نموذج "نافذة جوهري": طريقة للتواصل مع الآخرين وكسر حاجز الخوف لفهم من حولنا

إسراء الردايدة

عمان- التواصل مع الآخرين إدارة للعقل والسلوك والمشاعر، وبالتأكيد الوقت، ولخلق فهم أفضل بين الفرد والجماعة، يجب معرفة نموذج الاتصال الأنسب للتفاهم مع من حولنا، وتحسين الاتصال داخل الفريق الواحد والمجموعة الواحدة، وحتى مع النفس، بالاستناد إلى الكشف الذاتي والتغذية المرتدة.
هذه أمور وظفها خبراء الاتصال بموقع mind tools بنموذج "نافذة جوهري"، وهو نموذج يحسن العلاقة بين الفرد والمجموعة والمجموعات أيضا، ووضعه كل من جوزيف لوفت وهاري لينهام، وفيه فكرتان أساسيتان يحكمان عمله وهما؛ أن الأفراد يمكنهم بناء الثقة مع الآخرين من خلال الإفصاح عن معلومات تخصهم، والثانية أنه يمكن للأفراد التعرف على أنفسهم والتوصل لفهم واستيعاب القضايا الشخصية عبر ردود فعل الآخرين.
وعبر شرح هذه الفكرة لأي مجموعة صغيرة كانت أم كبيرة من خلال نموذج جوهري، يمكن لكل منهم أن يفهم قيمة الكشف الذاتي، ويشجع من حوله على تقبل التغذية الراجعة ممن حوله، لتسير العملية بتفاعل وحس مرهف، تساعد على بناء علاقات أكثر ثقة بين الطرفين، وتحل القضايا في الحياة المهنية والشخصية بطريقة أكثر تفاعلية، وبروح الفريق الواحد أينما حل الفرد.
نموذج "نافذة جوهري"، هو أشبه بمربع، ويتكون من شبكة رباعية، ويستخدم كل شخص كرباعي أو أربعة أطراف، ويعامله كأنه مربع، بحيث كل خط منه يمثل جزءا من النافذة، ويحتوي على معلومات شخصية ودوافع، وبعض منها معروف للشخص نفسه والآخرين، والبعض الآخر مجهول بالنسبة للطرفين.
أما الأجزاء الأربعة التي نريد توضيحها، وتشكل عملية فهم الآخرين بطريقة أوسع هي كما يلي: بالاستناد لكل المربع، لتسهيل عملية التصور، فكر بالأمر وكأنك ممسك بورقة وطويتها من المنتصف، ومن ثم طويتها مرة أخرى، بهذا بات لديك أربعة مربعات في نافذة واحدة، وكل مربع منها يمثل منطقة أنت تراها وأخرى يراها من حولك معروفة ومجهولة.
 المربع الأول: منطقة مفتوحة؛ وهو ما يعرفه الشخص عن نفسه ويعرفه الآخرون به.
 المربع الثاني: المنطقة العمياء؛ وهو ما يجهله الفرد عن ذاته، ولكن يعرفه الآخرون عنه، وهي يمكن أن تكون معلومة بسيطة، أو متعلقة بأمور عميقة مثل؛ المشاعر أو عدم الكفاءة والكفاية، وحتى عدم الجدارة والرفض، وهي منطقة من الصعب أن يراها الأفراد بطريقة مباشرة عن أنفسهم، ولكنها سهلة لمن حولهم بأن يروها.
 المربع الثالث: مناطق مخفية أو يتم تجنبها، وهو ما يعرفه الشخص عن نفسه، ولا يعرفه الآخرون عنه.
 المربع الرابع: مناطق مجهولة؛ وهو ما لا يعرفه الفرد عن نفسه، ولا يعرفه الآخرون أيضا، وهذه العملية بجملتها تسمى عملية التوسع الرباعي ومفتوحة عاموديا للكشف الذاتي وللأخذ والعطاء بين الفرد والشخص ومن حوله، والتفاعل فيما بينهم.
وفيما تتم عملية مشاركة المعلومات بين الطرفين، تنتقل الحدود الرباعية مع المناطق المخفية والمجهولة، وتظهر للفرد نفسه ما يجهله عن نفسه، وتجعله يعرف ما لا يراه، ما يولد الثقة بين الطرفين.
قد يبدو النموذج معقدا، لكنه يعتمد على فهم الفرد لذاته واستعداده لرؤية الحقيقة وتقبلها كما يراه من حوله.
فلا تكن مستعجلا لكشف نفسك، واجعل من الثقة التي تريد أن تبنيها مع من حولك محددة، بحيث لا تفصح عن معلومات تسبب تعرضك لموقف محرج، أو تعطي نتائج عكسية وتضعك في موقف ضعيف. وباستخدام هذا النموذج بأشكاله المختلفة، يتعلم الفرد أمورا كثيرة حول نفسه ومن معه، ويتمكن من رؤية ما كان يتجاهله، أي أن العملية تقوي الثقة بالنفس، وتوسع المدارك الفكرية والتحليلية، ليصبح كل ما حولنا واضحا بمجرد إسقاط النموذج عليه، فالأمر وكل ما فيه عملية تبادلية وقراءة السطور غير المكتوبة.
عند التعامل مع التغذية الراجعة، ما يراه الآخر، ولا تراه أنت، كن حذرا أيضا، فليس الكل ذا عقلية متفتحة ويتقبل ما تقوله وتفعله، ولن يصدق البعض تبريراتك لتصرفات لم تكن تدرك بعدها وتأثيرها، فالبعض لا يرى منتصف الحلول، بل حاد جدا، لذا لا تشخص الأمور وتأخذها بحساسية، حتى لا تنتشر حولك وتفشل عملية التفاهم والتواصل.
فمثلا من يبدي اهتماما بمعرفة المزيد عنك، اظهر له اهتمامك بالمقابل، واكشف معلوماتك، ولكن بحد، وإن أظهر أحدهم العدائية، اظهر الحذر، واكشف ما تريده فقط، ولا تكن المبادر دوما بل شاهد وانتظر.
ومع ارتفاع مستوى الثقة والمعرفة، يزداد تدريجيا الثقة بالنفس واحترامها، فتصبح أكثر قدرة على الانخراط بمن حولك، والتعرف عليهم بدون خوف، ويفعل مهاراتك في الاستماع والمشاركة والتواصل أيضا.
ويفيد نموذج "نافذة جوهري" أيضا للفريق في العمل، بحيث يتعرف الجميع على بعضهم، ويدركون خبايا أنفسهم وزملائهم، ما يفعّل التواصل والإنتاجية، وبتوسيع المساحة المفتوحة، يمكن التماس النشاط التفاعلي، وتقييم ردود الفعل، وتجنب الكشف أيضا عن معلومات تضعف الفريق أمام خصمه، وبالتالي الثقة أكبر والنجاح بنسبته أعلى.
خلاصة الموضوع أن الأمر يبدأ بخطوة واستعداد للتواصل والفهم، بالتخلص من الخوف أو على الأقل أن الطرف الثاني لا يهتم ولا يريد، فغالبا ما يكون الطرفان يريدان ولا يعرفان من أين البداية، التي يسهلها نموذج "نافذة جوهري" في التواصل وكسر الحواجز في المناطق العمياء.

اضافة اعلان

[email protected]