أفكار ومواقف

نموذج التكامل الصناعي الأردني الإماراتي المصري

خالد دلال

تلتئم اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية الأردنية الإماراتية المصرية في اجتماعها الأول في القاهرة الأسبوع الحالي، وذلك متابعة لما تم الإعلان عنه مؤخرا في أبوظبي من اتفاق شراكة صناعية تكاملية واعد بالإمكانات والفرص بين الدول الثلاث.

الاهتمام والمتابعة الحثيثة للأمر يقدمان نموذجا متقدما للعمل والتعاون العربي الحقيقي، وهو ما ينعش آمال شعوب هذه الدول بأن الأفضل قادم اقتصاديا. وهو، وكما قلنا سابقا، ما قد يشكل نواة لتجمع أكبر، وبالتالي ترجمة حقيقية للتكامل الاقتصادي العربي الذي طالما حلمنا به عبر عقود من الزمن.

تخصيص 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة ما كان لولا الإرادة القوية للدول الثلاث على المضي قدما لتعزيز العمل العربي المشترك، وصولا إلى تنمية مستدامة في خمسة مجالات صناعية تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات.

للأمر إيجابيات عديدة، أهمها أنه يأتي والتغيرات تعصف بالنظام العالمي سياسيا واقتصاديا بعد أن اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية وأثرت كارثيا على إمدادات النفط وعدد من الأغذية الأساسية في العالم، حيث توفر روسيا وأوكرانيا نحو ثلث الصادرات عالميا من القمح والشعير. أضف إلى ذلك ما أصاب سلاسل التوريد العالمي من اضطرابات ما تزال قائمة بسبب تداعيات الحرب.

وتأتي الشراكة أيضا للبناء على الميزات التنافسية للدول الثلاث، ومنها مثلا توفر موارد الطاقة والتمويل في الإمارات العربية المتحدة، والأراضي الخصبة والمعادن في كل من الأردن ومصر، وغير ذلك من أيد عاملة وكفاءات مشهود لها في الدول الثلاث.

وبحسب مطلعين، فقد تم مؤخرا مناقشة خريطة العمل والخطة الزمنية لتنفيذ الشراكة بخطوات عملية محددة، بما في ذلك مهام اللجان المنبثقة عن الشراكة بين وزراء الصناعة. ولعله من المجدي، ومن باب البناء على ذلك، قيام الوزراء وبعد لقائهم المقرر في القاهرة بعقد مؤتمر صحفي ثلاثي للإعلان عن مخرجات اللقاء والخطوات المقبلة. فوجود زخم إعلامي قوي للشراكة سيسهم في تشجيع أعضاء جدد من الدول العربية على الانضمام، ولعل في ذلك أمل، ولو تدريجيا، في تشكل تحالف اقتصادي عربي على غرار التحالفات العالمية، ولنا في الاتحاد الأوروبي وآليات عمله مثال.

ولنجاح الشراكة، فلا بد من الانخراط القوي للقطاع الخاص في الأمر، ومن خلال اتفاقات واضحة المعالم والغايات. وهذا سيعزز بقوة تفاعلية القطاع الخاص نحو إيجاد فرص عمل جديدة للكفاءات والخريجين الجدد في هذه الدول.

قائمة الفوائد والمزايا للشراكة الصناعية الاستراتيجية الثلاثية تطول، ولعله من المفيد أيضا تخصيص جزء من الجهد والوقت لدعم البحث العلمي الصناعي في الدول الثلاث، ما قد يؤسس لاختراعات قد ترى نور العالمية، وهذا الأمر ممكن إذا ما توفر للعقول النيرة الفرصة والدعم.

أهم ما في الأمر بكليته أن على جميع الشركاء إدراك أنه لا سبيل إلا بالتزام الجميع بحتمية الإنجاز تلو الإنجاز، وهو وحده ما سيشكل مقياس النجاح في عيون قيادات الدول وآذان شعوبها.

ولعل الأهم من النجاح هو القيمة التي سيتركها على مستقبل شعوب هذه الدول. ولنا في قول عالم الفيزياء الشهير، ألبرت أينشتاين “لا تكافح من أجل النجاح، بل كافح من أجل القيمة” عبرة وبوصلة لتقييم نجاحنا في هذه الشراكة وغيرها من أمور الحياة.

المقال السابق للكاتب 

البشرية ودروس في اختراق علمي جديد

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock