تكون الإجابات منقوصة أو عشوائية، ما دام الغرض منها خدمة الوطن والمواطن. ناهيك عن أن الحكومة أصلاً صادقت على الاتفاقات الدولية الأساسية الخاصة بحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فالحصول على المعلومة حق أساسي للإنسان، ويسهم في دعم حرية الرأي والتعبير، وتنمية الديمقراطية والشفافية، فضلاً عن أنه يساعد المواطن في اتخاذ قرار صائب.