نهزأ بالوزيرات والنائبات أكثر

موجات النقد والتذمر والسخرية لا تترك أحداً في الأردن؛ ذكورا وإناثا، لكننا نلاحظ دوما ان حصة السيدات اللواتي يتولين مواقع مهمة، تكون اكبر من السخرية، مقارنة بالمسؤولين الذكور، والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى. في الاغلب السخرية من المسؤول تعبر عن موقف سياسي، او سياسي-اجتماعي، على صلة بعدم الثقة بالحكومات والمجالس النيابية، من حيث المبدأ العام، وهذه السخرية او النقد في حالات ثانية، لا تستثني أحدا، وتشمل الكل، ذكورا وإناثا، في تعبير مباشر، عن الموقف من المؤسسات ذاتها، ومن السياسات ومن الأشخاص أيضا. حالة تصيد الأخطاء واضحة، اذ نكون كلنا في حالة قنص، لأي تصرف خاطئ، او زلة لسان، او حتى اجتهاد، ونادرا ما نجد أحداً يغفر لآخر زلة لسان، او خطأ في موقعه، بل تبدأ الحملات عادة بتعليق او تعليقين، على وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تصير موجة كبرى، ويكون مستحيلا في حالات كثيرة، ان يصمد الصوت المنطقي او العاقل، امام الموجة الكبرى التي تم تصنيعها، وكثيرا ما تكون أسبابها محقة، وليست ظالمة. لكن تحليل التعليقات، ومنسوب الاستهزاء والسخرية، وطريقة النقد، بحق الوزيرات او النائبات او المديرات، تكشف وجها ذكوريا في المجتمع، يعتبر تقريع المرأة أيا كان موقعها السياسي او البرلماني، امرا عاديا في سياقات تطاول المجتمعات الذكورية المشرقية على الاناث أساسا، من ناحية اجتماعية، فيما الخطأ المرتبط بالموقع، يزيد القابلية للنقد او السخرية او الاستهزاء، بطريقة مضاعفة، تؤشر على حالة نفسية لدى الجمهور. يخطئ الوزير فيتم نقده بقوة، وتوبيخه بكل الطرق، لكن الوزيرة حين تخطئ، يتم الحديث عن صبغة لون شعرها، مثلا، او لون اظافرها، وفي حالات يتم طرح أسئلة اذا ما كانت قد غسلت شعرها الذي يبدو دهنيا، ومرات يتم الاستهزاء بطريقة تافهة تمزج النقد السياسي بالاعتداء الشخصي على مظهر الوزيرة او شكلها، او غير ذلك من تفاصيل. حين يخطئ نائب، يتم تقريعه بكل الوسائل، وينال حصته من النقد والسخرية أيضا، لكن حين تخطئ نائبة، تصير القصة مختلفة، اذ فوق نقدها سياسيا، تنال حصتها من مفردات مثل انها "رداحة" او فلتبحث عن زوج لها، او لتتفرغ للطبخ وكنس المنزل، وغير ذلك من تعبيرات. مرارا خلال الأيام الفائتة، وقبل ذلك، تسمع تعليقات كثيرة، ولا ننكر هنا ان هناك وزيرات ونائبات ومسؤولات لم يتم التطرق إليهن، لكن السر في هذا عائد الى تجنبهن الظهور او الحركة، ولو تحركن بشكل إضافي لتم صيدهن بوسائل مختلفة، مع الاعتراف هنا ان كل شخصيات الأردن التاريخية، التي يعتبرها الناس، رمزا، في سابق الزمان، وحتى هذه الأيام، من الذكور فقط، ولا ترى رمزا نسائيا الا ما ندر، لأن الوعي الجمعي، يحذف أساسا أي صورة لسيدة، ويمارس عملية الاحلال لصالح الذكور فقط. ذهنية التشفي والكراهية والنيل من الانسان على المستوى الشخصي، ذهنية سيئة، ولا تؤشر على روح ناقدة، او حتى خفة دم كما يتوهم البعض، بل تؤشر أحيانا على احقاد دفينة لها صلة بالعلاقة التاريخية بين الذكور والاناث، وتثبت أيضا اننا نمارس الانتقائية، فمن نحبه نحميه ونغفر ذنوبه، ومن لا نحبه نجد بكل بساطة أي خطأ للنيل منه، حتى لو كان شخصيا. هذه المطالعة، ليست ضد حرية الرأي او التعبير او النقد كما قد يتصور البعض، لكنها تتعمد الفصل بين النقد السياسي المقبول اذا كان منطقيا وعاقلا، دون اجندات، وبين مزج هذه الحرية بقليل او كثير، من ازدراء المرأة، وتحقيرها، في وعينا الباطني، وهو ازدراء يسمح بمزيد من السخرية المضاعفة، من المسؤول اذا كان انثى، بشكل يختلف عن السخرية من المسؤول اذا كان ذكرا، ولدينا من الأدلة خلال الفترة الماضية، ما يؤكد هذه الحالة، ولا ينفيها. المرأة اذا كانت في موقع مسؤولية، عليها ان تحتمل، وليست مقدسة حتى يتم منع نقدها، لكن بالله عليكم طبقوا نفس المعايير والمفردات التي نطبقها على غيرهن!.اضافة اعلان